من المؤكد أن تعيين السفير ريتشارد دوني رئيساً للجامعة الأمريكية بالقاهرة سوف يشغل الحيز الأكبر من اهتمامنا ونقدنا نظراً لسوء الاختيار وخطورته الداهمة علي البلد.. لذلك أتحدث اليوم ثانية عنه بعد مقالي أمس الأول.. أتحدث من ثلاثة منطلقات: * الأول.. تصريح ممثل الحكومة في الجامعة الأمريكية د. عمرو عزت سلامة وزير التعليم العالي الأسبق الذي أكد علي أن الجامعة الأمريكية لا تخضع لسلطة المجلس الأعلي للجامعات الحكومية ولا لقانون الجامعات الخاصة المصرية. وأن رئيس الجامعة علي مدار تاريخها أكاديمي يختاره مجلس الامناء. وأن الجامعة لا دخل لها بالأمور السياسية والدين حيث ينحصر دورها في أنها مؤسسة أكاديمية.. تعليمية وبحثية فقط. * الثاني.. تصريح الدكتور أشرف حاتم أمين عام المجلس الأعلي للجامعات الذي أكد ما قاله الدكتور عمرو وأوضح أن الجامعة الأمريكية تخضع لاتفاقية موقعة بين حكومتي البلدين. * الثالث.. حيثيات قرار اختيار "دوني" وتضمنت أن "الجامعة الأمريكية في المرحلة القادمة والممتدة حتي عام 2019 يمكنها أن تلعب دوراً في تحسين الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية في مصر والمنطقة.. وأن دوني هو الشخصية المؤهلة لقيادة الجامعة في أداء هذا الدور.. فقد تم اختياره بناء علي امكانياته الدبلوماسية الفعالة في مصر ومنطقة الشرق الأوسط..!! بناء علي ذلك.. من حقنا أن نسأل: ہ أولاً.. إذا كانت هذه الجامعة تخضع لاتفاقية.. فمن المنوط به في مصر متابعة هذه الاتفاقية ومدي تنفيذها بشكل سليم؟؟.. نريد تحديد المسئول حتي نستطيع محاسبته. ہ ثانياً.. تولي رئاسة هذه الجامعة في مصر طوال تاريخها 11 رئيساً وكلهم أكاديميون.. فلماذا "دوني" الرئيس رقم 12 ليس أكاديمياً وغير حاصل علي الأستاذية بل دبلوماسي "مشبوه"؟؟ ہ ثالثاً.. الجامعة الأمريكية منذ نشأتها بمصر ينحصر دورها في أنها مؤسسة تعليمية وبحثية.. فلماذا تحولت - وفق حيثيات الاختيار - إلي مؤسسة تلعب دوراً سياسياً واجتماعياً وثقافياً ليس في مصر وحدها بل في الشرق الأوسط كله.. وهل هذا منصوص عليه في اتفاقية إنشائها..؟؟ ہ رابعاً.. "C.V) ريتشارد دوني عادي تعليمياً وفاضح دبلوماسياً.. فهو حاصل فقط علي مؤهل عال وعمل مدرساً في إحدي المدارس الإيرانية بطهران ثم إيطاليا بمنحة من هيئة فولبرايت.. ومنذ التحاقه بالمخابرات المركزية عام 1978 ورئاسة وحدة مكافحة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر. ثم دخوله السلك الدبلوماسي وكوارثه لا تعد ولا تحصي.. ابتداء من دوره البارز في إسقاط العراق إلي نشاطه المشبوه مع منظمات المجتمع المدني عندما كان سفيراً لبلاده في مصر "2005 - 2008".. من ينسي المؤتمر الذي عقده عام 2007 بعنوان "الإعلان المصري لحقوق المواطنة" وجمع فيه أقباط المهجر والبهائيين والقرآنيين وكل معارضي النظام في ذلك الوقت. بالتالي.. فإن السؤال هو: أي صدفة كريهة أن يتم اختيار دوني الآن وهو بهذا التوجه في الوقت الذي يصدر البرلمان الأوروبي توصية بحفظ قضية تمويلات منظمات المجتمع المدني التي كشفتها فايزة أبوالنجا وتحمل رقم "250" والمتهم فيها كل إعلامي الغبرة وبعض الحقوقيين الحنجوريين.. وأي صدفة مقززة تربط بين هذا الاختيار وعودة نعيق بوم وغربان يناير من جديد أمثال حمدين "العاطل" الذي يطالب ببديل مدني وسعد الدين إبراهيم الذي يدعو للمصالحة مع الإخوان..؟؟!! كل هؤلاء هم "عرائس الماريونيت" التي سيلعب بها "دوني" خلال السنوات الثلاث القادمة وع المكشوف كمان بعد إعلان حيثيات اختياره ببجاحة ووقاحة. السؤال الختامي: أين الدولة هنا من هذا الاختيار وضوابطه وحقنا في إقراره أو رفضه وفي كل المتوقع حدوثه علي الأرض مصاحباً لمجيء "مهندس إسقاط الأنظمة" ريتشارد دوني..؟؟