لعلي أعترف ان معظم أو كل الشخصيات التي يتم اختيارها في لجان الهيئات التابعة لوزارة الثقافة. أو في المؤتمرات والمهرجانات الثقافية. أو في الوفود الخارجية.. هي من الأسماء التي تمثل ثقافتنا المعاصرة تمثيلاً صحيحاً. ومشرفاً.. لكن المشكلة التي تشغل مجموع المشتغلين بالعمل الثقافي. هي القواعد التي يتم في ضوئها اختيار البعض. وإهمال الآخرين. نحن لا نعترض.. وإنما فقط نسأل: ما المقاييس التي يستند إليها أسلوب الاختيار؟ حياتنا الثقافية متهمة بالشللية والمجاملة وجبر الخواطر وأسلوب شيلني وأشيلك. قد يكون الاتهام غير صحيح. لكننا للأسف نؤكده. ونعمقه. بالاختيارات الكهنوتية التي لا ندري كيف جرت. ولا بواعثها الحقيقية.. الدعوة توجه إلي الكثير من الأسماء اللامعة للمشاركة في تلك المؤتمرات. سواء بإلقاء المحاضرات. أو المشاركة في الندوات. أو حتي بالوجود الشخصي. بما يعنيه ذلك من إثراء مستهدف لنشاط المؤتمر بعامة. لكن معظم المدعوين من الشخصيات العامة وهذه ظاهرة متكررة يكتفون في كل مؤتمر بالمشاركة السلبية. فهم يظهرون في حفل الافتتاح. ولحظات العودة إلي القاهرة. فضلاً عن مواعيد الطعام وتدبير أماكن الاقامة. أما نشاط المؤتمر نفسه. فذلك ما لا شأن لهم به. جلسات المقاهي في تقديرهم أفضل. وما يدور في قاعة المؤتمر ليس أكثر من مجلبة للصداع. ظاهرة مؤسفة كما تري. ّهؤلاء الذين عزفوا عن الحياة العامة. فهم لا يترددون علي المقاهي. أو القعدات الخاصة. ويرفضون العلاقات العامة والتربيط.. هل يعني بهم شاغلو المواقع الثقافية نفس عنايتهم بالأصدقاء والجلساء والمحاسيب؟ هل تتساوي الفرص؟ وهل يتم الاختيار دون تقيد بمناصب. وصداقات ومجاملات. وتطلع إلي منفعة؟. هل القيمة وحدها هي الفيصل؟ لكن نزيد المسألة وضوحاً. فالملاحظ ان الأسماء المشاركة في معظم المؤتمرات المحلية والدولية. أسماء محدودة. ومحددة. كأنما الساحة الثقافية قد خلت إلا منهم وليس ذلك صحيحاً بطبيعة الحال أو كأن القوائم جاهزة. والاختيار يتم من باب توخي الأسهل. المشارك في مؤتمر دولي علي سبيل المثال لا يمثل نفسه. ولا الجهة التي رشحته.. لكنه يمثل بلاده. والمفروض أن يكون علي مستوي هذا التمثيل. محور المؤتمر كما نعرف محاضرات أو ندوات. تتخللها اقامة للمدعوين إلي المؤتمر. الأصل إذن هو المحاضرة أو الندوة. فتظل القاعة بالتالي منذ بداية المؤتمر إلي نهايته ممتلئة بالحضور. لأنهم قدموا للاستفادة وللمشاركة الحقيقية. بما يضيف إلي الموضوعات التي يناقشها المؤتمر. دعك من أكذوبة استضافة النجوم ليضيفوا إلي المؤتمر.. فالإضافة تأتي بالمشاركة الجدية وبالمداخلات. وليس بالتسكع في الشوارع. أو الجلوس علي المقاهي. واعتبار الأمر مجرد نزهة. لا يشغل النجم منها إلا مواعيد الوجبات. والحجرة المنفردة التي تطل علي الموقع الأفضل! في المقابل. فإن الاحباط لابد أن يتسلل إلي نفوس الذين يتصورون في أنفسهم قدرة علي المشاركة الإيجابية. وعلي الإضافة.. لكن ابتعادهم عن دوائر الصداقة الشخصية. وخلو القوائم الثابتة من أسمائهم. سيجعل الفرصة في المشاركة مستحيلاً جديداً. يضاف إلي العنقاء.. والخل الوفي! أكرر: نحن لا نعترض.. وإنما نكتفي بإلقاء الأسئلة: لماذا؟ وكيف؟ وما قواعد الاختيار؟.