إعلان المستشار بهاء أبوشقة رئيس لجنة إعداد لائحة مجلس النواب عن تمسك اللجنة بالمادة الخاصة بإدراج موازنة مجلس النواب رقماًَ واحداً إعمالاً لمبدأ الفصل بين السلطات كما ذكر.. دفعني لفتح الباب مرة أخري للنقاش مع د.صلاح فوزي عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي وأحد صانعي دستور 2014 حول هذه القضية وقضايا أخري مثارة علي الساحة منها ادعاء البعض بأن الدستور ينص علي عدم حق مجلس النواب في تعديل بيان وبرنامج الحكومة وأن النواب عليهم إما القبول به كما هو أو رفضه.. وهل يمكن إقرار الموازنة العامة التي تقدمت بها الحكومة للنواب قبل منحها الثقة؟! وإلي نص الحوار: 1⁄4 ما تعليق سيادتكم علي ما ذكره المستشار بهاء أبوشقة رئيس لجنة إعداد اللائحة الداخلية لمجلس النواب بأن اللجنة تمسكت بالمادة "404" الخاصة بإدراج موازنة مجلس النواب رقماً واحداً وذلك أعمالاً لمبدأ الفصل بين السلطات كما ذكر؟! ** اسمح لي في البداية أن أوجه التحية والتقدير إلي صحيفة "المساء" التي سبقت الجميع واستبقت ما ذهب إليه مجلس الدولة في ملاحظاته علي مشروع قانون اللائحة الداخلية للنواب وهذا يدل علي الدور المحوري الهام للصحافة والإعلام في التنوير وترشيد القرارات ومشروعاتها فقد سبقت صحيفتكم الجميع عندما انفردت بالاشارة إلي عدم دستورية ادراج الموازنة رقماً واحداً وعدم دستورية عودة الضباط إلي عملهم وعدم دستورية تحديد 30 يوماً للانتهاء من مراجعة القوانين وصياغتها وغيرها.. وحسناً فعلت لجنة إعداد اللائحة بالأخذ ببعض هذه الملاحظات ولكن اصرارها علي عدم الاستجابة للملاحظات الأخري يهدد بعدم دستورية بعض المواد في اللائحة هذه واحدة. أما الثانية فإن موازنات الرقم الواحد نص عليها دستور 2014 لأول مرة مقارنة بالدساتير السابقة التي لم تتناول هذا الموضوع صراحة حيث نص دستور 2014 علي الجهات التي يحق لها ادراج موازنتها رقماً واحداً وهي القوات المسلحة الجهات القضائية "المحكمة الدستورية العليا القضاء الإداري القضاء العادي" الهيئات القضائية وهيئة قضايا الدولة هيئة النيابة الإدارية" ولان الموازنة المدرجة رقم واحد تعد استثناء فإنه لا يجوز بحال من الاحوال أن تكون موازنة أي جهة أخري في الدولة خلاف ما نص عليه الدستور وبالتالي فان النص علي موازنة مجلس النواب في اللائحة الجديدة رقم واحد أمر مخالف للدستور. * ولكن البعض يقول إنها كانت كذلك في اللائحة القديمة؟! ** لأن اللائحة القديمة المعمول بها حتي الآن صدرت في ظل دستور 1971 والذي لم يكن به ترخيص دستوري بادراج الموازنة رقم واحد إلا أنه كان يعتبر اللائحة الداخلية لمجلس الشعب عملاً برلمانياً لا يخضع للرقابة القضائية وبالتالي لم تكن هناك وسيلة لمخاصمة اللائحة ولكن في ظل دستور 2014 فان اللائحة تصدر بقانون وبالتالي تخضع للرقابة علي دستورية القوانين فإذا ما اثير الأمر سيكون الوضع مختلفاً حيث ستكون هناك مخالفة لحكم الدستور. * من له حق الطعن وكيف؟! ** أي شخص صاحب مصلحة وصفة من حقه الطعن بعدم الدستورية ولكن عن طريق 3 وسائل الدفع الإحالة التصدي.. فالجهة الوحيدة التي خصها الدستور أن تقر أن هناك نصاً قانونياً أو لائحياً مخالفا للدستور هي المحكمة الدستورية العليا التي تنطق حكمها من خلال دوائر سباعية.. أما عن كيفية الاتصال بأحكام الدستورية العليا فالباب ليس مفتوحاً للكافة وإنما يجب أن يسير علي 3 مسارات توصلنا للدستورية.. الأول أن يكون هناك شخص صاحب مصلحة أو صفة مقيماً لدعوي أمام القضاء "الإداري أو العادي" ويتضرر من قانون واجب الانطباق عليه فيدفع أمام محكمة الموضوع بان هناك شبهة عدم دستورية فإذا تبين للمحكمة أن الدفع جدي توقف نظر الدعوي وتعطيه تصريحاً بالذهاب إلي الدستورية المسار الثاني أن تساور محكمة الموضوع شكوك حول عدم دستورية نص أو قانون فتحيل الأمر مباشرة للدستورية المسار الثالث أن تتشكك المحكمة الدستورية نفسها وهي تمارس أياً من اختصاصاتها في نص ما فتتصدي له وتحول هذا النص إلي هيئة مفوضي الدستورية وتنظر الأمر. * وماذا عن قول أبوشقة ومجلس النواب بالتمسك بهذه المادة "الرقم الواحد" أعمالاً لمبدأ الفصل بين السلطات؟! ** لا استطيع أن اتفهم ما هي العلاقة بين الموازنة رقم واحد والفصل بين السلطات.. لا توجد أي علاقة.. هذا كلام غير مفهوم ومخالف للدستور.. تماماً مثل عدم موافقة اللجنة علي رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات علي الموازنة.. فالمراقبة كانت جوازية في دستور ..71 لرئيس المجلس أن يطلب من الجهاز المراقبة والمراجعة واختاصاصات الجهاز وردت في قانون الجهاز ولم ترد في دستور ..71 أما في دستور 2014 فقد حددت المادة 219 اختصاصات المحاسبات في الرقابة علي الموازنة العامة والموازنات المستقلة.. ومخالفة ذلك في اللائحة تحمل شبهة عدم الدستورية.. وكان الأولي بلجنة إعداد اللائحة أن تستجيب لهذه الملاحظات التي اشارت إليها "المساء" مثلما استجابت لإلغاء مادة عودة الضباط إلي عملهم بعد انتهاء الفصل التشريعي لاخلالها بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة.. وإلغاء مادة تحديد فترة زمنية 30 يوماً لمراجعة القوانين لانها كما قلنا تؤذي العدالة وبها شبهة عدم دستورية. * أما وقد أصر مجلس النواب علي رأيه.. ورفع اللائحة إلي رئيس الجمهورية لاصدار اللائحة بقانون فهل يملك رئيس الجمهورية حق الاعتراض التوقيعي عليها طبقاً للمادة 123 من الدستور التي تعطيه هذ الحق؟! ** المادة 123 من الدستور اعطت لرئيس الجمهورية حق اصدار القوانين أو الاعتراض عليها فإذا اعترض ورد القانون إلي مجلس النواب خلال 30 يوماً فإن المجلس إذا اقر بأغلبية ال 2/3 اعتبر قانوناًَ ولكن بالنسبة للائحة لا يملك الرئيس حق الاعتراض التوقيعي.. لماذا.. نعود إلي التكييف القانوني للائحة الداخلية للبرلمان فالمادة 118 من الدستور نصت علي أن يضع مجلس النواب لائحته الداخلية لتنظيم العمل فيه وكيفية ممارسة اختصاصاته والمحافظة علي النظام.. وتصدر اللائحة بقانون.. إذن هي لائحة لكن ذات طبيعة خاصة أداة اصدارها القانون وهذا يعزز الرأي الذي قلته سابقاً بأن لا داعي لارسال اللائحة إلي مجلس الدولة.. ولكن لم يستمع أحد.. ومما يعزز رأيي هذا أن اللائحة نفسها أكدت أنها ليست قانوناً.. فالقانون يستطيع أي عضو أن يتقدم باقتراح لتعديله كما نصت المادة 122 من الدستور التي أكدت أن لرئيس الجمهورية ولرئيس مجلس الوزراء ولكل عضو حق التقدم باقتراح قانون أو تعديله.. أما اللائحة فقد تضمنت آلية مغايرة لتعديلها بالنص علي أن يتم التعديل عن طريق هيئة المكتب أو اقتراح 20 عضوا فلو كانت قانونا لكان من حق رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء أو عضو واحد التقدم باقتراح لتعديلها لذلك لا يملك الرئيس حق الاعتراض عليها ويظل البديل الوحيد للطعن عليها هو الدستورية العليا ويظل هذا الشبح مطارداً لها. * ننتقل إلي نقطة أخري حيث خرج علينا البعض مؤخراً بأن الدستور يمنع إجراء أي تعديل علي بيان الحكومة الذي تقدمت به إلي مجلس النواب.. وأن المجلس ليس أمامه سوي القبول بهذا البرنامج ومنح الحكومة الثقة أو رفضه؟! ** هذا كلام خاطيء تماماً وهو نفس الكلام الذي ردده البعض وأدي إلي رفض قانون الخدمة المدنية فلو كانت الحكومة استمعت إلي اقتراحات النواب وعدلت القانون لانتهي الأمر.. ونقول ثانية لا يوجد نص دستوري يمنع تعديل بيان الحكومة ومن حق الاعضاء المناقشة وتقديم الاقتراحات والتشاور مع الحكومة التي إذا رأت أن المقترح المقدم من الأعضاء يمكن تنفيذه يتم الأخذ به.. وهذه هي الحكمة من مناقشة البيان للوصول إلي صيغة توافقية وإلا لما كان من حق اللجنة الخاصة استدعاء الوزراء بل ورئيس الوزراء للمناقشة والمشاورات خلال مدة ال 30 يوما المحددة للتصويت علي منح الثقة للحكومة أم لا. * وماذا عن قيام الحكومة مؤخراً بارسال الموازنة العامة للبرلمان فهل يمكن الموافقة علي الموازنة قبل حصول الحكومة علي ثقة النواب؟! ** الترتيب المنطقي أن تأخذ الحكومة الثقة أولاً قبل الموافقة علي الموازنة العامة واعتمادها.. فالمادة رقم 1 من قانون الموازنة العامة للدولة تناولت تعريف ما يقصد بالموازنة بأنها البرنامج المالي للخطة عن سنة مقبلة لتحقيق أهداف محددة في إطار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وطبقاً للسياسة العامة للدولة.. إذن الموازنة هي التنفيذ المالي للخطة التي هي جزء من برنامج الحكومة.. والحكومة تقدمت بالموازنة للحفاظ علي موعد التقدم الذي نص عليه الدستور بان يتقدم بالموازنة قبل 3 شهور من السنة المالية وميعاد التقدم شيء والموافقة والعمل بها شيء آخر. * وماذا إذا تأخرت موافقة مجلس النواب علي الموازنة العامة؟! ** لا توجد مشكلة فإذا تأخرت موافقة مجلس النواب لما بعد بدء السنة المالية في 1/7 فإنه في هذه الحالة تعمل الدولة علي موازنة العام الماضي لحين إقرار الموازنة الجديدة ويتم الصرف في حدود اعتمادات موازنة السنة المالية السابقة لحين اعتمادها ويصرف شهريا بنسبة 1/12 من السنة وللعلم فاللائحة التنفيذية من قانون الموازنة العامة في المادة "100" ينص علي أنه إذا لم يتم الاعتماد يصدر وزير المالية قراراً بقواعد العمل بموازنة السنة السابقة لحين الاعتماد الجديد.. وبعض دساتير الدول حددت الأمر مباشرة دون تفويض وزير المالية بالصرف 1/12 من السنة.