"ما تقفش عند بداية الحواديت" ديوان جديد للشاعر مسعود شومان صدر مؤخرا ضمن سلسلة "كتاب المرسم الإبداعي" وهو عبارة عن قصيدة واحدة طويلة تعد بمثابة "جدارية" نحتها شومان بأدوات وخبرات شاعر احتوي ميراث العامية واستوعب صنوف أداءاته وإشكاله وجمالياته وتمرس علي الكتابة فيه ونقده أيضا وهو ما يتجلي بقوة في هذا الديوان الذي يجمع فيه شومان بين الذاتي والموضوعي في ضفيرة واحدة كثيفة وطويلة فيتواشج فيه الشجن الذي يشف عن أوجاع الذات المشخصنة الدفينة والنبرة الانتقادية الحادة لذات أخري اجتماعية مع سخرية من أوضاع وصور تتراوح ما بين هاتين الذاتين فتصيب أبعادا اجتماعية وسياسية وثقافية كذلك تتنوع "العجائن" والأساليب اللغوية والصياغية في الديوان فتعثر فيه علي عامية أهل القاهرة ووعيها الكتابي وشعرها الحديث متواشجا مع أشكال وصيغ مختلفة من الأداءات الشعبية والصيغة الموروثة بخمائرها الشفاهية وتردداتها علي المستويات الأعمق من الذات الجمعية الأمر الذي يدفع قاريء الديوان لأن يستجيب جماليا لتنبيه الشاعر له أن "ما تقفش عند بداية الحواديت" فيواصل هذا القاريء تلمس الجدارية مأخوذا بهذا الثراء الجمالي. وربما لا يستطيع هذا القاريء التوقف عن القراءة بإرادته حيث تنتفي من الديوان -أو تكاد- محطات الوصول التي يمكن التوق فعندها لالتقاط الأنفاس والراحة فالشاعر ينفتح بإيقاعاته وموسيقاه علي فضاء تتوالد فيه الصور بلا انقطاع كما يمضي الزمن بلا توقف كأنما يترجم الشاعر عنوان ديوانه إلي فعل موسيقي ولغوي "أيقوني" لا يتوقف بدوره عند بداية الحواديت ليس رغبة في الوصول إلي نهايات ما بل توق إلي ملامسة التفاصيل ذاتها في سعي محموم لتحرير الذات الفردية والاجتماعية معا وهو ما يتجلي أكثر في الإيقاع الهادر والنفس الطويل والانتقالات الدائمة بين اللحظات والمشاهد بين الزمان والمكان والصيغ.