علي مدي التاريخ وأهل العلم والفكر يتعرضون للاعتداءات سواء البدنية أو المعنوية بتوجيه اتهامات للنيل منهم ومن الأفكار التي يبثونها بوسطية واعتدال لكنها لا تحظي برضا خوارج العصر أي عصر. كثير من هؤلاء العلماء تعرضوا لاستهداف حياتهم ولعل ما جري للدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق من اطلاق النار عليه أثناء الذهاب لأداء صلاة الجمعة يؤكد الاستهانة بكل القيم والمبادئ.. انتهكوا حرمة بيت من بيوت الله روضة العباد في ساحة رب العالمين أمر بأن ترفع ويذكر فيها اسمه. الإرهابيون يدينون بفكر الخوارج لم يتطرق إلي وجدانهم تلك المعاني السامية التي ترتبط بالمسجد إذ البشر في هذا المكان انما هم ضيوف الرحمن وهل هذا العبث وهذا الفكر الشيطاني يتناسب مع تلك النسمات الطيبة من الرحمن علي هؤلاء الضيوف. كلا وألف كلا. ولعل ما اشار إليه د. علي جمعة حول هذه الجريمة حين قال: اتقتلون رجلا يقول ربي الله نعم انهم يلاحقون هؤلاء الذين يتصدون لأهل الزيف والضلال من خوارج العصر حيث يفندون أفكارهم التكفيرية ويرفضون أساليب القهر والعنف التي يلجأون إليها وكذلك أعمال القتل والتدمير. واشاعة الفكر المتطرف لدي الشباب واقناعهم بأن الجميع كفرة ما عدا من يتبعون فكر الخوارج.. كما أنهم يقومون بتزييف الحقائق وأن المجتمع في مصر علي سبيل المثال كافر ومن يقتل هؤلاء فهو شهيد ويكتب في سجل الشهداء كبرت كلمة تخرج من أفواههم ان يقولون الا كذبا أفكار شيطانية وجرائم هؤلاء ضد ابناء الجيش أبلغ شاهد. لقد انبثق هذا الفكر المتطرف من عباءة الاخوان المسلمين وصار فكر الخوارج الذين اشاعوا الفزع والرعب في مختلف الأوساط هو الأسلوب السائد لدي اتباع هذه الجماعات الإرهابية أهم شيء لديهم هو الوصول للسلطة بأي ثمن ولو علي جثث ودمار الآخرين "اشتروا الضلالة بالهدي" وظنوا ان هذا الأسلوب سوف يرهب العلماء لكن خاب ظنهم فهؤلاء العلماء لن يهابوا هؤلاء ويدركون أن عناية الله تحرسهم حتي وان وقعوا ضحايا لهؤلاء الذين شوهوا الإسلام ومبادئه الوسطية المعتدلة. هم في طريق الحق يتصدون لكل من يشيع التطرف والعنف ولا يخافون إلا الله. وقد خاب مسعاهم حين هاجموا بطلقات النيران الدكتور علي جمعة ومرافقيه في ساحة المسجد في يوم الجمعة وهو العيد الأسبوعي لكل مسلم وبدلا من أن ينشروا البسمة والفرح علي الوجوه اشاعوا الفزع وأثاروا الرعب علي ضيوف الرحمن في يوم العيد الأسبوعي. ما أشبه الليلة بالبارحة.. فقد نجي الله المفتي السابق لكن هناك من راح من العلماء ضحية هؤلاء الإرهابيين ولعلنا جميعا نتذكر حادث فضيلة الشيخ الذهبي "وزير الأوقاف والعالم الجليل فقد سبق أن هاجم هؤلاء وأفكارهم المتطرفة لكنهم أخذوا يترصدونه ويدبرون الحيل والمؤامرات للتخلص منه واهتدي تفكيرهم الشيطاني لخطف الشيخ الذهبي من منزله حيث كونوا عصابة انتحلت صفة رجال المباحث وقاموا بخطفه ونقلوه في سيارة وتخديره واخفائه في احدي الشقق بمنطقة نصر الدين بالهرم وقاموا باطلاق الرصاص عليه وتكشفت جريمتهم الشنعاء واعترفوا بتفاصيلها في صلف وغرور ولم يتورعوا أن يشيروا إلي أنهم اطلقوا الرصاص عليه في عينه اليسري تحت مزاعم كاذبة ورغم ادانة هؤلاء وإعدام رءوس الفتنة المتمثلة في شكري احمد مصطفي وثلاثة من شركائه إلا ان هذا الفكر مازال يعشش في رءوس هؤلاء الخوارج. ورغم استنكار الأزهر وكبار العلماء وأهل الرأي والفكر لهذا العمل الآثم إلا أن الأمر يتطلب وقفة حازمة ضد هذه الجماعات المتطرفة وعقد اللقاءات والندوات مع الشباب في كل المواقع ونشر الفكر الوسطي للدين الإسلامي والتصدي لهؤلاء الذين ينشرون الفكر المتطرف والرد علي كل تساؤلات الشباب بكل رحابة الصدر.. والعمل علي توعية هؤلاء الابناء بخطورة هذا الفكر وبيان مدي تعارضه مع سماحة الإسلام التي تنشر الوسطية بالحكمة والموعظة الحسنة في إطار الآية الكريمة في نهاية سورة النحل "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" ولا شك ان علماءنا لن يهابوا الارهاب وسوف يتصدون لهؤلاء الفاشلين الذين يلجأون إلي القتل للتخلص من هؤلاء الرجال. مسيرة العلم والسماحة لن تتوقف ونؤكد أن الاغتيالات وجرائم القتل إنما هي أسلوب الإرهابيين الفاشلين.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.