صدق أو لا تصدق!!.. صندوق النقد الدولي هو الذي يدعو حكومتنا إلي الرفق بالفقراء.. وتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية لمحدودي الدخل خلال عملية الإصلاح الاقتصادي القادمة.. وذلك طبقاً لما ذكره رئيس بعثة الصندوق لدي إعلان الاتفاق علي "البرنامج الإصلاحي" الذي قدمته الحكومة مقابل الحصول علي قرض ال12 مليار دولار. الموقف يبدو في الظاهر تبديلاً للمواقع.. الحكومة هي التي تتحدث عن "برنامج إصلاحي" يتبني روشتة الصندوق المعروفة منذ سنوات.. بينما يتحدث ممثل الصندوق عن "شبكة الحماية الاجتماعية لمحدودي الدخل".. ذلك المصطلح الأثير.. أو الذي كان أثيراً.. لدي حكوماتنا. وعندما يتحدث ممثل الصندوق عن "الحماية الاجتماعية" نتذكر علي الفور المثل الذي كان أجدادنا يرددونه: "الحداية لا ترمي كتاكيت"!!.. فالصندوق حسب خبرتنا الطويلة معه. لا يرمي كتاكيت.. ولا يهتم بحماية محدودي الدخل.. ونحن لا ننتظر منه ذلك.. هو فقط يقدم "قبلة الحياة" حتي لا نسقط أمواتاً.. لكنه لا يقدم في الروشتة ما يدفعنا إلي النهوض والانطلاق. وتحقيق العدالة الاجماعية. وعدالة توزيع أعباء الإصلاح.. فتلك مهمتنا نحن.. وعزيمتنا نحن.. ورؤيتنا نحن. المفارقة هنا أن روشتة الصندوق المعروفة للجميع لا تمس كبار القوم أبداً.. وإنما تأتي دائماً علي حساب الغلابة.. وتوضع عادة في مصطلحات أنيقة للتعمية علي مدلولاتها الحقيقية التي لا تخرج عن المطالبة برفع الدعم "يقولون ترشيده".. وتعويم الجنيه "يقولون وضع مصر مرن".. وإصلاح المنظومة الضريبية "تطبيق ضريبة القيمة المضافة".. وهذه كلها أساليب وأدوات تؤدي تلقائياً إلي إضافة أعباء ثقيلة علي كاهل محدودي الدخل.. وإزاحة قطاعات عريضة من الطبقة الوسطي المنهكة أصلاً إلي الفئات الأشد فقراً.. ثم يتحدث ممثل الصندوق عن "شبكة للحماية الاجتماعية".. هل ستفاجئنا الحداية وترمي كتاكيت؟!! طبعاً.. لم ولن يتحدث ممثل الصندوق.. أو ممثل الحكومة.. عن "الضرائب التصاعدية المنصوص عليها في الدستور.. ولا عن ضريبة الثروة لمرة واحدة. التي اقترحها رجل الأعمال سميح ساويرس.. ولا عن ضريبة أرباح البورصة.. ولا عن التطبيق الحاسم للحد الأقصي للأجور.. ولا عن استرداد الأموال المهربة للخارج.. ولا عن ملف التهرب الضريبي. والكسب غير المشروع". في الحقيقة.. المواطن المصري البسيط هو من سوف يسدد فواتير الإصلاح الاقتصادي القادمة من مستويات معيشته.. وهو نفسه الذي يطالب بالتبرعات دون أن يحصد في المقابل ثمن تضحياته.. والطبقة الوسطي والفقيرة هي التي ستعاني من الموجات القادمة لارتفاع الأسعار في السلع والخدمات التي يبشر بها خبراء الاقتصاد حالياً. وبرامج الحماية الاجتماعية التي دعا إليها ممثل الصندوق تعني إجراءات وقرارات عملية تخفف معاناة الكادحين. وتقيهم شرور القادم. وتوزع بعدالة أعباء الإصلاح علي الباقين. وتراقب رجال الأعمال والمستثمرين. وتدفع عجلة الإنتاج. وترشد الاستيراد. وتزيد الصادرات. وتعيد تشغيل المصانع المغلقة. وتجفف منابع الفساد.. وتزيد الأجور والمعاشات لتحمي الطبقة الوسطي. التي هي رمانة الميزان في المجتمع. من أي اختلالات.. فهل يهتم الصندوق بذلك.. وهل تهتم الحكومة؟!! لقد طبقت الحكومة شروط صندوق النقد في برنامجها الإصلاحي. حتي من قبل أن تبدأ التفاوض مع ممثلي الصندوق.. فهل يمكن أن تستجيب لطلبه هذه المرة أيضاً بتطبيق برامج جادة وفعالة للحماية الاجتماعية؟!! هل يمكن أن ننتظر "كتاكيت" خلال الأيام القادمة؟!!