من يتأمل آيات القرآن الكريم يجد الكثير مما ينير له الطريق ففي سورة البقرة أطول سورة في الكتاب العظيم الكثير من هذه المعالم فقد تناولت أن القرآن الكريم هو المصدر الأساسي للهدي ودعوة الحق نوره يضيء الطريق لكل من تمسك به واتخذ منهجه أسلوب حياة وإن الأمة التي تستظل بهذا النور ترتقي أعلي درجات الحضارة وتمضي علي طريق العلم فتبلغ مكانة تتضاءل دونها أي مكانة أخري. وفي طريق الهداية تشير الآيات إلي أصناف الناس فالمؤمنون كما أشرت آنفا يسري الايمان في قلوبهم فآمنوا بالغيب واليوم الآخر وكل الغيبيات تغلغلت في وجدانهم "إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير" هذا الصنف لا يحيدون عن طريق الهدي ويتضرعون إلي الله أن يوفقهم دائما إلي حكمة التصرف في التفكير والقول والعمل. أما الصنف الآخر فهم المنافقون الذين إذا قيل لهم أمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما فعل السفهاء وكذلك إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض زعموا انهم مصلحون وهناك صنف ثالث وهم الكافرون الذين اشتروا الضلالة بالهدي وتجارة هؤلاء نهايتها الخسارة. ولاشك ان حال المنافقين قد شبهه الحق تبارك وتعالي كمن أوقد نارا لينفع بها بني جنسه لكنها عندما أضاءت ذهب الله بنورها وترك موقدها في ظلمات لا يبصرون معها أي شيء آخر... بصائرهم والعياذ الله خيم عليها الظلام وقد جاء الجزاء من جنس العمل وللمزيد من الايضاح أشارت الآيات إلي أن حال هؤلاء في حديثهم مثل قوم عندما نزل عليهم مطر من السماء يصاحبه رعد وبرق فالخوف الذي امتلأت به قلوبهم جعلهم يضعون أصابعهم في آذانهم في محاولة يائسة حتي لا يسمعوا حدوث تلك الصواعق وزعمهم هداهم إلي ذلك لكي لا يصيبهم أي أذي. حال هؤلاء المنافقين لانهم يمضون خطوات في ضوء هذا البرق ثم عندما ينقطع تشتد الظلمات وبالتالي تزداد حيرتهم وهذا الوصف الدقيق ينطبق تمام الانطباق علي المنافقين يتخبطون في مسيرتهم فلا يدرون علي أي طريق يسيرون وهؤلاء وعدهم الله بالدرك الأسفل من النار. هذه المعالم الفارقة تؤكد دائما ان سيرة المؤمنين تمتاز بالوضوح والتسليم المطلق لله عز وجل والمضي في الطريق الصحيح لا يعرفون الالتواء بأي صورة من الصور مهما نالهم من الأذي "أولئك علي هدي من ربهم وأولئك هم المفلحون".