ليلة دافئة شهدها المجلس الأعلي للثقافة أمس الأول في حفل تأبين الكاتب الكبير الراحل جمال الغيطاني. احتشد العديد من الأدباء والكتاب والمثقفين المصريين والعرب للحديث عن الغيطاني وأثره المقيم في الأدب العربي. وكان شعار هذه الليلة إن كل نفس ذائقة الموت. ولكن ليس كل نفس ذائقة المجد.. وقد نال الغيطاني المجد بأعماله وسيرته الإنسانية. الليلة افتتحها الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة مؤكداً أن رحيل الكاتب المبدع جمال الغيطاني الذي أسس جريدة أخبار الأدب والصحافة الأدبية هو بداية ومرحلة جديدة نستطيع أن نري فيها إبداعه مجرداً عن شخصه وحياته الخاصة.وهي مناسبة ليست لتوديع الغيطاني.لأن الغيطاني كان وسيبقي حالة خاصة في الثقافة المصرية والعربية وأحد أعمدتها.كتب القصة القصيرة والرواية والمقال. صحفي متميز.مخلص في مصريته ووطنيته مدافعاً عنها حتي النفس الأخير. خاض الكثير من معاركه جسوراً قادراً أن يعبر عن رأيه بصراحة وشجاعة. نموذج لمثقف كبير وعربي جاء لهذه الحياة لا يملك سوي عصاميته و جهده وموهبته مثل كافة المبدعين في مصر والوطن العربي. رحمه الله ودام لنا ابداعه ودامت الثقافة العربية بالغيطاني وبكل السابقين والحاليين. وطالب د. أبوالفضل بدران الأمين العام للمجلس. الحضور بالوقوف دقيقة حدادا علي روح الغيطاني الذي أثري مصر الحبيبة بكتاباته ومؤلفاته العظيمة. مؤكداً أن كل أطياف مصر والعالم العربي جاءوا ليودعواحبيباً راح. كل يعزي فيه صاحبه. كل يلوذ بصبر لا يوأتيه. لم يكن الغيطاني أديباً فقط .بل أمة يعرف لهذا الوطن جماله وخصوصيته. آثرأن يتكلم بلسان أهله وقومه و أدبه ووطنه.انحاز لصوت نفسه والحق في أشد حالات هذا الوطن. مشيراً لذكرياته مع الغيطاني في ألمانيا وكيف أنه فوجئ بأن أحد المستشرقين كان يحفظ رواية الزيني بركات للغيطاني. لدرجة أن الغيطاني لم يحفظ تلك الرواية.وهذا يدل علي علو صوت كتاباته. لم يكن الغيطاني يتكلم عن أدبه فقط. بل كان يحكي عن مصر وهموم الوطن.وكان له الفضل في إنقاذ نصر حامد أبوزيد والافراج عنه. الاسم الحركي جيمي ووصفت ماجدة ابنة الغيطاني الصغري والدها الراحل بأنه الأب العطوف والسند والحماية والبطولة والحنون. كما وصفت عطاءه بالشلال الذي يفيض بالحب. وكانت تناديه بالاسم الحركي جيمي وكان يناديها بالحبوب.وكانت ترد عليه يا أرق من النسمة يا أرق من الملك.كان الغيطاني حكاء.وأحاديثه مع ابنته صامتة صارخة وعلاقتها به كما وصفتها ابنته من الروح للروح. مشيرة إلي أنها تعتبر نفسها وريثته الوحيدة في المواقف الحاسمة والدماغ الصعيدي. كان يعشق الموسيقي العربية والمغربية والتركية والفارسية. وقالت انها تري وجوده بوجود حي الجمالية والحسين والقاهرة التي عشقها. وأن الغيطاني كون وليس كيانا وهذا الكون بأعماله وأدبه. ووجهت الكاتبة ماجدة الجندي زوجة الراحل الشكر للشعب الذي أحتضنهم. وقالت ان الغيطاني أحب مصر لأنه عرفها وعندما نقل الينا الوطنية عبر الجيش المصري كان امتداداً لفكرة المعرفة.تعلمنا كيف نحب مصر. كان نموذجاً لقيمة من جد وجد. كان يعتز بتكريمه في مصر رغم تكريمه في كثير من دول العالم.كان يري أن المؤسسة العسكرية ليس لها نظير وسوف يكون جميلها تاجاً فوق رؤوسنا. وأضاف الكاتب يوسف القعيد أن ابنته أهدت اليه فرحة عمره عندما أنجبت ابنها مالك. كانت سعادته بلا حدود وقال ان ابنته كانت تسجل له حواديت وحكاياته لحفيده. متمنياً أن تنشر قريباً. أكد اسماعيل الغيطاني شقيق الأديب الراحل أن جمال كان مثلهم الأعلي في أشياء كثيرة وقد تعلم منه الكثير والكثير وانه عطوف ويشعر بالمسئولية مع والدهم. فهو شخصية قوية حريص علي أسرته رغم مشاغله. وعزاؤنا الوحيد أنه حي بأعماله وأخلاقه. وتحدث الشاعرسيد حجاب عن ذكرياته مع الغيطاني في بداية حياتهما معاً منذ 50 عاماً. وقال عرفت جمال عام 1964 وتشاركنا في العمل السياسي وأُعتقلنا في عام 1966وفي هذه الفترة كان واضحاً من هو جمال بمواقفه السياسية والأدبية. معتزا بأصوله الصعيدية وانتمائه للناس. اختار أن يوظف معرفته للانسانية.وتم تجنيده بالجيش 67 إلا أنه خرج من الخدمة بسبب سابقة اعتقاله وكان حزيناً.وفي النكسة اشتعلت روح المقاومة وعمل الغيطاني مراسلاً عسكرياً للأخبار.ظل يعمل لحساب الشعب المصري والجيش المصري والدولة المصرية لآخر عُمره. حدوتة مصرية وقال الكاتب مكرم محمد أحمد إن جمال الغيطاني حدوتة مصرية وأنه عنوان هذا الجيل الصحيح الصادق المُحب لوطنه. كاتب متنوع الأسلوب والموضوع. مؤكدا أن الغيطاني كان يمكن أن يكون أحد الحائزين علي جائزة نوبل لولا القدر. هو من دروب الجمالية قفز ليصل إلي العالمية بكتاباته الرائعة. كتب في قضايا الثقافة والآثار الإسلامية وأضاء لنا دروباً ما كان يمكن أن نصل اليها. جمال الغيطاني كان ملتصقا بنبض الشارع المصري. كما أوصي مكرم وزير الثقافة بضرورة إقامة مكتبة للغيطاني بحي الجمالية. أشار الكاتب ياسر رزق رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأخبار إلي الجانب الانساني عن الغيطاني الذي عرفه من خلال والده فتحي رزق منذ 41 عاماً مسترسلاً في حديثه عن ذكريات الغيطاني عن حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر. فالغيطاني مزيج بين التاريخ والحاضر. وقال الكاتب طارق طاهر رئيس تحرير أخبار الأدب إن الغيطاني رجل حمانا ونحن ضعفاء ونحن أنا وزملائي سنحافظ عليه وعلي سيرته مثلما حافظ علينا. مشيراً لذكرياته مع الغيطاني الاستاذ خلال عمله بجريدة أخبارالأدب. مؤكدا أننا جزء الآن من سيرة هذا الرجل الذي لن يرحل عنا. أشار الانبا بسنتي اسقف حلوان والمعصرة الي أن جمال الغيطاني هو قيمة مصرية ووطنية عالية فهو شديد الوطنية تجاه مصر.كان يعد نفسه للدخول في الأبدية والخلود. وأعماله تكشف عن قيمته وإيمانه.فلا بد ان نشكر ربنا لانه يعطينا شخصيات نتعلم منها ونستزيد بها. وتحدثت الكاتبة سلوي بكر عن أن هذا العام فقدنا اعزاء وأدباء منهم فؤاد قنديل وجمال الغيطاني والأبنودي ومحمد ناجي و ابتهال سالم ورضوي عاشور. بالفعل هذة السنة كئيبة علي الأدب في مصر.اخيرا قاربت علي الانتهاء. جمال الغيطاني هو بصمة وعلامة ليست في مصر.ولكن في الأدب العربي كله. واتخذ طريقا في الكتابة الإبداعية والروائية هو موسوعة أدبية وهو من قدم القاهرة مثلما لم يقدمها أحد غيره وهو أيضا محسوس وملموس لكل من تعامل معه. وأعاد قراءة التاريخ.هوامتداد لكل من أحب مصر وكتب عنها متمنية من المجلس أن يعقد مؤتمراً يليق بأدب الغيطاني. وقال الشاعر محمد ابراهيم ابوسنة: لقد جسدت ابنة الغيطاني طبيعة هذه الشخصية النادرة بكلمات بسيطة لكنها عميقة. وأنه نموذج فني عصامي واعجبت به لانه شخص بسيط تعلم تعليما متوسطا.لكنه القي بطموحه وسط العمالقة. فاجأني بأعماله الروائية العظيمة.وقد استطاع أن يصل من القاع إلي القمة.كما استطاع أن ينفرد بأسلوبه وشخصيته وابتكر لغة فريدة من نوعها جمعت بين المعاصرة والتراث. وأضاف د.صلاح فضل أن كل نفس ذائقة الموت. لكن ليست كل نفس ذائقة المجد. لقد ذاق المجد في حياته في هذه القاعة توج بأعلي جائزه تمنحها مصر. فكرة التواضع وأشارالشاعر شعبان يوسف إلي أن الغيطاني هو عدد كبير من العناوين يصعب الاحاطة بها بدءا من فكرة التواضع. عاني كثيراً من المعوقات في الحياة. تحولت كتاباته الي مرجعيات. قادر علي تحقيق العدالة. وقال الكاتب المغربي احمد المديني ان الغيطاني كان عاشقاً للمغرب وسفيراً لها بدون أن يحتاج الي تفويض. والمكتبة المغربية ممتلئة بكل كتاباته وأدبه. لقد كان جمال ومازال من الحضور في المغرب العربي وإضافة شامخة في مدونة السرد. كما قال الكاتب الليبي احمد ابراهيم الفقيه ان الغيطاني مصري عربي بامتياز واستوعب مفردات المجتمع المصري الماضي والحاضر. وأكدت الكاتبة السعودية أمينة زاهد إن الغيطاني لم يرحل إلا بجسده ولكن سيظل دوماًالحاضر الغائب بأعماله وأدبه. وقال د.حسين حموده أن الغيطاني سيظل أشبه بماسة صلبة تخفي بداخله رقة ما. وقام النمنم ود. بدران وزوجة الراحل وابنته بافتتاح معرض لإصدارات الكتب عن الكاتب جمال الغيطاني من الهيئة المصرية العامة للكتاب.والهيئه العامة لقصور الثقافة بالإضافة الي اصدارات المجلس الأعلي للثقافة.