** الحديث عن الإعلام هذه الأيام حديث ذو شجون.. فالساحة الإعلامية وتحديدا ما يجري في القنوات الفضائية الخاصة وما يفعله مذيعو وإعلاميو هذه الفضائيات أصبح يشكل خطرا ليس فقط علي الأمن القومي المصري والعربي وإنما علي سلامة وأمن مصر والوطن العربي معا. أكاد أجزم بأن مهنة "مذيع" أو "مقدم برامج" أو إعلامي فقدت بريقها واحترامها لدي المشاهد بعد أن أصبحت مهنة من لا مهنة له.. أو وسيلة للإرتزاق وتكوين ثروة بالملايين التي يحصل عليها المذيع وفريق العمل الذي يعمل معه وينتقل من قناة إلي أخري.. فيما يشبه "فرق الراقصات والعوالم" التي تتنقل من ملهي إلي آخر أو فرح في حي شعبي عشوائي.. وبقدر ما تتعري الراقصة أو تتلوي ينهال عليها النقوط فإن أغلب مذيعي فضائيات هذه الأيام يسيرون علي هذا النهج "العوالمي" ليس إرضاء للمشاهدين وإنما لإرضاء صاحب القناة وتوجهات من يحركه من خلف الستار سواء شركات الدعاية والإعلان والتي في أغلبها عابرة للقارات أو محترفو غسيل الأموال وبائعو الأوطان. ولعل من يتابع مداخلات العديد من المشاهدين لهذه البرامج وآراءهم فيما يقدم بهذه الفضائيات سيتأكد بما لا يدع مجالا للشك بأن جمهور المشاهدين لهذه البرامج اكتشفوا أنهم وقعوا فريسة لشلة من "الندابين" أو "المخربين" الذين يمسكون بمعاولهم لهدم أخلاق المجتمع وإشاعة عدم الثقة في كل ما يتم إنجازه من مشروعات وتنمية وعمليات البناء التي تتم علي أرض مصر المحروسة.. فالمهم عندهم أن يقبضوا الملايين وينفذوا ما يطلب منهم.. أو يملي عليهم. وبصراحة.. لم تصبني الدهشة أو الاستغراب حينما اطلعني أحد الزملاء الأعزاء المتابعين ل "الفيس بوك" علي حملة لمقاطعة البرامج الحوارية "التوك شو" بالقنوات الفضائية ومقاطعة أغلب مذيعيها ومذيعاتها.. ونشر ما يتقاضاه كل مذيع ومذيعة من ملايين مقابل بث الغم والهم كل ليلة وحرقة دم المشاهدين بدءا من الساعة السادسة مساء وحتي الساعات الأولي من فجر اليوم التالي.. فكل مذيع أصبح عالما وسياسيا وخبيرا استراتيجيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا.. الخ.. يعني بسلامته يفهم في كل حاجة.. وهو في الحقيقة لا يفهم في أي حاجة. ويكفينا قرفا أن نري ونسمع المذيع أو المذيعة يأمر إعداد برنامجه أو فرقته "العوالمية" اطلب لي الوزير الفلاني.. أو هات المحافظ العلاني أو المسئول علي الخط.. والويل كل الويل لمن لا يرد علي تليفون "حضرة المذيع" الباشا المتلمع علي الشاشة. وبصريح العبارة لقد كدت أصاب بلوثة عقلية حينما اطلعني الزميل العزيز "الفيس بوكي" علي قائمة مرتبات بعض مذيعي ومذيعات برامج "التوك شو" وفضائيات رجال الأعمال وغسيل الأموال.. فقد علمت أن يوسف الحسيني يتقاضي "14" مليون جنيه ولميس الحديدي "13" مليون جنيه وخيري رمضان "14" مليونا وعمرو أديب "4" ملايين دولار ووائل الإبراشي "15" مليون جنيه ومحمود سعد وإبراهيم عيسي يتقاضي كل منهما "16" مليونا.. ويأتي في المؤخرة الغلبان أحمد موسي ب "10" ملايين جنيه. حقا.. أنهم غلابة ومساكين.. ويعانون من شظف العيش.. لذلك فإنهم أصحاب حق عندما يتحدثون عن الغلابة والفقراء ومحدودي الدخل من أبناء هذا الشعب والعزف علي أوتار معاناتهم ومشاكلهم.. ومحاولة الظهور بأنهم الشرفاء النبلاء الأطهار.. الباحثون عن تحقيق العدالة الاجتماعية لكل أبناء الشعب.. رغم أنهم تحولوا في سنوات تعد علي أصابع اليد الواحدة من زبائن قهاوي وسط البلد والبحث عمن يدفع ثمن المشاريب إلي أصحاب الملايين.. وسبحان العاطي الوهاب الرزاق. الكرة اليوم في ملعب الحكومة ومجلس النواب للقيام بدورهما في وضع حد للفوضي الإعلامية التي لم تشهدها مصر ولا أي من دول المنطقة.. فالمطلوب ياسادة سرعة إصدار القوانين الخاصة بتنظيم الإعلام وقانون الإعلام الموحد وحرية تداول المعلومات وإنشاء نقابة الإعلاميين.. وإعادة هيكلة ماسبيرو.. وكلها خطوات ضرورية وهامة لإصلاح الإعلام الفضائي والحفاظ علي الوطن الذي يواجه تحديات كبري لا يراها إعلاميو "بالوعات المجاري الفضائية".. ولك الله يامصر و"تحيا مصر".