المستشرقون والتراث العربي والإسلامي.. موضوع المؤتمر العلمي الدولي الذي نظمته كلية اللغة العربية بالزقازيق. بالمشاركة مع المجلس العالمي للغة العربية بلبنان. شارك في المؤتمر عدد كبير من أساتذة الجامعات في مصر والوطن العربي. تركزت أبحاثهم حول توضيح أثر الثقافة العربية والإسلامية في العلماء الأجانب. والكشف عن جهود المستشرقين المنصفين في خدمة تراث العربية والحضارة الإسلامية. وتفنيد آراء بعض المستشرقين الذين حاولوا تشويه الفكر العربي. وإظهار جهود المستشرقين في تحقيق التراث العربي والإسلامي. وكتب السير والطبقات ودواوين الشعر العربي القديم. في عرضه لأفكار الشاعر الألماني الكبير جوته ذهب د. محمد عبدالحميد غنيم إلي أن جوته لم يتأثر فقط بالمعلقات وأشعار الجاهلية في قصائده في الديوان الشرقي. لكنه تأثر بمكارم أخلاقهم وطباعهم وسجاياهم الكريمة حتي بدا غريباً يعيش بأخلاق الشرقيين القدامي. وينقل د. غنيم عن الألمانية كاترينا مومزن قولها إن صلة جوته الروحية بالإسلام لأن مبادئ الإسلام تتفق مع ميوله ومعتقداته وأفكاره. وتناول د. صابر عبدالدايم في دراسته أصدقاء الثقافة العربية والإسلامية في النتاج الإبداعي لرواد الأدب الروسي. فلاحظ ان كبار الأدباء الروس تأثروا بمعني القرآن الكريم. وبسيرة الرسول العظيم. كما أعجبوا بسير الشخصيات الإسلامية. واللافت انه في الوقت الذي نجد فيه شخصية هارون الرشيد مشوهة في تراثنا القصصي والشعبي. فإن بوشكين يتخذ من هارون الرشيد رمزاً إنسانياً له بصمته المميزة في مسيرة الحضارة العربية والإسلامية. وإذا كان التراث العربي قد توزع علي مكتبات العديد من الدول. خاصة الأوروبية والكلام للدكتور السيد محمد الديب فإن قدراً آخر قد أتلف أو أحرق عن عمد أو عن غير عمد. تعبيراً عن سوء عناية القدماء بهذا التراث الإسلامي والعربي الذي لا يقدر بمال. لكن الأمانة العلمية تقول إن المستشرقين بذلوا جهداً واضحاً في جمع المخطوطات. وفي حفظها وفهرستها وتحقيقها وطباعتها واتاحتها للقراء. يضيف د. الديب: إن هؤلاء المستشرقين بقدر عنايتهم باللغة. وإفادتهم للأدب العربي الحديث فإن كتاباتهم بصورة عامة تؤخذ في الدراسات الإسلامية بكل يقظة وانتباه. فمنهم من يدس السم في العسل. أو يوهم بأنه يبحث عن الحقيقة. ولا يعنيه إلا الهمز واللمز للدين الإسلامي. وفي المقابل. فإن د. صبري فوز أبو حسين يجد في الاستشراق جوانب مضيئة ذات منهجية علمية واضحة. وموضوعية صادقة في التعامل مع التراث العربي. بحث أفدنا منها في عملية إحياء التراث. لأن حركة بعث تراثنا بدأت منهم. وفي بلادهم. واصدار الموسوعات والمعاجم. أما د. عبير عيسي فقد أشارت إلي أهمية التعامل مع المستشرقين في دراساتهم لأدبنا العربي بموضوعية تامة. وأن نبتعد عن انتقائية النصوص التي تخدم أفكاراً مسبقة عند الباحث. وتؤدي إلي نتائج مغلوطة. كما ينبغي التخلص من التعميمات التي لا تؤدي إلي نتائج سليمة. فليس صحيحاً ان جميع المستشرقين متعصبون. كما اننا لا يمكن أن نقبل دراساتهم ونباركها علي أي حال. واستعاد د. حسن عبدالرحمن سليم حكاية كتاب طه حسين "في الشعر الجاهلي". فاتهم طه حسين بأنه قصر اجتهاده علي شرح آراء المستشرقين مرجليوث. الذي كان طه حسين يدين له بالتلمذة. بحيث يمكن القول إن كتابه "في الشعر الجاهلي" ما هو إلا حاشية علي متن بحوث مرجليوث! مثلت توصيات المؤتمر معالم مهمة لمستقبل دراسات الاستشراق من وجهة النظر العربية. ومنها التوصية بالسعي الجاد لوضع استراتيجية علمية منهجية لانجاز موسوعات علمية تشرف عليها الأقسام العلمية المتخصصة للرد علي مطاعن المستشرقين علي اختلاف مدارسهم واتجاهاتهم. والانفتاح علي مدارس الاستشراق في روسيا والصين والهند واليابان وغيرها من الدول الآسيوية التي تضيف الجديد إلي المناهج العربية. أما أهم المعالم فهو السعي لانجاز الثورة الرقمية. وحوسبة اللغة العربية. وادخال اللغة العربية في شبكة المعلومات الدولية. حتي لا تواجه لغتنا الجميلة خطر الانهيار!