كد علماء الشريعة الإسلامية والقانون أن العقوبة التي حصل عليها الإعلامي إسلام بحيري وهي السجن لمدة عام أقل كثيرا من الجرم الذي ارتكبه في حق مليار ونصف المليار مسلم عندما أساء في برنامجه لعلماء السلف الصالح ووصفهم بأبشع الألفاظ رغم أنهم من رموز الإسلام الذين اجتهدوا وأضاءوا درب المسلمين من بعدهم. يقول د.عبدالفتاح إدريس أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن هذا البرنامج الذي كان يسمي باسم مقدمه من المعروف انه ظل مستمرا لعدة سنوات يعد فيها مقدم البرنامج المشاهدين بأن ينتظروه في حلقات قادمة في كل مرة ليقدم فيها أمرا - من وجهة نظره - في غاية الأهمية وهو أسلوب رخيص في عرض المادة العلمية علي الناس إذا كان ما يقدمه علما وإنما هو وسيلة مبتذلة لجذب المشاهدين نحو برنامجه وترقب موعده.. ولم يكن مقدم البرنامج في كل مرة يصنع شيئا باستثناء تهجمه علي سلف الأمة صحابة وتابعين وتابعيهم إلي الدرجة التي أسقط فيها احترام كتب السلف من نفوس الناس ووصل أمره إلي التشكيك في كتب الصحيح وفي مقدمتها صحيحا البخاري ومسلم. أضاف انه بلغ به التجاوز حد الازدراء من فكر علماء السلف والاستخفاف بمنهجهم في معالجة القضايا الحياتية التي عاصروها لينتهي الأمر به وببرنامجه إلي غرس احتقار أفكار السلف في نفوس الناس وأسقط جهود علماء السلف من حسابه ونقل ذلك إلي عقول وأفئدة المشاهدين. وإذا كان المسلك هو مسلك يؤذي المسلمين في رموزهم وعلمائهم فإن الأكثر إيذاء من ذلك هو صمت المؤسسة الدينية علي استمرار هذا البرنامج الذي يبث سموم الفكر في أوصال المجتمع ويحدث نوعا من البلبلة الفكرية وإحداث الفتنة وزلزلة الثوابت في معتقد الناس حيث لم تتخذ هذه المؤسسة أدني إجراء وهي التي تطمئن دائما بأنها المرجعية الأولي والأخيرة في كل ما يتعلق بأمور الدين الإسلامي شريعة وعقيدة.. وإذا كانت هذه المؤسسة قد صمتت دهرا علي مقدم البرنامج فإنها حين نطقت كان نطقها غاية في العجز الذي لا يبتغي من مثلها فإنها قدمت في شأنه مذكرة للنائب العام شأنها في ذلك شأن كل العجزة في المجتمع الذين لا حيلة لهم إلا الشكوي. قال د.إدريس إن الفكر المنحرف ينبغي أن يقارع بالفكر وهذا منهج الإسلام فإن هذه المؤسسة الدينية التي تدعي أنها تمثل وسطية المنهج والتوحيد وتمثل وسطية الإسلام ماذا صنعت حيال مقارعة فكر مقدم البرنامج بالفكر الصحيح وهذا لم يحدث إلا ما قام به البعض من أساليب الشغب والتهريج بعد تقديم هذه المؤسسة بلاغها إلي النائب العام وهذا أمر غير محمود. أكد ان هذا الحكم قليل علي الجريمة التي ارتكبها مقدم البرنامج لأن العقوبة يجب أن تقدر بعظم الجرم المرتكب والجريمة أحدثت زلزالا في معتقد الناس طوال مدة بث هذا البرنامج الذي استمر فترة طويلة والذي شاهده ملايين المشاهدين.. فالجريمة عظيمة ولا تناسبها العقوبة التي وقعت علي الجانب لأن أمن المجتمع الفكري والعقدي لا يوازي الاعتداء عليه عقوبة سجن لمدة عام حتي ولو كانت مع الشغل والنفاذ فهي عقوبة إذا ما قورنت بعظم الجرم متدنية للغاية. تجرؤ علي ثوابت الأديان أكد د.محمد نجيب عوضين أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية إن التجرؤ علي ثوابت الأديان والاستهزاء بالعلماء والأئمة يدفع العامة إلي الاحتقان نتيجة المساس برموز دينهم وعقيدتهم وخاصة إذا كان هؤلاء ينتفعون ببعض أجهزة الإعلام التي تتيح لهم الظهور ويقولون ما يشاءون دون سماع للرأي الآخر أو اتاحة حوار فكري للرد علي هذه المغالطات في نفس الوسيلة والمساحة.. وكذلك ترتفع المؤسسات الدينية عن الالتفات إلي هؤلاء حتي لا ينالوا الشهرة التي يبحثون عنها إذا جوبهوا بالرد عليهم. عندئذ يتدخل القانون لمواجهة كل من يزدري أو يحتقر الأديان السماوية أو يمس ثوابتها بما يحقق الاخلال بالأمن القومي للوطن وإحداث الفتن وهذه أمور ليست جديدة.. فنحن نتذكر الرجل المتطرف الذي قام منذ عدة سنوات بحرق بعض صفحات الإنجيل ووصفه بأوصاف تؤدي إلي ازدرائه والإساءة إلي من يعتقدونه وهو الآن يمضي عقوبته وراء القضيان. صحيح أننا نقول ان العقوبة الجزائية وإن كانت تحقق الردع والزجر فإنها لا تغني دائما عن فتح باب الحوار ومجابهة الفكر بالفكر فذلك أولي.. أما إذا استعصي هذا الأمر فلابد أن يأخذ القانون مجراه. ولذلك نقول أين هؤلاء الذين يصرخون في الفضائيات الآن بحجة الحريات وإطلاقها وكيف يسجن مفكر علي مجرد فكر يقوله فنقول لهم ماذا فعلتم وأنتم مسلمون في كبح جماح هذا المحتقر للعلماء والأديان وهل نجحتم في ردعه وأين كان دوركم في الدفاع عن دينكم أم أن الأديان كلاما مباح يعبث به كل من يشاء تحت زعم الحرية الفكرية وإطلاق العبث بالمقدسات والثوابت فلعل هذه تكون عبرة لغير المتخصصين أو للمأجورين ليبحثوا لهم عن ملعب آخر يعبثون به كيفما يشاءون بدلا من اشعال النار والفتن في جنبات المجتمع الذي يحتاج إلي الهدوء والاستقرار لإعادة دماء جوانبه بدلا من شغل الناس عن هذا الهدف بمثل ما يفعلون. قال د.عوضين ان هناك نصوصا في الدستور تجرم ازدراء الأديان أو احتقارها أو ما يسمي بالتجديف وقانون العقوبات يترجم هذه النصوص عند توافر شروط وقوعها بالجزاء المناسب. أقل من الجرم يري د.محمد أبوليلة أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر: ان عقوبة السجن لعام واحد لمقدم البرنامج أقل كثيرا من الجرم الذي ارتكبه لأنه استغل الإعلام في تضليل عقول الناس. أضاف انه من السهل علي كثير من الجهلاء هذه الأيام أن يسيئوا للصحابة ورسولهم الكريم حتي ينالوا شهرة من وراء إساءتهم الرخيصة لرموز الدين الإسلامي ونسوا أنهم بجريمتهم هذه أساءوا أيضا لمليار ونصف المليار مسلم وبالتالي نقول لإسلام ان الإسلام منك برئ. قال د.أبوليلة للأسف إن هذا المذيع كان يؤدي مهمة موكولة إليه من أعداء الدين في الداخل والخارج وهذا ناتج من ضعف وازعه الديني لأنه لو كان ايمانه قويا لما تجرأ علي الإساءة للسلف الصالح الذين سوف يظلون رموزا للدين الإسلامي الحنيف رغم أنف المشككين في الثوابت.. وأبدي استياءه من المسئولين عن الإعلام لأنه كان يتمني أن يستبقوا حكم القضاء ويعطوا مساحات لعلماء الأزهر الوسطيين علي نفس فضائية إسلام بحيري ليفندوا آراءه والرد عليه حتي يصلحوا ما أفسده هذا الإعلامي الذي تسبب في خلط المفاهيم لدي كثير من الشباب لدرجة أن كثيرا من الفتيات خلعن حجابهن وتخلين عن معتقداتهن عندما سمعن هذا الرجل لأنه استطاع أن يجذبهن بأقواله المغرضة ويشككهن في ثوابت الدين لأنه استوحي أقواله هذه من الغربيين الذين يتشدقون بالحرية وهم بعيدون عنها ويفهمونها خطأ رغم ان بعض الغربيين من المستشرقين أنصفوا الرسول - صلي الله عليه وسلم - ووضعوه في منزلة عليا احتراما له وللدور الذي لعبه كي يؤسس دولة الإسلام. كما كان يتمني د.أبوليلة أن يتضمن الحكم القضائي إلزام الإعلام بالرد علي تخاريف هذا البحيري بالحكمة والموعظة الحسنة حتي يعود لصوابه ويصحح من أفكاره.