انضمت بريطانيا إلي حرب الضربات الجوية ضد تنظيم داعش في سوريا.. وبدأت طائراتها التورنيدو المتقدمة في قصف مواقع التنظيم وسوف تلحق بها قريبا المانيا.. وسبقتها إلي الحرب فرنساوروسياوأمريكا وكثير من الدول المتحالفة ضد داعش.. أي أن العالم كله يوجه ضرباته الجوية إلي داعش.. وفي المقدمة الدول العظمي التي تمتلك أعتي الأسلحة وأكثرها فتكا.. ومع ذلك يتحدثون عن ان هزيمة داعش بسرعة مشكوك فيها.. وان الضربات الجوية سوف تستمر عامين علي الأقل. أليست هذه مفارقة غريبة؟! القوي العظمي لا تستطيع أن تهزم تنظيما ارهابيا.. ولم تضعفه علي مدي 15 شهرا من الحرب.. بل علي العكس مازال التنظيم قادرا علي الصمود والتمدد ليس في العراقوسوريا فقط وإنما في ليبيا أيضا حيث اتخذ من سرت مسقط رأس القذافي عاصمة له. لقد بدأت الضربات الجوية ضد داعش في سورياوالعراق في أغسطس 2014 ومازالت مستمرة.. كل الدول تجرب احدث اسلحتها وذخيرتها في قصف المواقع التي يفترض انها تابعة للتنظيم دون تأثير.. ما يعني ان الغارات تستهدف - ربما - مواقع خطأ.. لكن المؤكد انها تضرب في مواقع سورية بالمدن والقري.. العالم كله يقصف في سوريا ويدمر في سوريا وداعش لا يتأثر.. كل الدول جاءت إلي سوريا لتضرب داعش وتقضي عليها حسبما تقول.. لكنها في الحقيقة تحارب معركة أخري وتحقق اهدافا أخري. القدر المعروف من الاستراتيجيات غير المعلنة ان أمريكا لا تستهدف كسر داعش علي وجه السرعة وان ذكرت انها سترسل 100 عسكري للقيام بعمليات علي الأرض إلي جانب الغارات الجوية وإنما تريد ان تجعل من داعش فزاعة مستمرة لإرهاب دول المنطقة.. الأعداء والحلفاء علي السواء.. وإعادة تقسيم وترسيم الحدود بما يسمح باقامة دولة سنية في غرب العراق وشمال سوريا ودولة كردية في شمال العراق.. ناهيك عن تطبيع الدور الجديد لإسرائيل كشرطي المنطقة.. ومنحها الحق في ان تدخل أي دولة وتخرج للدفاع عن مصالحها وقد أعلن نتنياهو لأول مرة ان جيش إسرائيل دخل إلي الأراضي السورية للقيام بعدة عمليات عسكرية خاصة.. ومر هذا الاعلان علي الجميع مرور الكرام. روسيا أيضا تعلن عن قصف مواقع داعش والحقيقة ان ضرباتها موجهة بالأساس إلي مواقع المعارضة السورية دفاعا عن نظام بشار الأسد ولضمان استمراره إلي أطول فترة ممكنة.. فهذا النظام هو الذي يوفر لروسيا موطيء قدم استراتيجي في الشرق الأوسط.. وهو حليفها الرئيسي ولن تتخلي عنه حتي لا تفقد القواعد العسكرية والتيسيرات التي تتمتع بها في منطقة شرق البحر المتوسط. أما تركيا فمعروف ان هدفها الأهم في المعركة هو ملاحقة ميلشيات حزب العمال الكردستاني في شمال العراقوسوريا.. وان أعلنت مثل الجميع ان ضرباتها تستهدف داعش.. وقد تفجرت في الفترة الأخيرة قضية شراء تركيا للنفط من الحقول التي يسيطر عليها التنظيم الارهابي بما يوفر له سيولة مالية لشراء السلاح وتجنيد المقاتلين.. وسوف تتكشف خلال الايام القادمة تفاصيل خطيرة في هذا الملف الشائك طبقا لما تتحدث عنه الصحافة العالمية. وعلي هذا النحو تتضح الصورة.. كل الاطراف يحارب بعضها بعضا علي أرض سوريا تحت مسمي الحرب علي داعش.. وهي حرب بالوكالة بامتياز.. كل فريق يضرب اتباع وحلفاء الفريق الآخر.. لكنهم جميعا يضربون اهدافا سورية.. منازل ومدارس ومصانع ومحطات كهرباء وكأن الهدف هو تدمير سوريا لا تدمير داعش. لقد قام التحالف الدولي الذي تقوده امريكا بما يزيد علي 59 ألف طلعة جوية منذ اغسطس 2014 دون اثر واضح علي داعش.. فإذا اضفت إلي ذلك الضربات الروسية.. وضربات داعش.. وضربات المعارضة المسلحة وضربات قوات بشار ادركت مدي الخراب الذي حل علي سوريا وأهلها والذي أعادها عشرات السنين إلي الوراء. انها ليست حربا في سوريا.. بل هي حرب علي سوريا.. سوريا الشعب والوطن والتاريخ والحضارة.