في صراحة وبنية صادقة لا تقبل الشك بأي صورة من الصور توجه رجل إلي مجلس رسول الله صلي الله عليه وسلم قائلاً: يا رسول الله: قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك؟ وبكل وضوح قال صلي الله عليه وسلم : "قل آمنت بالله ثم استقم" خمس كلمات تحمل الكثير من المعاني التي يجب أن تظل ماثلة في وجدان أي مسلم.. فالاستقامة هي القاعدة الأساسية في كل التصرفات والتحركات "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون" "29 فصلت" هؤلاء الرجال إذا تحدثوا فالصدق في قول يصدر عنهم. أخلاقهم تفيض بأفضل الصفات يعرضون عن مجالس اللغو وإذا مروا به كان مرور الكرام. المسك قرين لكل ما يصدر عنهم يصدق في جانبهم قول رسول الله صلي الله عليه وسلم : "مثل الجليس الصالح وجليس السوء كبائع المسك ونافخ الكير. فبائع المسك إما أن يجذبك يعطيك وإما أن تشم رائحة طيبة. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تشم رائحة سيئة" هكذا المسلم الصادق مع نفسه دائماً يلتف الناس حوله يستفيدون من الصفات الطيبة سواء الأخلاقية تعاملاته تتسم بصفاء النفس وسماحة تفيض بالحب والحنان لسائر البشر تقوي الله يشعر بها كل من يتعامل معه بلا خداع أو زيف "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد" هذا الصنف من البشر ينطبق في جانبهم قول الله تعالي: "رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار. ليجزيهم الله ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب" النور. الصالحون ينتهزون المناسبات الطيبة ويكثرون من الأعمال الطيبة وشهر الصيام فرصتهم الذهبية لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم : "من صام رمضان إيماناً واحتساباً لوجه الله غفر له ما تقدم من ذنبه".. لا يغيب عن خاطرهم الصدقات وصلة الأرحام ورعاية الأيتام يتطلعون إلي عفو الله في هذه الأيام المباركة "يمينهم لا تعرف ما تنفقه شمالهم".. "فأما من أعطي واتقي وصدق بالحسني فسنيسره لليسري" ينتظرون نظرة من الله في رمضان لأن من أسعده الحظ وشاءت إرادة الله أن يحظي بنظرة من الله فإن جزاءه يكون في أن الله لا يعذبه أبداً وتلك قمة السعادة. ولذلك يضاعفون العمل بإخلاص وصدق ولا يعرف الرياء طريقاً لقلوبهم ودائماً يرددون "وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون" وذلك في محاولة للسيطرة علي كل نوازع الشر التي يحاول الشيطان أن يجذبهم إليها وفي ذات الوقت لا مكان لهواجس النفس البشرية في التقاعس عن العمل أو الإنفاق في سبيل الله الاستقامة هي التي تتحكم في أعمالهم لأنهم يدركون جيداً قول الرسول الكريم: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به". هؤلاء الرجال في عمل دائم يقتدون بالأنبياء لا تغريهم المادة مهما تكن زيادتها في أيديهم يتذكرون نعم الله عليهم يتابعون مسيرة رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم لا يغيب عن وجدانهم قول الله في حق سيدنا داوود وابنه سيدنا سليمان "ولقد آتينا داود وسليمان علماً وقالا الحمد لله الذي فضلنا علي كثير من عباده المؤمنين وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس عُلمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين" وعندما ألهمه الله معرفة ما صدر عن النملة حين قالت للنمل: "يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون" قال معترفاً بفضل الله "رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلي والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين" اعتراف من نبي الله سليمان بفضل الله عليه تواضع ورجاء إلي الله بأن يتقبل منه العمل الصالح. انه نموذج لعباد الله الصالحين. المسلمون الصادقون يفرحون باستقبال شهر الصيام لأن أوله رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النار. وتلك أهم غاية يرجوها أهل الصلاح ولذلك يرددون قبل نهاية شهر شعبان قائلين: "اللهم بلغنا رمضان" والرجاء يملأ قلوبهم بأن يمنحهم الله التوفيق فيقبلون علي الصيام بهمة ونشاط والاقبال علي قراءة القران والإكثار من صالح الأعمال وهذا موسم الصالحين من عباد الله ولا يتركون أي لحظة من أيام الشهر الكريم دون أي عمل يقربهم من رب العباد "يطعمون الطعام علي حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منك جزاء ولا شكوراً".. نسأل الله أن يوفقنا للخير وأن يبلغنا رمضان علي خير.