في عدد ¢المساء¢يوم الجمعة الماضي طرحت الزميلة أماني إبراهيم قضية إلغاء الطلاق الغيابي من خلال صفحة المرأة التي تقدمها كل جمعة.. منوهة إلي أن هذه القضية ستكون ضمن تعديلات ال 15 مادة في قانون الأحوال الشخصية تطالب بها المنظمات النسائية.. وسوف تتقدم بها إلي البرلمان القادم لإقرارها. والطلاق الغيابي المقصود هنا هو ذلك الطلاق الذي يتخذ الزوج قراره منفردا في غياب الزوجة التي تفاجأ ذات يوم بمحضر من المحكمة يطرق عليها الباب ويسلمها ورقة الطلاق الذي لا تعلم عنه شيئا فتسقط علي الأرض.. مثلما نشاهد في الأفلام والمسلسلات.. وقد قالت زميلتنا في ذلك: ¢لا شك ان الطلاق الغيابي يعد كابوسا مزعجا للمرأة ويثير مشاكل كثيرة إذا حدث دون توثيق ودون أن تعلم به الزوجة لفترة طويلة... وتزداد المشكلة إذا كان الزوج يريد أن ينتقم من زوجته ويتلاعب بها ويظلمها¢. وأعترف بأنني لست ملما بما فيه الكفاية بالإطار القانوني الذي يسوغ وقوع الطلاق الغيابي.. وأري أنه - فعلا - صورة غير إنسانية وغير حضارية.. ويجب علاجها بما لا يتصادم مع جوهر الشريعة الإسلامية الغراء علي قاعدة ¢لا ضرر ولا ضرار¢.. فالزواج الذي تم اتفاقا وبرضا وقبول من الطرفين وبشهادة الشهود يجب ألا يفسخ بكلمة شفوية من طرف واحد منفرد ليفاجأ به الطرف الآخر كأننا نسخر منه ونعتبر أن وجوده كالعدم. الطلاق يجب أن يكون مثل الزواج في العلن وموثقاً وبحضور الأطراف المعنية.. خصوصا الزوجة أو من توكله.. والشهود.. حتي لا يكون هناك أدني تلاعب في حدود الله وحقوق الزوج والزوجة والأولاد.. وبالذات في هذه الأيام التي خربت فيها الذمم وماتت الضمائر وضعف الوازع الديني. ثم ان الطلاق المعلن بالشهود والموثق لا يحمي حق الزوجة فقط وإنما يحمي حق الزوج أيضا.. فإذا كان هناك أزواج مفترون لا يتقون الله فهناك أيضا زوجات مفتريات وحموات مفتريات لا يتقين الله.. لذلك لابد أن يكون القانون واضحا ومحددا لحقوق كل طرف.. ولابد أن يتضمن الآليات والوسائل الناجحة لحماية الحقوق وتنفيذها حتي لا تدوخ الزوجة وتشعر بالقهر ولا يدوخ الزوج من أجل أن يحصل علي حقوقه. وفي هذا الإطار أود أن أطرح قضية لها علاقة بالموضوع نفسه.. وهي عدم الاعتداد بالطلاق الشفوي من الأساس أيا كانت صيغته.. ولا بطلاق الأيمان التي يلوكها الناس ليلا ونهارا.. ويجعلون مستقبل الأسرة ومستقبل الزوجة معلقا بلسان غالبا ما يكون منفلتا لا يرعي حرمة ولا يحفظ حقا.. الطلاق يجب ألا يقع إلا في حضور الزوجة والمأذون والشهود وفي جلسة محددة لذلك ويوثق في الدفاتر الرسمية.. فلا يقع في لحظة غضب.. ولا يقع بيمين يطلقه لسان منفلت في مواضيع لا علاقة لها بالزوجة ولا بالأسرة.. بالضبط مثلما لا يقع طلاق المكره. وهذا الأمر يحتاج تجديدا في الفقه الإسلامي وشجاعة لدي المؤسسة الدينية ¢الأزهر والإفتاء¢ لكي توضع الحدود الفاصلة.. ولا يظن أحد أن المقصود هو تجاوز الشريعة أو الافتئات علي حقوق الزوج التي كفلها الشرع الحنيف لضمان استقرار الأسرة واستمرارها لا لتدمير الأسرة والاستهتار بها. بقي أن نفتح صدورنا في كل هذه القضايا للأصوات الأخري.. وبالذات الأصوات المعارضة.. التي ربما تحمل وجهات نظر مغايرة لها وجاهتها.. وقد يكون لديها ما لا نعرفه.. وبذلك نضمن أن التعديلات في هذا الشأن سوف تأتي بعد نقاش حقيقي واسع ومفتوح للجميع.. ولا تعبر عن اتجاه واحد يدور حول مطالب المنظمات النسائية.. فالحق ليس ملكا لأحد.. كلنا نجتهد.. وكلنا نخطئ ونصيب.