مازال بيننا للأسف من يريد أن يري فقط نصف الكوب الفارغ.. حتي النصف المملوء يتفنن في أن يجد له عيباً!!.. أقول هذا وأقصد مَن يستكثرون أن يفرح المصريون بقناتهم الجديدة. وإنجازهم الضخم!!.. فيتساءلون: لماذا هذه المبالغة في الاحتفال؟!.. ولماذا "تهلل" وسائل الإعلام ليل نهار للقناة؟!! ولهؤلاء أقول: الاحتفال الذي تم الإعداد له ليس فيه مبالغة علي الإطلاق. هو فقط يليق ويتناسب مع حجم ما تم إنجازه. ومع المعاني الكثيرة التي ترجمها هذا الإنجاز من التزام وانضباط وجدية وإرادة جديدة.. يليق بما سوف تضيفه القناة الجديدة إلي الاقتصاد المصري. حتي لو كانت الإضافة تدريجية.. يليق وهذا هو المهم بمصر.. يليق وهذا هو الأهم.. بشعب عاني وصبر سنوات أربع منذ ثورة يناير. وعندما ظهر الأمل منذ عام تمسك به وصدقه.. فلما جاء الإنجاز علي قدر الأمل كان لابد من الفرحة والاحتفال. نصف الكوب المملوء ليس فيه قناة السويس فقط.. فيه أيضاً كهرباء لم تعد تنقطع بانتظام واستفزاز. كما كان في السنوات السابقة. فالمحطات تم تجديدها لتستعيد قدراتها بتكلفة قدرت بالمليارات. نصف الكوب المملوء فيه أيضاً طريق مصر الإسكندرية الصحراوي. الذي عانينا منه سنوات طوال. ولما توافرت الإرادة تم تحويله لطريق حضاري ونموذجي في شهور معدودة. نصف الكوب المملوء فيه أيضاً طوابير اختفت من أمام الأفران بفضل نجاح منظومة الخبز بعد أن كان الناس يموتون من أجل رغيف الخبز!! نصف الكوب المملوء فيه أيضاً مواجهة تبدو جادة لأول مرة لفيروس "سي" الذي ينهش أكباد المصريين منذ سنوات. دعونا نفرح بنصف الكوب المملوء. ونطالب بأن يزيد امتلاء الكوب. ولو تدريجياً. فلا نري مركباً يغرق بركابه في النيل. ولاَّ ضحايا أبرياء يحترقون في مصنع غير مرخص. ويفتقد لأبسط قواعد الأمن الصناعي.. ولا تنفطر قلوبنا علي أطفال رضع تناولوا محلول جفاف مخالفاً للمواصفات. فماتوا. كلمة السر في نصف الكوب المملوء هي إرادة وجدية والتزام.. وكلمة السر في نصف الكوب الفارغ هي إهمال وفساد وغياب رقابة.. آن الأوان أن نواجه الإهمال والفساد بنفس الإرادة والجدية التي حفرنا بها القناة.. وقتها سيمتلئ الكوب. وحتي يحدث هذا لا تستكثروا علينا أن نفرح بقناتنا الجديدة وبعودة الإرادة للبناء حتي لو كان الممتلئ هو نصف الكوب فقط.