1 ضاق صدرا بسكوت الربع عما يسببه لهم الكلب من ضيق. وقال بصوت شُحن غيظا: كيف لكلب أن يتحكم فينا. ويمنعنا من الدخول والخروج!! إنه يحرسنا تذكر هذا.. قالتها امرأة في لباس حداد علي زوجها الذي توفي إثر عضة من الكلب. مما جعله يضرب كفا بكف. ويهز رأسه أسفا وهو يقول: إن كان هذا يرضيكم فلا بأس. وانصرف يجر أقدامه تشيعه أعين تائهة زائغة النظرات. 2 مزق الكلب بنطاله. هاج وتناثر لعابه وهو يقول لأبيه: كيف لنا أن نصبر علي هذا الكلب. وهو يفعل بنا ما يفعله ونحن نطعمه!! إنه كلب الربع كله وليس كلبنا.. لكنهم لا ينطقون! لا نستطيع عمل شئ. ندس له السم في الطعام. صرخ فيه أبوه: إياك أن تسمعني هذا مرة أخري أو تحدث به أحداً حتي نفسك.. لم؟! ستهيج علينا أهل الربع يا حمار. أنا لا أعرف كيف يفكر هؤلاء الناس!! هم كذلك لا يعرفون كيف تفكر. وأشاح بوجهه عنه وانصرف. 3 عجب من حلول الهم والنكد عليه. لا يستطيع أن يؤدي عملا بل لا يستطيع النوم. أيمكن أن يعكر صفوك كلب؟ وقال إن ذبابة حقيرة في وسعها أن تصيبك بالجحيم. وقال أيضا: إن الكلب لم يعد يفرق بين أهل الربع واللصوص.. أووه.. إنه ليهز لهم ذيله حين يلقون إليه بكسرة خبز. فيتركهم يرتعون في الربع في حين يهجم علي أهل الربع ويمزق ثيابهم. ومن عجب أنهم يضحكون.. وقال في جلسة عائلية ضمت بعض أصحاب الأسرة: ما أكثر الكلاب في الحي. فلم الإصرار علي هذا الكلب! قال أبوه بامتعاض ظاهر: عدت ثانية لما نهيتك عنه.. وأردف بعد لحظة أجال فيها نظره علي أصدقاء الأسرة وكأنما يشهدهم علي ما يقول: هذا كلب ألفناه. وألفنا. فهل نأتي بآخر لا ندري عنه شيئا!! مهما يكن. فلن يكون أسوأ من هذا. أنت ولد ضال. لم يجد من الحاضرين مدافعا عنه. أسرع إلي صوان ملابسه يجمعها في حقيبة صغيرة وهو يتمتم: لن أتحمل القعود في ربع يحميه كلب مسعور. قام إليه بعض أفراد أسرته. فنهرهم أبوه قائلاً: دعوه ما دام وجوده يسبب لنا ما لا قبل لنا به. إنه كلب لا أكثر.. قال هذا وحمل حقيبته متجهم الوجه. ضائق الصدر. ينفث غيظا. 4 لم تمر غير لحظة حتي سمع أبوه صراخا يعرفه جيدا. ونظر إلي ذويه نظرة تفيض حزنا وهو يتمتم: هذا ما كنت أخشاه. تمت