ماذا حدث لماسبيرو؟ وكيف انطفأ بريقه وتراجعت ريادته وغاب تدريجياً عن المنافسة الإعلامية؟ وما هي أبرز الحلول ليستعيد مكانته علي الساحتين المصرية والعربية؟ أسئلة كثيرة باتت تطرح نفسها بقوة بعد أن سيطرت الفضائيات الخاصة علي أذهان وعقول المشاهدين حتي أصبحوا فريسة سهلة لمضامين خارجة يحفل بها الإعلام الخاص بقنواته المتعددة. "المساء الأسبوعية" فتحت ملف ماسبيرو وناقشت أبناءه وقياداته السابقة والحالية في كيفية النهوض به خاصة في ظل الخطط المطروحة حالياً لتحويل الاتحاد إلي هيئة اقتصادية مستقلة لتحسين أوضاعه المالية. * د.سامي الشريف الأستاذ بكلية الإعلام والرئيس الأسبق لاتحاد الإذاعة والتليفزيون قال: الإذاعة والتليفزيون في مصر كانت هي المدرسة التي تخرَّج فيها الإعلاميون الذين شغلوا لفترات طويلة الشاشات في القنوات الخاصة والعربية. ولكن للأسف تعرض ماسبيرو لحالة من الضعف والارتباك شيئاً فشيئاً بسبب عدة عوامل أبرزها تخمة هذا الجهاز بأعداد كبيرة من الموظفين غير المؤهلين إضافة إلي زيادة عدد القنوات التليفزيونية التي تتخطي 23 قناة. وجميعها تستمد ميزانيتها من الدولة. بخلاف انتشار المحسوبية والوساطة الأمر الذي دفع بعناصر مؤهلة لتولي بعض مناصب ماسبيرو. علاوة علي المنافسة الشرسة من القنوات الخاصة التي استقطبت العديد من أبناء ماسبيرو المتميزين للعمل في قنواتها. وعن أسرع الحلول للنهوض بماسبيرو قال الشريف: ماسبيرو لا يحتاج الكثير وعودته للريادة والمنافسة لا تحتاج سوي إلي توفير المناخ بعدة خطوات أولها تقليل عدد القنوات الرسمية التي تنفق عليها الدولة وهو ما سينعكس بالتأكيد علي جودة المنتج الإعلامي المقدم وقدرته علي المنافسة. وهذا يتمثل في تشكيل منظومة قيادية جديدة تعيد تشكيل القنوات المتاحة بحيث تصبح الدولة في النهاية مسئولة فقط عن ثلاث قنوات إذاعية وثلاث أخري تليفزيونية. علي أن يتم بحث آليات جديدة للاستفادة من العاملين في القنوات الأخري غير المفعَّلة. كذلك لابد من التدريب المستمر والمتواصل داخل قطاعات الإذاعة والتليفزيون المختلفة للارتقاء بشكل ومضمون المحتوي المقدم والذي سيساعد علي عودة الطيور المهاجرة من أبناء الإذاعة والتليفزيون ممن انتقلوا للعمل في القنوات الخاصة. واختتم حديثه قائلاً: إن ماسبيرو يحتاج للإدارة القوية التي تتسم فيها صفات القيادة الجادة بصرف النظر عما إذا كانت تلك القيادة من أبناء ماسبيرو أو من خارجه فالمهم الآن هو أن يقود الجهاز من يستطيع استثمار الإمكانات والطاقات والمؤهلات الموجودة بداخله والعمل في إطارها لتحقيق الأهداف التي تسعي إليها الدولة. الضبط والربط * عبدالرحمن رشاد رئيس الإذاعة الأسبق قال: قدمت من قبل ورقة استشرافية عاجلة للنهوض بماسبيرو من أجل استغلال الإمكانيات البشرية والهندسية والجهات البرامجية وغيرها. ولكن الحقيقة أن مسبيرو يحتاج الآن وفوراً للضبط والربط سواء البرامجي أو المالي أو الإداري. وأعتقد أنه بمجرد استعادة هذا الضبط عبر إدارة رشيدة سنتمكن من استثمار الموارد البشرية والإمكانيات التراثية المتمثلة في مكتبتي الإذاعة والتليفزيون النادرتين واستثمار الإمكانات الهندسية. بخلاف وقف إهدار ساعات الإرسال وتكوين مجموعات عمل يومية لمتابعة الأحداث. كذلك تنظيم العمل وتحديد المهام والوظائف داخل ماسبيرو. وأيضاً استقطاب أبناء ماسبيرو المهاجرين الذين رحلوا لقنوات أخري أمر حتمي ومطلوب. أضاف: ماسبيرو لا تنقصه الموارد وينقصه فقط القيادة الواعية للقضاء علي الفوضي المنتشرة داخله وفق رؤية سياسية وبرامجية متكاملة لتحقيق أهداف الشعب المصري الذي يمتلك هذا الجهاز. * نجوي أبو النجا رئيس قطاع القنوات المتخصصة الأسبق قالت: المشكلة الرئيسية في ماسبيرو مادية إلي درجة كبيرة فمذيعو التليفزيون الرسمي ومقدمو برامج الإذاعة علي اختلاف قنواتهم يمتلكون المؤهلات الجيدة للظهور ومخاطبة المشاهد. سواء من حيث اللباقة أو الثقافة وكيفية إدارة الحوار وهذا ليس تحيزاً ولكنها الحقيقة. لكنهم يحتاجون فقط لضخ الأموال اللازمة لتعزيز مؤهلاتهم سواء من حيث المظهر أو الديكورات أو الإعداد. أشارت إلي أن التليفزيون الرسمي مازال مدققاً في اختياراته واختباراته بشأن قبول المذيعين الجدد الذين يضع لهم شروطاً قاسية ويمرون باختبارات عديدة ومتتالية في مجالات مختلفة كاللغة واللباقة وأسلوب الحوار وغيرها من أجل انتقاء الأفضل منهم للظهور علي الشاشة أو الجلوس أمام المكروفون ومخاطبة المواطن. * علي مبارك رئيس قناة النيل للأخبار السابق قال: ريادة التليفزيون المصري لم تنطفيء أو يزول بريقها ولكن المشكلة الحالية في ضرورة توفير الدعم المادي الكافي الذي يساعد القطاعات المختلفة سواء الإخبارية أو غيرها علي تقديم مضمون جديد متنوع قادر علي المنافسة وجذب المشاهدين والمعلنين علي حد سواء. أضاف أنه لا بديل عن الإعلام الرسمي خاصة في بعض الموضوعات التي لها طبيعة وطنية أو قومية. مشيراً إلي أن قناة النيل للأخبار لن تتنازل عن شعار مواكبة الأحداث والتواجد في قلب الحدث وهي متطلبات مهمة للحفاظ علي الريادة. * هند لطفي رئيس إذاعة الشرق الأوسط قالت: المنافسة والتواجد في عالم اليوم بقنواته المتعددة وتكنولوجياته الواسعة أصبحت أمراً مهماً لجميع القنوات الإذاعية والتليفزيونية الرسمية لأن التجاهل والاستمرار علي نفس الوتيرة يعني أننا سنفقد الجمهور. وأعتقد أن هناك العديد من الحلول اللازمة لإعادة ترتيب الأوراق واستعادة الجمهور مرة أخري تتمثل أولاً في المضمون المقدم. بأن يكون الإعلام إعلام الشعب بالدفاع عن مصالحه وأولوياته في مواجهة الحروب الإعلامية وأن يساند المشروعات الوطنية وأن يتناول كل القضايا بمنتهي الموضوعية والحياد وأن يهتم بمضمون البرامج بعادات وتقاليد وقيم الشعب المصري الملهمة للعالم كله.