تتجه مئات الملايين من الانظار الليلة وتحديدا في تمام الثامنة و45 دقيقة بتوقيت القاهرة صوب ستاد سان سيرو بمدينة ميلانو الإيطالية لمتابعة النهائي الحلم في دوري أبطال أوروبا أقوي البطولات القارية في العالم الذي يجمع بين قطبي مدينة مدريد النادي الملكي الريال والروخي بلانكوس أتلتيكو. في البداية هذا النهائي مكرر لمباراة نفس الفريقين معاً منذ عامين وتحديداً في عام 2014 بملعب النور بمدينة لشبونة البرتغالية ووقتها فاز الريال بأربعة أهداف مقابل هدف واحد بعد ان امتدت المباراة للوقت الإضافي إثر انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل 1/.1 وكان أتلتيكو مدريد هو الأقرب لمنصة التتويج في هذا النهائي حيث ظل متقدماً منذ الدقيقة 36 من الشوط الأول حتي الدقيقة الأخيرة في الشوط الثاني عندما نجح المدافع راموس في إدراك التعادل لتنقلب الأوضاع رأساً علي عقب حيث تفجر غضب الريال وسجل لاعبوه ثلاثة أهداف في الوقت الإضافي جاريث بيل ومارسيللو ورونالدو علي الترتيب ليحققوا الكأس الغالية وسط حسرة وبكاء نجوم أتلتيكو علي ضياع اللقب الذي لم يحققوه ولا مرة من قبل. لذا فالمواجهة ثأرية بالدرجة الأولي بالنسبة لفريق أتلتيكو ومديره الفني دييجو سيميوني الباحث عن اللقب الأوروبي الذي اقترب منه بشدة في عام 2014 وطار في دقيقة واحدة من بين يديه لينزل من علي منصة التتويج ويتركها مجبرا للريال. وينتظر الجميع الليلة لمعرفة نتيجة النهائي فهل ينجح أتلتيكو في الانتقام ورد الاعتبار والوصول لأول مرة في تاريخه إلي منصة التتويج وينضم لقائمة السجل الذهبي للحائزين علي اللقب أم يتمكن الريال من تأكيد تفوقه مرة جديدة ويحقق اللقب للمرة الحادية عشرة في تاريخه ويواصل الانفراد بصدارة الفائزين ويوسع الفارق مع أقرب منافسيه ميلان الإيطالي إلي خمسة ألقاب وسبعة مع منافسه اللدود برشلونة الذي حقق الكأس خمس مرات حتي الآن. وللحقيقة فان التاريخ يصب في صالح الريال فهو معتاد علي حصد لقب دوري أبطال أوروبا ففي فترة الخمسينيات كانت قمة التألق عندما حقق اللقب الأوروبي أربع مرات أعوام 1956 البطولة الأولي و1957 و1958 و1959 وفي الستينيات مرتين 1960 و1966. وابتعد الريال بعد الفوز ست مرات عن منصة التتويج خلال حقبتي السبعينيات والثمانينيات فلم يحقق أي لقب خلالهما تاركاً الساحة لأندية أخري حيث كانت السيطرة هولندية وألمانية وإنجليزية مع ظهور برتغالي وإيطالي وروماني. وعاد الريال مرة أخري في التسعينيات بالتتويج مرة وحيدة وكانت السابعة عام 1998 ومع بداية الألفية الثانية جاء وصوله للتتويج ثلاث مرات حتي الآن أعوام 2000 و2002 و2014 وهو الآن علي أعتاب المرة الرابعة في الألفية الثانية والحادية عشرة في العموم. لكن ماذا عن أتلتيكو مدريد هذا النادي الذي لا يقل في العراقة عن الريال فهو انشئ عام 1903 أي بعد عام واحد فقط من إنشاء النادي الملكي وهما من نفس المدينة العاصمة الاسبانية مدريد ومع ذلك فالفارق كبير جداً بينهما يميل لصالح الريال بالطبع. ويطارد النحس أتلتيكو مدريد في النهائي الأوروبي لدوري الأبطال فهو وصل مرتين عامي 1974 و2014 وفي المرتين خسر الكأس الأولي أمام بايرن ميونيخ الألماني والثانية أمام مواطنه ريال مدريد. وحقق أتلتيكو الثأر من البايرن وتمكن من اقصاء الماكينات في المربع الذهبي في البطولة الحالية محققاً خطوته الأولي نحو الوصول إلي منصة التتويج ليتبقي أمامه الثأر الثاني من منافسه اللدود الريال ليحقق اللقب الأوروبي المستعصي عليه منذ فترة طويلة. وأتلتيكو مدريد فريق بطولات أيضاً محلياً وأوروبياً فقد حقق لقب الدوري الاسباني عشر مرات آخرها 2014 ومثلها كأس ملك اسبانيا آخرها 2013 والدوري الأوروبي مرتين 2010 و2012 قبل ان يصبح قطباً من أقطاب دوري الأبطال وكأس الأندية الأوروبية أبطال الكئوس مرة وحيدة 1962 والسوبر الأوروبي مرتين 2010 و2012. ومواجهة الليلة هي صراع مثير للغاية بين أصحاب الهجوم الناري في الريال بقيادة النجم البرتغالي رونالدو ورفاقه جاريث بيل وجيمس رودريجيز وجيسي رودريجيز وكريم بنزيمة وملوك الدفاع الصلب في أتلتيكو بقيادة خوان فران ورفاقه دييجو جودين ماريا خمينيز وفيليبي لويس. وسجل الهجوم الملكي في مبارياته الأثني عشر بدوري أبطال أوروبا الحالي حتي الآن 29 هدفاً بينما أحرز أتلتيكو في نفس العدد من اللقاءات 16 هدفاً فقط أي الريال سجل ضعف ما سجله منافسه الليلة تقريباً وتحديداً بأقل من ثلاثة أهداف وبلغت نسبة التهديف للريال 4 2 في كل مباراة مقابل 3 1 لأتلتيكو. ويتفوق الريال دفاعياً أيضاً في دوري الأبطال هذا الموسم فقد اهتزت شباكه أربع مرات فيما منيت شباك أتلتيكو بسبعة أهداف ولكن هناك سبب لذلك ان طريق الروخي بلانكوس نحو بلوغ النهائي شهد مواجهات قوية أمام برشلونة الاسباني الرهيب حامل لقب البطولة الماضية وبايرن ميونيخ الألماني القوي في المربع الذهبي وكليهما سجل هدفين في مرمي أتلتيكو. لكن بالنظر الي مشوار الفريقين معاً في الدوري الاسباني المنتهي مؤخراً والذي حقق لقبه برشلونة تتضح مدي صلابة دفاع أتلتيكو الذي اهتزت شباكه 18 مرة فقط في 38 مباراة مقابل 34 مرة في شباك الريال بينما المقارنة فارقة في الهجوم حيث سجل نجوم الريال 110 أهداف فيما أحرز أتلتيكو 63 هدفاً فقط لذا هو مواجهة فعلية بين هجوم ناري عنيف للنادي الملكي ودفاع صلب قوي للغاية لأتلتيكو مدريد. إذن كيف سيتعامل مدربا الفريقين زين الدين زيدان ريال مدريد ودييجو سيميوني أتلتيكو مدريد مع هذه المباراة المعقدة حسابياً من الناحية الفنية وكيف سيحاول زيدان فك شفرة دفاع المنافس وكيفية تعامل سيميوني لافساد مفعول هجوم الملكي. ينتظر ان يعتمد زيدان في طريقة لعبه علي اختراقات الجانبين من خلال الظهيرين المميزين كارفاخال ومارسيللو لاحداث الخلخلة في دفاعات أتلتيكو لاسيما وان الدخول من العمق لن يكون سهلا بالمرة في ظل التكتل الدفاعي الذي يلعب به أتلتيكو ويؤمن به العمق جيدا. أما سيميوني فهو يعتمد علي الكثرة العددية في خط الوسط باعتبارها خط الدفاع الاول من خلال فرض السيطرة علي مجريات اللعب في هذه المنطقة المحورية من الملعب وافساد هجمات الخصم من بدايتها قبل ان تصل حتي الي منتصف ملعبه من خلال الرباعي ساول نيجويز وفرنانديز اريناس وماتياس فرنانديز وكوكي. ولكن أين يوجد الفارق لدي الفريقين وهو يتمثل للريال في نجمه العالمي رونالدو وقدرته علي خطف اي هدف من اقل من انصاف الفرص أو علي الأقل سحب مدافعي أتلتيكو وإتاحة الفرصة لرفيقيه جاريث بيل وكريم بنزيما او بديله جيسي رودريجيز التحرك بحرية اكثر امام منطقة جزاء المنافس.