المطالب الفئوية التي عادت للظهور من جديد تمثل تهديدا لاستقرار الأوضاع في مصر.. عادت من جديد نغمة البحث عن المزايا والعلاوات والحوافز وزيادة المرتبات دون أي مراعاة لمصلحة العمل وتأدية ما علي الجميع من واجبات والأمثلة علي ذلك عديدة آخرها موقف موظفي الجمارك والضرائب من قانون الخدمة المدنية ومطالبات المهندسين والمعلمين والتهديد بالاعتصام وحتي أمناء الشرطة احتجزوا مفتش الداخلية بالزقازيق في الشرقية. الخبراء ورجال السياسة أكدوا ان معظم المطالب يقف وراءها مؤامرات داخلية وخارجية محذرين من الأيادي التي تتحرك في الخفاء لمحاولة هز الاستقرار في مصر التي يجب ان تتمسك بدولة القانون ولا تخضع لأي ابتزاز. اضافوا ان هذه المطالب معظمها "مسيس" لاحداث تواترت قبل انتخابات البرلمان طمعا من بعض القوي السياسية في استغلال الموقف لحصد مقاعد البرلمان. قالوا ان موازنة الدولة لا تتحمل أي زيادات حتي لو كانت مشروعة بعد أن تضاعفت المرتبات خلال 4 سنوات أكثر من 3 مرات خاصة وانه لا يتم اتباع الطرق القانونية للمطالب بالحقوق وهناك آراء أخري تري ان مطالب المواطنين تدخل في باب الحقوق الاجتماعية والاقتصادية بالدستور وان الاستجابة لها لا يمس بهيبة الدولة. * محمد نبوي عضو اللجنة المركزية لحركة تمرد والمتحدث الرسمي يؤكد ان هناك اشخاصاً استمرار حياتهم أو "أكل عيشهم" بالبلدي مرهون بوجود حالة اللادولة وعدم الاستقرار وإعادة عقارب الساعة إلي الوراء والعودة بنا إلي ما قبل 30 يونيو ولهذا فكل المطالب الفئوية التي ظهرت مؤخرا مرفوضة سياسيا وشعبيا فرغم ان القيادة السياسة تنصت لجميع الأصوات وآخرها عندما تم تعديل قانون الإرهاب بعد مطالب الصحفيين الا اننا في نفس الوقت يجب ان يكون هناك خط فاصل بين مرحلة الفوضي وحرية الرأي فالوطن في مرحلة غير نمطية تحتاج إلي قرارات علي نفس المستوي لأننا نؤسس لمصلحة الوطن ككل. اضاف ان المعترضين علي قانون الخدمة المدنية لا يستوعبون انه سيكون عبئا علي الدولة لأنه يؤسس لزيادة في الأجور علي المدي الطويل وفي نفس الوقت يضمن ان يحصل الموظف علي كافة حقوقه إذا ما أدي عليه من واجبات وفي نفس الوقت يتناسون ان أكثر من 40% من المعينين في وظائف حكومية العمل ليس في حاجة لهم بل ان الكثير من هذه التعيينات شابها الفساد لأن القائمين علي الأمور في أوقات سابقة لم يكن هدفهم بناء الدولة بل خدمة المعارض والأصدقاء وهو ما أدي في النهاية إلي انهيار العديد من المؤسسات. قال بغض النظر عن الأسباب التي تقف وراء هذه المطالب الفئوية الا انه يجب الا ننسي ان هناك من ينفذ اجندات أو مؤامرات تسعي الا تقف مصر علي قدميها ولا تتقدم للأمام وتعود لاحتلال مكانتها في المنطقة وتظل محلك سر بعد ان ايقنت هذه القوي ان مصر تسير في طريقها الصحيح لبناء مؤسساتها فهناك دول وأجهزة في المنطقة لا تألو جهدا لهز الاستقرار في مصر ويجب ان نكون علي قناعة ان جزءا كبيرا مما نتعرض له من مؤامرات بعد ثورة 25 يناير نصفها يتم في الداخل والنصف الآخر في الخارج. اضاف ان كل هذه المحاولات لن تؤثر علي استقرار مصر فالدولة تسير في طريقها للبناء فمصر دولة قانون لن تخضع لأصحاب الصوت العالي ومن له وجهة نظر في أي تشريع أمامه القضاء الإداري ليحصل علي ما يراه صحيحا لا ان يلجأ للتظاهر والمطالب الفئوية التي تفتح الباب للإرهابيين للاندساس فيها وارتكاب جرائمهم وعليهم ان يعوا ان البلد لا تحتمل مثل هذه الأفعال فنحن في مرحلة بناء وطن وليس هدمه. مرحلة دقيقة * مارجريت عازز عضو مجلس الشعب سابقا ونائب رئيس المجلس القومي للمرأة تؤكد ان التظاهر والمطالبة بالحقوق حق من حقوق الإنسان ولكننا يجب ان ندرك جميعا ان مصر في وضع لا يحتمل أي هزات من خلال التظاهر والمطالب والوقفات الاحتجاجية فنحن نعيش في مرحلة دقيقة بعد ثورتين وانهيار اقتصادي غير مسبوق ومن ثم نحن في أشد الحاجة إلي "لملمة" انفسنا والعودة بمصر إلي ما تستحقه من مكانة. اضافت ان المطالبين بمطالب فئوية أو لديهم اعتراضات علي قانون ما كان عليهم ان ينتظروا البرلمان القادم ليطالبوا بما يرونه من المؤسسة المنوط بها التشريع ولديها قدرة أكبر علي صياغة التشريعات ويمكن ساعتها ان يتم التعديل أو حتي الغاء القانون بأكمله فالمجلس القادم سوف يأتي بناء علي اختيارات شعبية حقيقية وبالتالي لن يوافق الا علي ما سيكون في صالح المواطن. أكدت ان الاجهزة الحكومية تتحمل جزءاً من هذه الأزمة حيث يجب ان يكون لدينا مسئولون يتميزون بالحنكة السياسية يشرحون للمواطنين الحقائق ويوضحون لهم ان كل شيء قابل للتعديل فهو ليس تشريعا سماويا ويوضحون لهم ما تتعرض له مصر من مؤامرات وآلاعيب لضرب الاستقرار بها في مقتل. اشارت إلي أن هناك أيادي تتحرك في الخفاء لهز الاستقرار والدلائل علي ذلك كثيرة فهناك بعض منظمات المجتمع المدني التي لها اجندات تختلف عن اجندة الوطن وعلينا ان ننتبه لذلك ولا نتركهم يستغلون احتياجات المواطن وخوفه علي مصدر رزقه لتضليله ونقدم له رسائل التطمين المطلوبة لأنه ساعتها سيكون أول من يقف في وجه من يريدون استغلال الأمور. شرعية أكبر * شحاتة محمد شحاتة مدير المركز المصري للنزاهة والشفافية يؤكد ان مطالب أي فئة تمثل من وجهة نظرهم مطالب ملحة وضرورية ونحن قد نشارك في جزء من ذلك ولكن ليس هذا أبدا وقتها بل علي هؤلاء أن ينتظروا حتي انتخاب برلمان جديد وهذا لن يتأخر كثيرا وساعتها سيكون عرض المشكلة أفضل وستأخذ القوانين وقتها في الدراسة ومن ثم يكون للقانون شرعية أكبر وعلي كل المعترضين ان يدركوا ان البرلمان الجديد لن يبدأ عمله الا بعد دراسة القوانين التي صدرت في غيابه وساعتها يمكن ان يراجع القانون ويدرس اعتراضاتهم ويصل بشأنها إلي رأي نهائي. اضاف ان هناك مؤشراً واضحاً يؤكد ان هذه المطالب الفئوية لا تمثل مطالب حقيقية وان الأمر تم "تسييسه" لاحداث قلاقل وتوترات في هذا الوقت الحساس وهو ان الذين أثاروا المشكلة من الفئات التي تحصل علي مرتبات مرتفعة للغاية بينما المحليات علي سبيل المثال الذين تعتبر مرتباتهم أقل مرتبات في الدولة لم تصدر عنهم أي اعتراضات أو مشاكل حيث استغلت بعض الجهات خوف العاملين بالضرائب والجمارك من تأثر مرتباتهم وهذا بالمناسبة لن يحدث بل سيكون له ضوابط فقط وقاموا بحضهم علي صناعة المشاكل. أوضح ان القراءة الجيدة لقانون الخدمة المدنية تؤكد انه جيد جدا حيث جعل الترقيات حسب الكفاءة وتقارير الاداء ورسم للموظف ايضا كيفية الاعتراض علي أي تقرير أي انه يخالف الحقيقة من خلال اللجوء للجنة الثلاثية والقانون بصفة عامة يجعل من سياسة الثواب والعقاب هي المحفزة للعمل في ظل وجود ما يقرب من 7 ملايين موظف حكومي في الدولة ورغم ذلك فالمواطن لا يحصل علي الخدمات بشكل يرضيه. أكد ان التعبير عن الرأي في هذا الوقت الحساس لا يجب ان يكون بالتظاهر فهناك وسائل أخري أكثر ملاءمة مثل المؤتمرات والندوات وورش العمل وحتي اللجوء للصحافة ووسائل الاعلام حيث لا يوجد حجر علي عرض أي رأي. ضعف الدولة * د.طارق زيدان مؤسس ورئيس حزب الثورة المصرية يؤكد ان المطالب الفئوية منذ قيام ثورة 25 يناير والاستجابة لها بدون ضابط أو رابط بسبب ضعف الدولة في بعض الفترات كبدت ميزانية الدولة خسائر لا حصر لها دون داعي وكانت احد اسباب عجز الموازنة العامة التي نعاني منها حتي الآن حيث ان الدولة كانت تحاول ارضاء الموظفين والاستجابة لمطالبهم حتي لو لم تكن غير ملحة. اضاف اننا نعيش مرحلة اصلاح حقيقي في جميع المجالات والرئيس يقتحم مناطق شائكة ويحاول حل مشاكل مصر حلا حقيقيا وليس مؤقتا ولا يرحل المشاكل إلي من يأتي بعده ومن ثم يجب ان يتحمل الجميع ضريبة الإصلاح حتي لو كانت تحملهم بعض الأعباء والآن ليس وقت المطالب وحتي لو كانت القوانين محل الاعتراض تتضمن بعض جوانب القصور فيجب ان ننتظر مجلس الشعب القادم ليناقش الأمر بكامل تفاصيله ويعبر الجميع عن رأيه لا ان نستغل مرحلة ما قبل الانتخابات لكي نفتعل المشاكل التي تعرقل المسيرة والاصلاح الذي يجري علي أرض مصر. أشار إلي انه إذا كانت هناك تخوفات من جانب البعض من تراجع مرتباتهم وهذا غير حقيقي فعليهم ان يتذكروا ان هناك مواطنين يضحون بحياتهم ونساء ترملت واطفال تيتمت وشباب يستشهد وليس منطقيا في ظل هذه الظروف ان نجد من يثير المشاكل. حذر القوي السياسية ان تستغل هذه المطالب الفئوية وتتخذ مواقف انتهازية طمعا في البرلمان ومقاعده فالكل يجب ان يتوحد خلف موقف وطني واحد وهو رفض المطالب الفئوية فإذا كان حق التظاهر السلمي منصوص عليه في الدستور فهناك ايضا حقوق في السكن والعلاج والمأكل والتعليم تبذل الدولة كل جهدها لتوفيرها للمواطنين عن طريق حل المشاكل بشكل جذري ويجب ان يساندها الجميع ولا نحاول ان نرضي 5 آلاف شخص مثلا علي حساب المصلحة العليا لملايين المواطنين. حقوق وواجبات * د.رفعت الضبع استاذ الاعلام ونقيب نقابة البروتوكول يؤكد ان مصر في حاجة إلي كل دقيقة من وقت أي عامل أو موظف أو مسئول لكي نعيد جميعا بناء ما تم هدمه في السنوات الماضية وهذا لا يعني ان نحرم المواطنين من المطالبة بحقوقهم ولكن عليهم ان يتبعوا ثقافة الاختلاف واتباع الطرق السياسية والقانونية في عرض وجهة نظرهم بدلا من التهديد بالاضرابات والاعتصامات سعيا للاستجابة لمطالب فئوية لأن هذا لن يحقق لهم أي فائدة وايضا لأن هذه المطالب تهدد الوطن ككل. يضيف يجب ان نتسم بالعقلانية في المناقشات فقبل ان نتحدث عن الحقوق والمطالب الخاصة يجب ان نسأل انفسنا أولا هل قدمنا للدولة ما لها من حقوق علينا بالعمل بصورة أفضل للقضاء علي السلبيات التي عانينا منها لفترات طويلة سابقة. يؤكد ان من حق المواطن ان يخشي من تراجع دخله ولكن ليس علي حساب الوطن فالدولة تسعي جاهدة إلي اقامة مشروعات عملاقة بدأت بقناة السويس الجديدة وفي الطريق الكثير والكثير وعلينا ان نتحلي بالصبر بعض الوقت حتي نجني جميعا العائد الاقتصادي المنتظر منها. طالب بأن يكون هناك تواصل أكبر بين المسئولين في قطاعات الدولة المختلفة وأعضاء الجهاز الاداري لتوضح الحقائق كاملة لهم حتي لا يقوم البعض باستغلال الظروف والصيد في الماء العكر باثارة المشاكل وعدم علم المواطنين والموظفين بالحقائق. الظروف لا تحتمل * د.جمال عابدين رئيس جمعية مستثمري السلام سابقا يري ان أي مطالب فئوية حتي ولو كانت مشروعة ليس وقتها الآن خاصة وان ظروف البلد لا تحتمل بالاضافة إلي أن الزيادات في المرتبات لا تتوقف فمنذ ثورة يناير تضاعفت المرتبات أكثر من 3 اضعاف حتي الآن ففي موازنة 2010/2011 كانت المرتبات تبلغ 70 ملياراً ارتفعت في موازنة 2015/2016 إلي 240 ملياراً وهذا معناه ضغط كبير علي موازنة الدولة. اضاف ان هذه الزيادات الضخمة في المرتبات لا تؤثر فقط علي موازنة الدولة ولكن تمثل مشكلة لبنود الموازنة الأخري حيث تلتهم الجانب الأكبر منها وتعطل تنفيذ مشروعات الخدمات والمرافق مثل الطرق والصرف الصحي والمياه والمشروعات الاستثمارية. أوضح انه إذا كان هناك اعتراض علي بعض القوانين فكان يجب ان ننتظر إلي انتخاب مجلس النواب القادم الذي يمكن ان يعطل بعض مواد القانون محل الاعتراض لكن ليس مطلوبا ان نلجأ للمطالب الفئوية سعيا للحصول علي امتيازات أكثر في ظل عجز في الموازنة يتجاوز ال 280 مليار جنيه. طالب العاملين المطالبين بمطالب فئوية ان يكونوا أكثر عقلانية في التعامل مع الأمور وعدم تسليم عقولهم إلي البعض الذي يحاول الضغط علي الدولة فقد اتضح ان هناك ما يقرب من 63 فرعا لشركات صرافة تابعة للاخوان تقوم بسحب الدولار من السوق لاحداث ربكة وممارسة حرب اقتصادية علي الدولة وهؤلاء لا يجب ان نقف في خندق واحد معهم. اضاف يجب ان يوقن الجميع ان الوقوف بجانب الوطن هو المطلوب الآن وأنا علي يقين بأن الجميع سيفعل ذلك فالشواهد تؤكد ان المواطن المصري عندما يشعر ان الوطن في حاجة إليه لا يتقاعس أو يتأخر مثلما حدث في بناء السد وحرب 73 وبناء قناة السويس الجديدة. وعلي العكس من الآراء السابقة تري د.كريمة الحفناوي القيادية بالجبهة الوطنية ان أي مطالب تخص تحسين الأحوال المعيشية لأي فئة تندرج تحت باب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي افرد لها الدستور بابا خاصا وطالما انني اطالب بهذه الحقوق بطريقة مشروعة مثل التظاهر السلمي فلا يجب ان نحجر عليها لأي سبب من الاسباب. اضافت صحيح اننا ضد الفساد في الجهاز الاداري للدولة والعشوائية في الأجور وعدم العدالة ولكن ليس معني ذلك ان امنع المعارضين للقانون من التعبير عن رفضهم لهم بأي وسيلة من الوسائل التي يرونها مناسبة طالما لا يؤثر ذلك علي الأمن في الوطن. أكدت ان الاستجابة لمطالب المواطنين لا يعني أبدا أي مساس بهيبة الدولة كما يشيع البعض فهي لا تعني ان تفرض الدولة رأيها وتستبد في فرض التشريعات فالهيبة تزداد عندما يشارك الجميع في عملية البناء وفي الرقابة ومناقشة القوانين فساعتها سيشعر الجميع انهم شركاء في المسئولية وبالتالي سيكون الاداء أفضل علي جميع المستويات. أكدت ان عدم إجراء المناقشة المجتمعية الحقيقية لأصحاب المصلحة في أي قانون هو الذي يزيد من المطالب والاحتجاجات الفئوية حيث يفاجئون بصدور القانون ثم الاستماع لرأيهم ومعرفة احتياجاتهم الحقيقية ومن ثم يكونوا أكثر رفضا للقانون.