من خارج الحظيرة. ومن خارج دائرة المنتفعين والأرزقية المزمنين. جاء الدكتور محمد أبو الفضل بدران. ليتولي الأمانة العامة للمجلس الأعلي للثقافة.. هذا الاختيار من الدكتور عبدالواحد النبوي وزير الثقافة أرضي الغالبية العظمي من المثقفين الذين لا شغل لهم إلا النهوض بالثقافة القومية وكسر احتكارها وقصرها علي فئة بعينها قد لا تتجاوز عشرين مثقفاً سيطروا علي الأجهزة الثقافية الرسمية طوال عشرين عاماً.. ولذا فقد مثَّل اختيار د. محمد أبو الفضل صدمة لهم. وهم الذين يتم تداولهم وتنقلهم من هيئة لهيئة ومن قطاع لقطاع ومن منفعة لمنفعة داخل دائرة مغلقة.. انتفض هؤلاء المنتفعون ضد د. محمد أبو الفضل ولم يذكروا له انه شاعر مهم. وأكاديمي كبير. ومثقف وطني ملتزم.. وبادر بعض محتكري الثقافة الرسمية إلي اتهامه "بالسلفية" و"بالصوفية" وبالرجعية. كمؤشر لجهل مطبق تجاه هذا الرجل المفكر الأكاديمي العقلاني المعروف لكل المثقفين الحقيقيين. في اتجاهات شتي. وزوايا اهتمام عدة تحدث أمين عام المجلس الأعلي للثقافة لصفحة "الناس والثقافة".. ** سألته: حدث الوطن كله حاليا هو افتتاح قناة السويس الجديدة.. أين موقع هذا الحدث من اهتمامات المجلس: طرحاً للفكرة علي الناس وترويجاً لها وبحثاً في أبعادها وآثارها القادمة. وكذلك الاحتفاء بها؟؟ * قال: أقمنا أول حفل لافتتاح القناة الجديدة مع هيئة الاستعلامات. وقد تحدثت فيه مع اللواء عبدالمنعم سعيد والدكتور ناصر السلاموني والدكتور خلف الميري.. لأن هذه القناة رسمت الفرحة علي لسان الشعب. وخلقت مزاجاً متفائلاً تجاه المستقبل. وإعادة التأكيد علي القدرة غير المحدودة الكامنة لدي المصري لصنع المستحيل.. لذا فأنا أتمني اقامة تماثيل من قادوا هذا العمل العظيم: الفلاح والعاملة والجندي والمهندس. علي ضفاف القناة من أجل تخليد دورهم. ** بمناسبة التماثيل.. يقال انك أمرت بإزاحة تمثال رفاعة الطهطاوي من أمام المركز القومي للترجمة!!! * هذا الإدعاء لا أساس له من الصحة. لأن الطهطاوي هو رائد التنوير الذي وضع اللبنة الأولي لمصر الحديثة.. وهذه ليست المقولة الكاذبة الوحيدة التي ألصقت علي لساني ولم أقلها.. فقد ادعوا كذلك اني قلت عن التنوير انه سييء السمعة.. وهذا كذب!! لأن ما قلته في حديث تليفزيوني هو ان أعداء التنوير جعلوا منه أمراً سييء السمعة.. بينما التنوير هو إعمال العقل. وهذا هو مشروعي الذي أود أن أطرحه علي جموع المثقفين.. لأن المعركة الآن معركة التفكير مقابل التكفير. والتنوير مقابل التفجير.. وادعوا أيضا انني قلت: إن الأزهريين ورجال الدين هم الذين يجددون الخطاب الثقافي. وهذا كلام لم أقله. وإنما قلت إن دور المثقفين الملح الآن هو تجديد الخطاب الثقافي. علي أيديهم. ومن خلالهم. حتي يصل إلي الشباب.. لأن الشباب قد يئس من المحاضرات وفي انتظار المحاورات. حتي يكون هناك نوع من التجاوب الشبابي مع الثقافة.. لقد وهبت كل حياتي لإعمال العقل. ومعظم كتاباتي حول العقل لدي أبي العلاء المعري والفلاسفة الألمان. ** تنتمي لدائرة غير الدائرة المغلقة التي دارت فيها حركة الثقافة الرسمية طوال ربع القرن الماضي.. ما هي رؤيتك لكسر هذا الجمود والشللية ولدعم الثقافة القومية؟؟ * هناك جماعات في العالم أثرت في الحركات النقدية والأدبية مثل جماعة فرانكفورت وغيرها.. وأتمني للشلل الثقافية لدينا أن تتجرد من مطامعها الشخصية وتغلب المصلحة العامة. حتي يصدق المجتمع المثقفين. ويتخذهم قدوة. وأنا أرتكز علي عدة منطلقات في مشروعي الثقافي: أولاً: محو الأمية بشقيها: الأبجدي وأمية أرباع المثقفين: أتمني من المجلس الأعلي للجامعات أن يجعل الحصول علي الشهادة الجامعية مرتهناً بمحو أمية عشرة من المواطنين. أما أرباع المثقفين فمحو أميتهم دور جميع الوزارات. وعليها أن تتكامل حتي تصل إلي هؤلاء قبل أن يصل إليهم المتطرفون ومن يدعون حمل مفاتيح الجنة ليوزعوها علي الشباب المغرر بهم. فيظن أحدهم انه بتفجير نفسه سيدخل الجنة!!! ولن يدخلها!! الشيء الثاني هو أن الثقافة ليست محصورة في أمكنة معينة. وإنما علينا كمثقفين أن نقوم بدورنا في إيصال الثقافة إلي جميع شبابنا: في الأندية الرياضية والمدارس والجامعات. وأعتقد انه بالتنوير وبإيصال الوعي لشبابنا ستختفي الشللية. لانها لن تجد طريقاً لعرض الآراء بالبلطجة ولا بشراء الذمم بالأموال والهدايا والهبات. لأنها ستصطدم مع استنارة العقول. ** كثيرون كانوا يسمون مجلسكم "المجلس الحكومي للثقافة".. كيف تعيده إلي حضن المثقفين لا السلطة؟! * عندما يخرج المجلس إلي الناس. ويدخل الناس إلي المجلس سيعود إلي حضن المثقفين.. لكن أن يتحول إلي مكلمة للنخب. فإنني أقول: انتهت ثقافة النخب لتحل محلها ثقافة الشعب.. وقد جربنا سنوات طويلة بأن ظل المجلس ولجانه داخل أروقة المبني. والنتيجة انعزاله عن الناس. وصار المجلس في جزيرته يخاطب موظفيه. ** جوائز الدولة كانت الجزرة التي يلوح بها لبعض الأدباء.. ألا تراها مع لجان المجلس في حاجة إلي إعادة صياغة؟!! * لوائح الجوائز ليست مقدسة. وهي في حاجة إلي تعديل. لأن نظام منح الجوائز لم يصل إلي بعض رواد الحركة الثقافية والأدبية والفنية.. ومع احترامي وتقديري لمن نالوها فإنني سأطرح رؤيتي في لوائح الجوائز للنقاش مع المثقفين لنصل إلي تعديل مناسب. أما اللجان فسنبدأ قريباً في وضع تصور أولي لعددها وأعضائها. وهناك مقترح بإضافة لجان للتنوير والأمن القومي والوحدة الوطنية والعلاقات العربية. من أجل تعزيز قيم المجتمع المصري بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيه ومكتسباتهما التي أكد عليها الدستور.