ضاقت الدنيا وكاد اليأس يطحنني بين ضروسه.. حتي أوشكت علي مرحلة فكرت فيها التخلص من حياتي أملاً في الراحة أنا من أسرة بسيطة الحال جداً.. عائلتي تتكون من ثلاثة أفراد أنا ووالدتي وأخي الطالب والذي يصغرني بعامين.. هكذا أصبحت أنا عائلهم الوحيد بعد وفاة والدي.. إلي جانب مرتب والدتي الحكومي.. والذي لا يكفينا ويعد دخلي غير ثابت ولا يوجد أملاك أو أي شيء نستند عليه. وفي هذا الزمن يا سيدتي لا ينفع قريب أو غريب.. المهم سترنا الله وتخرجت منذ عامين وعملت بالتدريس في مدرسة ثانوي.. ونظراً لظروفنا الصعبة لم.. نكن مثل الآخرين من أقراننا ولم يكن في مقدورنا الاختلاط أو الترويح عن النفس تربيتنا صارمة اتسمنا بالجدية.. خاصة في التعليم.. والتعامل مع الجنس الآخر.. فلم تسمح الظروف حتي بأن نحب نظراً لظروفنا.. والتربية الأسرية السليمة دينيا والواقعية فلم نختلط بالأقارب من البنات والبنين أيضاً وتطبعت بعادة ربما تكون غريبة في هذا الزمن وهي الصراحة.. وضعت كل همومي في تحقيق عيشة كريمة وكان ينتابني الخوف من الوقوع في الحب ليس لأنني كائن منزه بل لأنه لا يتناسب مع حالي وظروفي الأسرية.. لذا تعاملت مع كل الفتيات علي أنهن أخواتي.. زميلة كانت أو طالبة.. رسمت لنفسي هدفا وهو تحقيق مستقبل به شيء من الحماية من مصاعب الحياة ومر الأيام إلي أن قابلتها.. اختلف شعوري.. تبدل.. وجدتني أميل إليها.. أمامها سقطت كل المحاذير خاصة مع وجود فكر مشترك وطباع تقرب بيننا فلها معظم صفاتي الجادة علاوة علي شغفها بالعلم.. لذا لم أحاول الابتعاد عنها..تركت نفسي لهذا الشعور الطاغي وتبادلنا النقاش في بعض الأمور الخاصة فيما يتعلق بالمواد العلمية.. وشتي أمور الحياة.. إلي أن وجدت حبها متغلغلاً بداخلي.. ملأت علي حياتي.. وكأن لادنيا قد صفت حين وهبتها لي.. غير أنني سريعاً ما أفقت لنفسي لوجود فارق كبير بيننا يحول دون أن احتفظ بهذا الملاك في حياتي.. كما ذكرت لك سالفاً أنني من أسرة بسيطة قوامها الستر والاجتهاد والعمل.. أما هي فمن أسرة ميسورة الحال بها مسئولون كبار.. وأقارب ذوو مراكز ذات أهمية.. فماذا أفعل وأنا لا أملك إلا شهادتي وطموحي العلمي!! علمت أن قصتي قد حكم عليها بالفشل منذ ولادتها.. فمن ذا الذي سيعترف بحبي لها.. وقد علمت أنها رفضت أكثر من عريس هي وأسرتها لطموحها في دخول كلية الطب.. إلا أن خطابها كثيرون لدماثة خلقها وجمالها المبهر واتزانها رغم صغر سنها فهي في بداية مشوارها التعليمي.. إلا أنني خائف فإلي متي ستظل ترفض لأجلي.. وماذا لو وافق أهلها علي أي خاطب يرونه مناسباً لها خاصة أن طبيعة الأرياف تختلف عن المدن أي أن رأي البنت لا يهم ولا تستطيع أن تعترض علي رأي الأسرة.. في كل هذه الأحوال.. أجدني عاجزاً مكتوف الأيدي.. لا أملك إلا حبها الشديد ولكنني لا أستطيع التحدث معها بشيء مما يجول بخاطري.. فمعظم كلامنا مغلف بالاحترام والحياء.. لذا فأنا بحاجة إلي ما يسمونه "ضربة حظ".. أو خاتم سليمان ليخرجنا من حالة اليأس تلك.. أنني أعيش في أوهام وخيالات وأحياناً أصدقها.. فلا أملك إلا الكلام.. حبيبتي أمامي وأنا عاجز عن التقدم خطوة تجاهها.. صرت مهموماً.. كثير الفكر.. مشتتاً.. أحبها ولا أتخيل حياتي بدونها.. من هنا أستغيث بكم وعلي وجه السرعة.. أملاً في إيجاد الحل الشافي لمشكلتي.. وأن تنقذيني من الدمار والضياع الذي أعيشه.. وأخشي أن يتم ارتباطها بغيري.. أقسم لك سوف أقتل نفسي فوراً.. فهو الحل الوحيد لاستحالة نسيانها؟ ** عزيزي: وصفت حالك يا صديقي.. وحال العديد من شباب مثلك أنت وأخيك ممن تصهرهم الحياة في معركتها وتعيد صياغتهم رجالاً أقوياء صامدين.. صابرين.. وفي حالتك كنت نعم العون لوالدتك وأخيك فلم تبخل بجهدك عليهما.. أما عن تربيتك الصارمة المستقيمة والبعيدة عن اللهو... هكذا يجب أن يكون الرجال.. وما تراه من شباب عابث ينهل من متع الحياة دون أن يفكر في واجباته.. فمثل هؤلاء لهم الله فهم غالباً لا يتحملون المسئولية وإذا ما صاروا أزواجاً وآباء وكل ما كلفوا به.. وقد اختلف زمننا الآن فهو زمن جهاد من أجل كل شيء.. القد فضلت أن أبدأ بما أنهيت به رسالتك لأنه مفزع حقاً.. أن يبني الإنسان بناء جميلاً وقبل أن يصل للمسات الأخيرة يعمل فيه بمعول الهدم والتخريب. لقد أحببت.. هذا حقك.. ولا ينكره عليك أحد.. لم تفكر وأنت في بداية المشوار بعدم التكافؤ الذي بينكما من فارق السن والمستوي المادي والاجتماعي.. وهذا خطأ كبير بالإضافة ولكونها صغيرة السن.. وهنا تجاوز لكل الخطوط الحمراء فاستحللت النظرات الدافئة التي وجهتها إليها وهي بنت الخمسة عشر عاماً في بداية المراهقة.. كيف تفكر في حسم الأمر مع طفلة.. وبعيداً عن النصيحة الأولي التي يجب أن أوجهها إليك وهي أن تترك الفتاة الصغيرة حتي تنضج.. دون التأثير علي مشاعرها.. أقول لك لماذا لا تتقدم لأهلها فقد تكون المفاجأة بالموافقة عليك فكم من عائلات كبيرة ثرية قبلت لبناتها برجال أقل في المستوي المادي.. مرحبين بالمستوي الخلقي والعلمي وحسن التربية والأسرة الطيبة فالأب يريد دائماً أن يطمئن علي ابنته في كنف رجل يعرف حدود الله فإن أحبها أكرمها.. وان كرهها لا يظلمها.. وان جاء الرفض فعليك بالابتعاد عن الفتاة.. حتي لا تضر بسمعتها وأنت رجل ريفي وتعلم تأثير هذا علي مستقبلها.. وأرجو عندما تفكر في الزواج أن تبحث عمن تناسبك في كل شيء السن.. الثقافة.. المستوي الاجتماعي.. حتي تشعر أنك وإياها تقفان علي قدم واحد.. وأرض صلبة غير مائلة لا تمثيل بكما في رحلة الحياة.. أما عن أحلامك وخيالاتك بخاتم سليمان.. وضربات الحظ زنهما يا صديقي لا يصنعون الحياة.. فمن خلال خبراتي أستطيع القول بل والجزم بأنه لا لذة إلا فيما تتعب لكسبه فأنت وقتها تشعر وكأنك المارد نفسه وكم تكون سعادتك وأنت تلبي لأفراد أسرتك طلباتهم صغيرة كانت أو كبيرة.. هناك همسة أخري في أذنك قد يكون خيالك هو من صور لك أنك تحبها هذا الحب الجنوني.. لأنك حرمت نفسك فترة طويلة التفكير في الجنس الآخر وعندما وقع نظرك علي جمالها المبهر.. تمنيتها وألقيت بكل مقاومتك وراء ظهرك لتحقيق هذه الرغبة ان كان هذا أو ذاك.. أراك في حاجة لتعقل والحذر فلا تسيء إلي نفسك خاصة إذا تقدمت لأهلها ورفضوك فعليك بالصبر كما عودت نفسك ودربتها.. والعودة إلي الله وقبول قضائه.