هناك أصناف من الناس تراهم يأمرون الناس بفعل الخيرات وتنفيذ الكثير من الأمور كالتوسع في فعل الخيرات والأعمال الصالحة والابتعاد عن المعاصي. لكن هؤلاء لا يلتزمون بتلك الأوامر التي يصدرونها للغير. تراهم يقولون ما لايفعلون كبر مقتاً عند الله أن يقول المرء ما لايفعله. وصدق الشاعر القديم إذ يقول: يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم تصف الدواء لذي السقام وذي العنا كيما يصح به وأنت سقيم بنفس الأسلوب يخاطب الله البشر الذين يسلكون هذا الطريق. محذراً إياهم من نسيان أنفسهم وإقبالهم علي هذا السلوك المعيب. رغم أنهم يبدعون في مطالبة الناس بذلك. تراهم علي سبيل المثال يدعون الناس إلي تحري الحلال والابتعاد عن أكل أموال الناس بالباطل ومع ذلك لا يلتزمون بذلك. يكتفون بترديد الأقوال فقط دون إذعان بصدق ما يقولون. يستنكر الحق تبارك وتعالي هذه الأساليب التي تتنافي مع أصحاب العقول وأهل الفكر. ويندد الله بهؤلاء أصحاب الأقوال دون الأفعال فيقول أليس لديك عقول تردعكم عن هذه التصرفات المعيبة: "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون". إنه تقريع وتشنيع علي هؤلاء القوالين ويناشد رب العالمين المؤمنين رحمة ولطفا بهم فيقول: لهم. إذا أردتم الابتعاد عن هذا السلوك المعيب فعليكم التذرع بالصبر واللجوء إلي الصلاة لأن ذلك هو الطريق لأهل الإيمان. وهذه الأمور العظيمة تكبر في عين الذين يؤمنون برب العباد ويمتثلون لأوامره وهم الخاشعون الذين يتقدمون الصفوف ليؤكدوا للناس انهم يقولون ما لايفعلون. فالصبر كما يقول أهل العلم نصف الإيمان والصلاة نور تغرس الفضائل في النفوس وتدحض أباطيل الشيطان الذي يوسوس الناس فينحرفون عن الجادة والعياذ بالله. هذا الصنف من المؤمنين الخاشعين يدركون أنهم لم يوجدوا في هذا الكون عبثا وإنما سوف يرجعون إلي الله يوما ما. فيعملون له ألف حساب فيكبحون جماح النفس البشرية ويمتثلون لأمر الله والانصياع لنور الحق. فيقدرون الأمور حق قدرها. ومن أراد النجاة في الدنيا والآخرة فيجب أن يتحلي بالصدقات الطيبة التي تكسبه أولاً رضا الله ثم ينل رضا البشر. ما أحلي أن يتحلي الإنسان بالقول الطيب مع الفعل الصالح؟!