رمضان شهر ازدهار سوق العديد من المهن التي تتماشي مع حاجة واستهلاك الصائمين.. إلا أن الحال غير الحال هذا العام فالأسعار في ارتفاع والإقبال علي عمليات الشراء أصبح ضعيفاً مما تسبب في حالة ركود لمهن آخذة في الانقراض.. وفي المقابل هناك من خرج عن حيز المحلية إلي الدول العربية والأجنبية للتصدير حتي لا يجابه تغيير حال السوق الاقتصادي بمصر. قامت "المساء" الأسبوعية بجولة في حواري الإسكندرية لرصد المهن الرمضانية الآخذة في الاندثار والمهن الأخري التي تمكنت من الخروج من الحيز الرمضاني لذكاء المتعاملين فيها. ** في البداية كانت جولتنا في عالم فوانيس رمضان الشعبية القديمة للبحث عن الفانوس الزجاجي أبوشمعة وبالرغم من تكدس المحال بالمناطق الشعبية "بالفانوس البلدي" بكافة أحجامه إلا أن حركة البيع تكاد تكون متوقفة والكل سعي لإصلاح "الفانوس القديم" ليكمل به شهر رمضان توفيراً للنفقات. يقول الحاج "علي أبوزيد" بصراحة هذا العام الجو الرمضاني مختلف فالجميع توقف عن طلب فانوس رمضان الزجاجي المعروف سواء المستشفيات الخاصة أو الفنادق الكبري أو قري الساحل الشمالي كما تعودنا كل عام حيث كانوا يأخذون كميات كبيرة. ولكن هذه الأيام الفانوس يباع بالعافية والقادمين لنا من أجل تصليح الفانوس فقط.. الاسعار تبدأ من 12 جنيها لتصل إلي 160 جنيها ولكن لايوجد إقبال حتي علي الفانوس الصيني.. الحالة صعبة علي الناس. وفي شهر رمضان تكون عملية البيع بعد الإفطار خاصة ان الفوانيس تأتي إلينا من القاهرة ولا توجد في الإسكندرية لتصنيع الفانوس البلدي وطبعا الاسعار ارتفعت.. فالنوع التصدير يصل سعره الي 180 جنيها وكان في العام الماضي 110 جنيهات. هذا العام عام "تصليح الفانوس" القديم بدلا من شرائه بمعني "صلح فانوسك القديم" وليس إنسفه. ** أما محمد عبدالله بائع فوانيس بلدي فيقول.. أنا أعمل في الصباح في السكة الحديد وبعد الظهر أقوم بمساعدة صديقي في بيع الفوانيس البلدي التي تلقي اقبالا في منطقتنا الشعبية بالعطارين. والفوانيس لدينا أحجام فهناك الصغير واللارج ويصل ثمنه الي 85 جنيها وإكس لارج وارتفاعه 4 أمتار ب 250 جنيها. وبالطبع الأسعار ارتفعت عن العام الماضي لأن اسعار الخامات زادت "3 أضعاف" فكيلو القصدير زاد من "80 جنيها" وصل الي 250 جنيها والزجاج الذي يتم تلوينه ارتفع من 15 جنيها الي 25 جنيها وبالطبع الفانوس الصيني بوجه العموم يؤثر علي المنتج المحلي بنسبة 45% خاص بألوانه الجذابة.. وبالرغم من ذلك لدينا بضاعة فائض صيني من العام الماضي نحاول بيعها بأي طريقة حتي نعوض خسارتنا. ** وبمنطقة العطارين وقف عم "حسين محمود" أو "حسين عرقسوس" كما يطلقون عليه ينادي بصاجاته النحاس علي "العرقسوس الساقع" ويرتدي ملابس بائع العرقسوس المميزة من صديري وبنطلون أسود واسع ويحمل قدرة العرقسوس المثلجة. .. قال .. أنا عاشق للعرقسوس وورثت المهنة عن والدي وبالرغم من أنه من أبناء محافظة سوهاج الا أنه يحضر كل عام للعمل في بيع العرقسوس في شوارع الإسكندرية خلال الموسم الصيفي لمدة ثلاثة أشهر يستأجر خلالها شقة بمنطقة الورديان بمينا البصل ب 200 جنيه في الشهر أما باقي أيام العام فيعمل بالزراعة بقريته. أضاف.. لي ثلاثة أبناء واحد منهم فقط عاشق لمهنة العرقسوس مثلي والباقي غير مهتمين.. واوضح أنه يقوم بصناعة العرقسوس بنفسه ويتقن صنعته وأن القدرة التي يحملها يصل وزنها الي 70 كيلو جراما وعندما تكون خالية لا تتعدي الأربعة كيلو جرامات. أضاف .. خلال شهر رمضان أبيع العرقسوس في أكياس وأحمل القدرة خالية من العرقسوس كدعاية خاصة أن محال بيع العصائر تبيع العرقسوس في رمضان وكذلك العربات الجائلة التي قضت علي المهنة فأصبح أكل العيش صعبا. وقال .. ان مهنة بائع العرقسوس في طريقها للاندثار لأنها هواية في الأصل وكان في الماضي الناس تنتظر بائع العرقسوس ليمر أمامها سواء في المقاهي أو المحال التجارية ولكن الآن هناك عصائر ومثلجات أخري قضت علي العرقسوس بالرغم من أغلب العاملين في بيعه "صعايدة" ولديهم القدرة علي حمل "قدرة العرقسوس" والإمساك بالصاجات النحاسية باليد الأخري لجذب المشتري وهي مسألة تحتاج إلي تدريب متقن حتي لا تسقط من اليد مع الحمل الثقيل للقدرة. * وفي حارة "أمين" بمنطقة محطة مصر يوجد أشهر "فحام" بالمنطقة وهو الحاج "محمد مرسي" الذي يقوم بتوريد الفحم للمقاهي وحمال الشواء طوال شهر رمضان بخلاف أيام العام بالطبع. الحاج ورث مهنته كفحام أبا عن جد الجد لأن أسرته تعمل في المهنة منذ خمسين عاما ولكن للأسف أولاده ليس لهم علاقة بها وجميعهم في المدارس والكليات. وقال الحاج محمد مرسي إن مستقبل مهنة بيع الفحم في التصدير لان استهلاك السوق المحلي ضعيف ويزيد بعض الشئ في رمضان للإقبال علي محال الشواء أما المقاهي فلا تعمل بالصورة المطلوبة الا بعد أول أسبوع من الشهر الكريم. .. وأوضح أن الفحم أنواع أفضله فحم شجر البرتقال وهو لا يباع سوي بالقاهرة أو يصدر بسعر 60 جنيها للتجوال. أما المتداول في الأسواق فهو شجر "الجوافة" و"التفاح" و"المانجو" المنتشر في الشوارع ذو الأوراق الصغيرة وجميعها سعر واحد وهو "40 جنيها للجوال". ** وفي سوق باب "عمر باشا" يوجد محل الحاج "محمد كنافة" أو "محمد خير" بشارع جانبي من السوق وبالرغم من ذلك فشعبيته كبيرة خاصة بين أصحاب محال الحلوي.. ويقول انا كنفاني أبا عن جد وللأسف أولادي لم يحبوا المهنة وزمان كانت الكنافة يدوي ولكن نتيجة لنقص العامل المدرب وكسل العمال عن العمل بالنهار وهو ما يجعل المنتج قليلاً وتحولنا الي الكنافة الآلي. .. واضاف .. انا اعمل طوال العام في صناعة الكنافة بعد ان فتحت سوقا لنفسي لدي أصحاب محال الحلوي والفنادق اما القطايف لا نقوم بإعدادها بعيدا عن الشهر الكريم سوي مرتين في الأسبوع من أجل صيام الإخوة الاقباط وأيضا من أجل الفنادق والحلوانية حسب الطلب. .. وقال الحال في رمضان مختلف وحركة البيع ضعيفة لأن الجو الحار يؤثر علي العمالة والناس تفضل الإفطار علي العصائر بدلا من الكنافة او القطايف والعامل يعمل من "10 الي 14 ساعة" في اليوم وهو ما يوضح صعوبة المهنة ولاتقل يوميته عن 40 جنيها.