الجأ إلي الله - عز وجل - عندما تضيق بك الدنيا.. الجأ إلي الله - عزوجل - حينما تبتلي في مالك أو في أهلك أو في ولدك وتأكد أنه لا يفك الكرب إلا الله. ولا يشفي المرضي إلا الله. ولا ينجي الهلكي إلا الله. عندما عم المسلمين القحط وانقطعت الأمطار. وأجدبت الأرض لجأ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلي الله رب العالمين. وحلف ألا يذوق سمنا ولا لحما حتي يكشف الله الكرب عن الأمة. وعطل عمر حد السرقة. فلم يقطع يد السارق لأنه أصبح مضطرا غير باغ ولا عاد وليس في ذلك مخالفة للنص بل هو فهم صحيح للدين خاصة وأن الله - عز وجل - يقول في القرآن العظيم "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه". وكان عمر بن الخطاب في هذا العام الذي سمي "عام الرمادة" كثير البكاء والدعاء والتضرع إلي الله أن ينجي الأمة الإسلامية وكان من دعائه: "اللهم لا تجعل هلاك أمة محمد علي يدي". ويقول سلمان بن يسار: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع الناس في عام الرمادة ليتوجهوا جميعا بالدعاء إلي الله حتي يسقيهم ويسوق إليهم المطر. فقام فيهم خطيبا فقال: "أيها الناس اتقوا الله في أنفسكم وفيما غاب عن الناس من أمركم. فقد ابتليت بكم. وابتليتم بي.. فما أدري السخطة عليّ دونكم أو عليكم دوني. فهلموا فلندع الله يصلح قلوبنا وأن يرحمنا ورفع عمر يده إلي السماء يدعو الله ودعا معه الناس. وبكي عمر وبكي الناس فاستجاب الله دعاءه ونزل المطر فأحيا الأرض وأحيا الناس. وكان عمر - رضي الله عنه - يقدس الأمانة أكثر من حرصه علي حياته.ولم يكن ذلك بالنسبة له فقط. بل كان يمتحن الناس في أماناتهم حتي يستوثق بأن الرعية تشيع بينهم الفضائل والمحامد. يروي أن عمر رضي الله عنه رأي عبدا يرعي غنما خارج المدينة. فأراد عمر أن يمتحن أمانة هذا العبد فقال له: اعطني هذه الشاة وسأعطيك ثمنها. قال العبد: إني مؤتمن. ولو كانت الغنم لي لما بخلت عليك بواحدة منها وأنا مملوك لسيدي فلان وهو صاحب الغنم. فقال له عمر: لا تكن أبله قل لصاحب الغنم: اختطفها الذئب عندما شردت من القطيع وهو لا شك مصدقك. فاستنكر العبد ذلك وقال: يا هذا - وهو لا يعرفه - إذا صدقني سيدي فأين الله الذي لا تخفي عليه خافية؟. أين الرقيب؟ فارتجف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من هول الجواب. وذهب من فوره إلي دار السيد صاحب الغنم وقال له: بعني المملوك وما معه من الغنم. فقال صاحب الغنم: هما لك يا أمير المؤمنين إذ شرفت داري وجاء الراعي فقال له عمر: مرحي مرحي يا أخا العرب.. اجلس هنا بجواري واعلم أنك منذ الساعة حر طليق لوجه الله وهذه الأغنام ملك لك. تعجب الراعي من فعل أمير المؤمنين فلما رأي عمر تعجُب الراعي ودهشته قال له: لا تعجب. لقد قلت آنفا كلمة أنجتك من رق الدنيا. وأرجو الله أن ينجيك من عذاب الآخرة!! وهكذا يتضح لنا أن الدعاء هو أعظم مضاد حيوي للهموم نسأل الله - عز وجل - أن يعلمنا. وأن ينفعنا بما يعلمنا وأن يهدينا إلي طريق الصواب إنه نعم المولي ونعم النصير.