إسقاط عضوية النائب توفيق عكاشة فجر خلافاً بين خبراء وأساتذة القانون والفقهاء الدستوريين استناداً إلي تفسير المادة "110" من الدستور التي تنص علي أنه لا يجوز إسقاط العضوية عن أحد النواب إلا إذا فقد الثقة والاعتبار أو فقد أحد شروط العضوية التي انتخب علي أساسها أو أخل بواجباتها. ويجب أن يصدر القرار بإسقاط عضوية المجلس بأغلبية ثلثي الأعضاء. د.صلاح فوزي أستاذ القانون الدستوري وعضو لجنة الخمسين لصياغة الدستور يقول إن قرار البرلمان بإسقاط عضوية أحد أعضائه يعد عملاً من أعمال مجلس النواب استناداً للمادة "110" من الدستور التي تمنحه الحق في ذلك إذا أخل النائب بواجبات عضويته أو فقد الثقة والاعتبار. ومن ثم فليس للقضاء بكل درجاته أي اختصاص أو تدخل في ذلك ولا يحق لأي جهة النظر في أمر إسقاط عضوية نائب البرلمان نهائياً ويترتب علي إسقاط العضوية أثر المنع من الترشح خلال الفصل التشريعي ذاته الذي تبلغ مدته 5 سنوات. أضاف "فوزي": أما بخصوص توفيق عكاشة الذي انتزعت منه عضويته لفقده الثقة والاعتبار. فلا يحق له الترشح مرة أخري خلال الفصل التشريعي الحالي الذي شهد إسقاط عضويته بالبرلمان.. أما إذا سقطت العضوية لأي سبب آخر فيحق للعضو الذي أسقطت عنه العضوية التقدم بطلب لرئيس مجلس النواب لإلغاء أثر المنع من الترشح ويكون للبرلمان خياران إما قبول الطلب أو رفضه. أكد د.فوزي أنه بخلو دائرة العضو الذي أسقطت عضويته يتم فتح باب الترشح بتلك الدائرة علي أن تجري الانتخابات علي المقعد الشاغر بالدائرة في مدة لا تتجاوز 60 يوماً من قرار إسقاط عضوية "عكاشة". د.أحمد مهران أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية أكد أن القرار به ثغرات قانونية ودستورية تسمح للعضو المنتزعة عضويته بالطعن أمام محكمة النقض علي صحة قرار إسقاط عضويته.. مشيرا إلي أن إسقاط عضوية أحد النواب قرار إداري وتنظيمي يخضع لرقابة القضاء فيما يتعلق بالحق في الطعن عليه. أضاف أنه لا يحق للعضو المسقطة عضويته الترشح مرة أخري إلا بعد مرور الفصل التشريعي ومدته 5 سنوات إذا كان تم فصله من المجلس بناء علي الإخلال بالثقة والاعتبار. أما أي أمور أخري كما نص الدستور فتعود للمجلس. حيث يتقدم العضو بطلب لإزالة أثر منعه من الترشح وهنا يكون القرار في يد مجلس النواب إما بقبول طلبه أو رفضه والرفض يكون بشكل بات وقد يمنحه ذلك حق اللجوء للقضاء. خالد سليمان المحامي بالدستورية العليا: أطاح المجلس بالإجراءات الدستورية في تطبيق إسقاط العضوية وتعجل رحيل توفيق عكاشة من المجلس. وكان يجب علي البرلمان أن يسمح له بالحضور للدفاع عن نفسه أمام الأعضاء. ومن ثم فهناك قصور في إجراءات فصل العضوية. مما أخل بحكم المادة "110" من الدستور التي حددت أسباباً لفصل النائب إذا ما ارتكبها وحددتها المادة بفقدان الثقة والاعتبار أو فقدان أحد شروط العضوية التي انتخب علي أساسها أو الإخلال بواجباتها. أضاف "سليمان" أن القرار شابه التعجل والتسرع وإن كنت أري أن الأمر لا يستوجب إسقاط العضوية وأنه كان يكفي أن تطبق العقوبة التي أقرتها لجنة التحقيق بمنعه لمدة عام من حضور جلسات مجلس النواب. أشار "سليمان" إلي أن هناك خلافاً حول أحقية "عكاشة" في اللجوء للقضاء وإن كان الدستور واللائحة الداخلية للمجلس يمنعان للعضو المسقطة عضويته من اللجوء للقضاء ولمجلس النواب وحده الحق في الفصل في عضويته سواء بالاستمرار أو الإنهاء. أما عن أحقية "عكاشة" في الترشح مرة أخري.. فالدستور لا يمنح الحق في إعادة الترشح إلا في حالات محددة ليس من بينها فقدان الثقة والاعتبار. والمجلس سيد قراره كما نقول. فهو المختص ببحث طلب العضو قبولاً أو رفضاً. د.رمضان بطيخ الفقيه الدستوري يقول إن ما حدث خروج علي سياق الدستور والقانون الذي ينظم الحقوق والواجبات وهو ما تم الخروج عليه تماماً في إسقاط عضوية توفيق عكاشة مع التأكيد علي أن ما قام به مرفوض شكلاً وموضوعاً. وإن كنت أري أن الأمر لا يستوجب الوصول إلي أقصي درجات العقوبة تحت قبة البرلمان بإسقاط عضويته لكون ما قام به أمراً خطأ من وجهة نظر الرأي العام ومجلس النواب ويستوجب قراراً داخلياً بمنعه من حضور عدد من الجلسات أو توجيه اللوم علي اجتماعه مع السفير الاسرائيلي بالقاهرة دون علم المجلس. لكن إسقاط عضويته لم يكن متوقعاً. خصوصاً أن لجنة التحقيق مع النائب اكتفت بحرمانه مدة تشريعية تصل لعام من حضور جلسات المجلس. إلا أن ثمة أمراً آخر دفع المجلس لعقد جلسة طارئة للتصويت علي إسقاط عضوية "عكاشة" وهو ما تم بالفعل. أضاف "بطيخ" أن من حق "عكاشة" اللجوء للقضاء وتحديداً محكمة النقض للفصل في قرار المجلس بإسقاط عضويته.. حيث جانبه الصواب تحت ضغوط الرأي العام وهجوم الإعلام الرافض لاجتماع توفيق عكاشة مع السفير الإسرائيلي. ويحق لعكاشة رفع دعوي قضائية للفصل بينه وبين مجلس النواب استناداً لقرار لجنة التحقيق معه التي حرمته من حضور الجلسات لمدة عام واحد. وأن الأمر لم يكن يستوجب تغليظ العقوبة لأقصي درجاتها بإسقاط العضو استناداً لإخلال العضو بالثقة والاعتبار وهو ما سيخلق حالة جدل لدور النائب البرلماني في الحياة السياسية. المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق يقول: ما قام به "عكاشة" يستوجب إسقاط عضويته وهو أمر طبيعي رآه البرلمان واجباً لحماية المجلس من نائب ضرب بعرض الحائط كل الواجبات والالتزامات التي يفرضها دوره كنائب برلماني وهو ما خالفه في واقعة لقائه مع السفير الاسرائيلي مما يمثل تهديداً للأمن القومي ومناقشة أمور وتفاصيل لا يحق له التحدث فيها إلا تحت أنظار المجلس. أشار "الجمل" إلي أن ما قام به "عكاشة" استوجب قرار البرلمان نظراً لما مثله من عدوان علي سلطة المجلس ومؤسسات الدولة بأكملها. أضاف "الجمل" أنه يجب خلال مدة لا تتجاوز 60 يوماً من فصل "عكاشة" من البرلمان إجراء الانتخابات في دائرته لاختيار نائب جديد ولا يحق ل "عكاشة" الترشح مرة أخري إلا بعد قرار المحكمة لكون إسقاط العضوية استند إلي الإخلال بالثقة والاعتبار.. بل ويجب مثوله أمام جهات التحقيق في جريمة تصل إلي حد الخيانة وتهديد أمن الدولة وزعزعة استقرارها وهو ما سينتج عنه منعه من السفر والتحقيق معه خلال الفترة القادمة. أضاف: لدي العضو المسقط عضويته الحق في إجراءات التقاضي سواء أمام مجلس الدولة أو محكمة النقض وللقضاء كلمة الفصل في قضية عودته للمجلس وإن كنت أراها مستبعدة. أضاف "الجمل": يشيع البعض الجدل حول قرار إسقاط عضوية عكاشة بناء علي اللائحة القديمة قبل إجراء تعديلاتها وهو ما أراه لا يشكل عواراً دستورياً بل قراراً صحيحاً تماماً. فاللائحة القديمة سارية ويتم العمل بها إلي أن يتم تعديلها.