عندما قامت مصر بدور الوسيط بين الفصائل الفلسطينية وجمعتهم علي مائدة مفاوضات علي أرضها نالت احترام العالم لأنها حاولت لم شمل الاشقاء وتقريب وجهات النظر بينهم حتي يكونوا علي وئام ووفاق بدلا من التنازع علي السلطة والدخول في مهاترات لا طائل من ورائها سوي التفكك واشعال الفتن بين ابناء الشعب الواحد وتكون النتيجة اعطاء الفرصة لإسرائيل لاستغلال هذه الخلافات وتأجيج الصراع بين الفلسطينيين لتحقيق مآربها الخبيثة بالاستيلاء علي الأراضي وهتك الأعراض وقتل الأبرياء وبناء المستوطنات. نفس الموقف تسير علي نهجه حاليا سلطنة عمان عندما تستضيف الليبيين علي أرضها لكي يتفقوا علي صياغة مشروع الدستور الليبي الذي يمثل إنجازه خطوة بالغة الأهمية في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها ليبيا وهذه سياسة الدبلوماسية العمانية الهادئة التي تسعي لرأب الصدع العربي حيث كانت قد استضافت أيضا من قبل محادثات اليمنيين أكثر من مرة لتقريب وجهات النظر ولكن عناد بعض الأطراف واستقواءها بالخارج وقف حجر عثرة في طريق الوفاق.. وقد لجأ الليبيون لسلطنة عمان لثقة المجتمع الدولي فيها بعد نجاحها في الوساطة لحل الأزمات المستعصية مؤخرا. لذلك تعجبت كثيرا من الهجوم الذي شنته إحدي الصحف علي سلطنة عمان وعلي استضافتها للمفاوضات الليبية والتشكيك في نوايا المجتمعين بأن الدستور الجديد يهدف لتقسيم ليبيا رغم أن هذا الكلام بعيد عن الواقع.. فالجميع يعلم جيدا أن ليبيا لم يكن لها دستور من الأساس والعزلة التي فرضها عليها الرئيس السابق معمر القذافي والكتاب الأخضر الذي وضعه دستورا للبلاد اشتمل علي كل ما يروق له مما أبعدها عن أن تكون دولة مؤسسات بل تنتمي للقطب الأوحد وهو رئيسها الراحل وعائلته وبالتالي فإن الدستور الجديد - إذا تم الاتفاق عليه - يعتبر خطوة نحو بناء ليبيا الحديثة التي تجمع كل الفرقاء تحت مظلة قانونية ودستورية واحدة نتمني أن تؤدي إلي الاستقرار والأمن والسلام.. فالتسامح والحب والوفاق قيم كفيلة لبناء أية أمة وليست النزاعات والصراعات علي مكاسب وهمية زائلة. يجب أن نشجع أية دولة تسعي لجمع الشمل العربي لا أن نشكك في نواياها ونجرح في مساعيها فالله وحده أعلم بالنيات... فالأمة العربية في حاجة لتوحيد الكلمة ورأب الصدع الذي يباعد بينها يوما بعد يوم ويجعلها لقمة سائغة في فم أعداء العروبة. إشارة حمراء تسريبات بنما زلزال هز كل دول العالم تقريبا حيث كشفت تلك الوثائق عن وجود مخالفات مالية وتهرب ضريبي وغسيل أموال ومشاريع وهمية وغيرها من الأفعال المنافية للأخلاق وبدأت تبعاتها تظهر في فتح ملفات تحقيق في عديد من الدول وقيام مظاهرات تطالب بالاطاحة بقيادات ومسئولين متورطين كشفت الوثائق عنهم.. الغريب أن إسرائيل وتركيا خارج قائمة الدول التي فضحتها وثائق بنما وهو ما يجرنا لسؤال برئ.. هل هاتان الدولتان خاليتان من الفساد - وهذا مستحيل - أم أنهما وراء تلك التسريبات لنشر الفوضي في العالم؟