اليوم يا سيناء.. يوم عيدك يا له من يوم عيد با لها من فرحة.. ترقص لها القوافي يتلألأ البيان يا لها من نصرة.. تزهو كيوم بدر في خالد الزمان اليوم يا سيناء.. يشرق في السماء هلال نصرنا المبين ويحين في معرض الأيام.. يوم طهرك وخلاصك من أيادي الغاصبين ونجلس في ابتهاج.. نسترجع التاريخ نستلهم العظات ونقص للأجيال.. ملحمة العبور ونحي الذكريات فنحن من صمدنا.. ونحن من صبرنا ونحن من أقسمنا بالله.. أن نعيدك ونحن من حملنا أمانة الجهاد وباسم الله عبرنا.. لنحطم يا سيناء ما استحكم من قيودك وأذكر يا سيناء.. تلكم الأيام شديدة السواد.. ثقيلة الأحزان أذكر الهزيمة.. ومر الانكسار.. وظلمة الحياة حين انتهي المطاف.. بأمر الانسحاب وسكنة الخنادق.. علي شط القناة ذاك ما اعترانا.. بعد 5 يونيو.. عام 67 أذكر يا سيناء.. غيمة الأيام.. وأنت تذكرين وأذكر يا سيناء.. وأنت تذكرين كيف أفقنا.. وانتفضنا.. بالإرادة والعزيمة كيف رفضنا.. في عناد.. أن نسلم بالهزيمة واستعدنا من عراقة مجدنا.. أمجادنا واصطففنا في مواجهة العدا.. كأمة عريقة شاءت لها الأقدار.. أن تمر بمحنة وآزر شعبنا في اللحظة العصيبة جيشنا والبداية أطلقتها حناجر متوثبة.. مستوثقة للشعب والجيش معاً.. والمشاعر صادقة لا صوت منذ الآن يعلو.. فوق صوت المعركة وسارت الأيام يا سيناء بطيئة.. رتيبة ونحن فيها نُعتصر.. بين القنوط والرجاء نخوض حرب الاستنزاف بالتضحية.. وبالفداء فيها أذقنا عدونا كأس المرارة والألم وفيها روينا يا سيناء تراب أرضك بالدماء وكل يوم كان يمضي.. نزداد شوقاً للقتال نرتجي يوماً يجئ.. نبدد الصمت الرهيب وفيه نقتحم القنال.. لنكسر شوكة الأعداء وذات يوم مشرق.. ونحن في شهر الصيام عانقت أسماعنا صوت المؤذن للصلاة فاصطففنا في خشوع عند شاطئ القناة وابتهلنا صادقين.. أن يكون لصبرنا أمد قريب وسألنا الله في عليائه.. أن يستجيب واستجاب ربنا لدعائنا وجاءنا صوت البشير يزف في أسماعنا أن استعدوا يا رجال.. قد حان يوم ثأركم وجاء يومكم المهيب لتصنعوا أمجادكم سوف يأتيكم نهار.. تودعون الإنتظار وتبرؤون.. من عذابات السنين غداً بإذن الله.. تمسوا عابرين وأذكر يا سيناء.. وأنت تذكرين كيف كان عبورنا معزوفة ترددت أصداؤها في العالمين كيف انتفضنا كالفهود والنمور كيف انقضضنا علي العدا بظهيرة كما تنقض علي الفرائس الصقور والله أكبر كالأمواج الهادرة قد أطلقتها حناجر متوقدة.. مستنفرة وكأنها سر السماء مؤازر لجنودنا أو جذوة من نار أوقدت العزائم في الصدور وبالله أكبر.. اقتحمنا عابرين.. مكبرين وكأنما صيحاتنا قد أطلقت عصف المنون فتساقطت قلاعهم.. واستسلمت جموعهم ورفرفت راياتنا خفاقة فوق الحصون وتدافعت أنساقنا ودروعنا صوب العدا فوق الكباري والمعابر.. والمعارك كالسعير المضطرم كنا عليهم ساحقين.. ماحقين.. كأننا رسل الردي أو أننا الطوفان في هوجائه.. أو أننا السيل العرم شعارنا الذي يظلل في الجهاد خطونا إما النصر لمصرنا.. وإما الموت دونه وفي الجنان مآلنا. وفي النهاية يا سيناء.. عدنا إليك مهللين.. مكبرين راياتنا خفاقة علي رباك.. كعهدها عبر السنين وأذكر يا سيناء.. في تلك الذكريات الرفاق الأوفياء.. ذوي الملامح السمراء أصواتهم وعزمهم.. في ملمات الصراع كفاحهم وبأسهم.. في الهجوم وفي الدفاع أذكر الشهيد في جلال الموت.. يحتبس الأنين يفوح من دفق دمائه عطر.. كعطر الياسمين تلك يا سيناء بعض خواطري تتهادي يوم عيدك ذكريات.. عاطرات تملؤ في حبور.. قلبي وناظري أصيغها بحب.. وبصدق مشاعري كي تروي للأجيال.. علي مر السنين ملاحم النضال.. وجيش العابرين في السادس من أكتوبر.. عام .73