«أوقاف شمال سيناء» تنظم ندوة «أسئلة مفتوحة عن مناسك الحج والعمرة» بالعريش    إضافة 3 مواد جدد.. كيف سيتم تطوير المرحلة الإعدادية؟    إنفوجراف| ننشر أسعار الذهب في مستهل تعاملات اليوم الأحد 2 يونيو    هل تستمر وزارة التموين في طرح السكر الإضافي الحر على البطاقات مع بداية تطبيق المنظومة الجديدة لصرف السلع ؟ اعرف التفاصيل    أخبار مصر: حسم دعم الحكومة لمستشفيات الدولة، كهربا يورط إمام عاشور، بدء تطبيق عقوبة الحج بلا تصريح، تحذير شديد من الأرصاد    حالة الطقس المتوقعة غدًا الإثنين 3 يونيو 2024| إنفوجراف    مبروك للناجحين وأوائل 3 إعدادي..رابط سريع لنتيجة الشهادة الإعدادية 2024 الترم الأول في الفيوم    32 لجنة تستقبل 5 آلاف و698 طالبا لأداء امتحانات الثانوية الأزهرية بكفر الشيخ    منصة ستيم لألعاب الكمبيوتر: حسابات ألعاب المستخدمين غير قابلة للتوريث    سيناتور أمريكي: نتنياهو مجرم حرب ولا ينبغي دعوته أمام الكونجرس    وسام أبو علي: كهربا يوجهني دائمًا    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 2يونيو 2024    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: رئيس شعبة المخابز يتحدث عن تطبيق قرار الخبز    أسعار الخضار في الموجة الحارة.. جولة بسوق العبور اليوم 2 يونيو    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    الفنان أحمد جلال عبدالقوي يقدم استئناف على حكم حبسه بقضية المخدرات    عبير صبري: وثائقي «أم الدنيا» ممتع ومليء بالتفاصيل الساحرة    ل برج الجدي والعذراء والثور.. ماذا يخبئ شهر يونيو لمواليد الأبراج الترابية 2024    ورشة حكي «رحلة العائلة المقدسة» ومحطات الأنبياء في مصر بالمتحف القومي للحضارة.. الثلاثاء    توقيف يوتيوبر عالمي شهير نشر مقاطع مع العصابات حول العالم (فيديو)    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تشن غارةً جويةً جنوب لبنان    مواعيد القطارات اليوم الأحد على خطوط السكك الحديد    عمرو السولية: معلول ينتظر تقدير الأهلي وغير قلق بشأن التجديد    الزمالك يدافع عن شيكابالا بسبب الأزمات المستمرة    الأونروا تعلق عملها في رفح وتنتقل إلى خان يونس    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    براتب 50 ألف جنيه شهريا.. الإعلان عن فرص عمل للمصريين في الإمارات    مدحت شلبي يكشف 3 صفقات سوبر على أعتاب الأهلي    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    حميميم: القوات الجوية الروسية تقصف قاعدتين للمسلحين في سوريا    أمير الكويت يصدر أمرا بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    إجراء جديد من محمد الشيبي بعد عقوبة اتحاد الكرة    رئيس اتحاد الكرة السابق: لجوء الشيبي للقضاء ضد الشحات لا يجوز    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    زاهي حواس يعلق على عرض جماجم مصرية أثرية للبيع في متحف إنجليزي    حريق في عقار بمصر الجديدة.. والحماية المدنية تُسيطر عليه    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    قصواء الخلالي: التساؤلات لا تنتهى بعد وقف وزارة الإسكان «التخصيص بالدولار من الخارج»    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    ضبط 4 متهمين بحوزتهم 12 كيلو حشيش وسلاحين ناريين بكفر الشيخ    موازنة النواب: الديون المحلية والأجنبية 16 تريليون جنيه    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    «مفيهاش علمي ولا أدبي».. وزير التعليم يكشف ملامح الثانوية العامة الجديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    شروط ورابط وأوراق التقديم، كل ما تريد معرفته عن مسابقة الأزهر للإيفاد الخارجي 2024    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المساء" تحاور الباحث والخبير الاقتصادي عبدالخالق فاروق: مصر لديها إمكانيات بشرية ومادية تساعدها علي تجاوز أزمتها الاقتصادية
نشر في المساء يوم 15 - 07 - 2011

قليلون هم الذين وظفوا علمهم وخبراتهم للدفاع عن حق الشعب المصري في الحرية والعدالة والعيش بكرامة أثناء حكم الطاغية حسني مبارك وعصابته الفاسدة دفاعا علنيا دفعوا ثمنه غاليا خلال فترات عمرهم المختلفة. من هؤلاء الباحث والخبير الاقتصادي والاستراتيجي عبدالخالق فاروق الذي أصدر عشرات الكتب والدراسات والأبحاث التي تصب في هذا الاتجاه ومنها كتاباه المميزين "جذور الفساد الإداري" و"اقتصاديات الفساد في مصر" والغريب ان عبدالخالق فاروق لم يكتف بهذا الانتاج الغزير بل شارك في كافة الفاعليات الاحتجاجية ضد نظام مبارك وشلته علي طول مصر وعرضها وكذلك في عشرات الحوارات علي المحطات الفضائية المختلفة وأيضا في مئات المؤتمرات والمحاضرات والندوات والحلقات النقاشية حتي صار واحدا من رموز المعارضة الحقيقية في مصر.
أخيرا ومنذ أيام فاز عبدالخالق فاروق بجائزة الدولة التشجيعية اعترافا من مصر بعد الثورة بدوره واسهاماته المعتبرة في التمهيد لهذه الثورة وصناعتها. لذلك كان طبيعيا أن نحاوره علي صفحات المساء الاسبوعي لنتعرف علي رؤيته وحلوله المقترحة لإعادة بناء مصر بعد زوال حكم مبارك وعصابته باعتباره أحد المخلصين لمصر وشعبها وسط الآلاف من الأدعياء وراكبي موجة الثورة المجيدة ونرجو ألا تتأخر كثيرا جائزة الدولة التقديرية عن هذا الباحث الجاد المشغول دائما بمصر والمصريين لأنه يستحقها بجدارة فعلا.
بداية هل تري ان مصر تمر الآن بما يمكن ان نطلق عليه مأزقاً اقتصادياً حقيقياً ام ان ما يشاع عن ذلك لا يعكس الحقيقة ربما في إطار خطة تخويف تستهدف تطويع الشعب من قبل هذا أو ذاك لقبول اجراءات ما لم يكن ليقبلها لو ان الوضع الاقتصادي في حالة طبيعية أو حتي مقبولة أو محتملة؟
* أؤكد بكل صدق ان مصر فعلا تمر الآن بمأزقا اقتصاديا حقيقيا حيث تعرض الاقتصاد المصري طوال الأربعة عقود الماضية لعملية استنزاف وتخريب ممنهجة ومنظمة لصالح القائمين علي الحكم وحلفائهم في الداخل والخارج وعلي حساب مصر كدولة وشعب ولكن هذا لا يمكن ان يكون مدعاة للخوف كوسيلة لتطويع الشعب حتي يقبل ما لا يجب ان يقبله بعد ثورة 25 يناير لأن مصر بما لديها من امكانيات مادية وبشرية يمكنها الخروج من هذا المأزق سريعا إذا تضافرت كافة الجهود في إطار خطة عملية محددة الملامح.
ماذا تقصد بكلمتي "ممنهجة" و"منظمة"؟
* أعني ان مظاهر الفساد متنامية الحجم واسعة الانتشار خلال هذه العقود الأربعة لم تكن تتم من قبل أفراد أو جماعات بالمخالفة للقانون مثلا كما يحدث في بعض المجتمعات النامية أو المتخلفة ولكن من خلال عملية منظومة ومقصودة أطلقنا عليها مصطلح "مؤسسة الفساد" حيث صدرت قرارات جمهورية وقوانين ولوائح وقرارات لجمعيات عمومية في كافة المؤسسات مثل الصحف القومية والشركات القابضة وغير ذلك تؤسس لهذا الفساد وتعزز من سطوته لحساب فئة بعينها بغض النظر عن الأضرار الكارثية التي تعرض لها الاقتصاد المصري ككل ومحدودي الدخل والطبقات المنتجة من العمال والفلاحين ورجال الصناعة الجادين بشكل خاص.
كيف يمكن الخروج من هذا المأزق الخطير الذي وجدنا أنفسنا فيه بعد ثورة 25 يناير؟
* لاشك ان المدخل الصحيح لرسم استراتيجية وطنية للخروج من هذا المأزق تبدأ بالتشخيص الصحيح لطبيعة هذا المأزق وحجمه وتداعياته في كافة القطاعات الانتاجية والمالية.
وما هو التشخيص الصحيح لطبيعة هذا المأزق وحجمه وتداعياته في كافة القطاعات الانتاجية والمالية من وجهة نظركم؟
* سؤال كبير جدا يحتاج دراسة ضخمة وليس حوارا صحفيا ولكني سأحاول تشخيص الوضع العام الاقتصادي المصري في اللحظة الراهنة بإيجاز وإجمال بقدر المستطاع واضعا في اعتباري الخطوط العريضة المتوافق عليها بين كافة القوي الوطنية التي شاركت في صنع الثورة للخروج من هذا المأزق وإعادة بناء اقتصادنا ومجتمعنا بصورة تسمح لنا بالانطلاق نحو رحابة المستقبل المأمول.
تفضل.
* لتحليل الوضع الاقتصادي الحالي ننطلق من القواعد الأساسية للنظرية الاقتصادية والقائمة علي ضرورة التمييز بين ثلاثة محاور أساسية يرتكز عليها الأداء الاقتصادي للدولة الحديثة وهي: أولاً مشكلات قطاعات الانتاج السلعي أو العيني وفي الصدارة منها الزراعة والصناعة والكهرباء والطاقة والتشييد والتعدين. ثانياً مشكلات إدارة قطاعات الاقتصاد المالي. ثالثا مشكلات قطاعات التجارة والخدمات وآليات ضبط الأسواق والسيطرة علي الأسعار ومعدلات التضخم.
بالنسبة للمحور الأول أقول ان قطاعات الاقتصاد السلعي أي الزراعة والصناعة والتشييد والكهرباء والتعدين والنفط والغاز تمثل جوهر وقاعدة الارتكاز في أي اقتصاد حديث فبدونها يصبح الاقتصاد وبالتالي السياسة في حالة تعرض لكافة احتمالات الاهتزاز بل الخطر وقد تعرضت هذه القطاعات في مصر خلال العقود الأربعة الماضية لعملية استنزاف وتخريب متعمدة جعلت الدولة المصرية كلها تئن تحت ضغوط القوي الخارجية وامتداداتها المحلية المتمثلة في طبقة رجال المال والأعمال خاصة فئة المستوردين والوكلاء المحليين المعروفين اقتصاديا بال "كمبرادورز".
ففي مجال الزراعة مثلا نجد ان هذا القطاع تعرض خلال الأربعين سنة الماضية لضربات قاصمة لم تتمثل فقط في الاهمال المتعمد لهذا القطاع سواء من حيث توفير الائتمان المصرفي اللازم لتطوير أدوات الانتاج أو من حيث توفير الرعاية الارشادية الضرورية في نمط التركيب المحصولي أو توفير الأسمدة والمبيدات المناسبة أو توفير شبكة توزيع للحاصلات الزراعية تؤدي إلي تعزيز فاعلية الانتاج وانما تمثلت في انتهاج مجموعة من الاجراءات السلبية التي أدت في النهاية إلي انخفاض الانتاج وبالتالي انخفاض متوسط الاكتفاء الذاتي من جميع السلع الغذائية الحيوية لأقل من 45% حيث انخفض نصيب الفرد من المساحة المنزرعة من 53 فداناً في بداية القرن العشرين إلي 12% من الفدان في نهاية القرن طبقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء. كما انخفضت نسبة الاكتفاء الذاتي من اللحوم من 88% عام 2001 مثلا إلي 74% عام 2006 وكذلك الاكتفاء الذاتي من الفول خلال نفس الفترة من 65% إلي 43%.
ومن قبيل هذه الاجراءات التآمر لقتل فرص زيادة الرقعة الزراعية حيث تم منح مساحات واسعة جدا من الأراضي القابلة للاستصلاح لحفنة من رجال الحكم والمال والأعمال حولوها إلي منتجعات سياحية ومناطق فيلات وقصور كما تم رفع أسعار البذور والأسمدة والمبيدات وإعمال آليات السوق الاحتكارية من جانب رجال الحكم وحلفائهم من رجال المال والأعمال مع عدم توفير مستلزمات الري وإمدادات المياه فانتشرت الزراعات المروية بمياه الصرف الصحي قدرات المساحة بأكثر من 500 ألف فدان والأدهي من ذلك كله ان جري التآمر بشكل مباشر ومكشوف لضرب محاصيل مصر الاستراتيجية مثل القطن طويل التيلة والقمح المصري لصالح الأقطان قصيرة التيلة والأقماح المستوردة من أمريكا والهند. كما بيعت محالج القطن لكبار رجال المال والأعمال وتم منح مساحات شاسعة من أراضي المشروعات الزراعية الجديدة مثل توشكي. العوينات. واحة باريس. الصالحية وترعة السلام في سيناء لمستثمرين عرب ومصريين لم يستخدموها أو استخدموها أسوأ استخدام رغم المليارات التي تم انفاقها من ميزانية الدولة في اقامة البنية الأساسية لبعض هذه المشروعات فلم تحقق أي عوائد تذكر ويضاف إلي ذلك ان التحالف غير المقدس بين آل مبارك وعصابة اللصوص المرتبطة بهم من المستثمرين المصريين والأجانب قضوا علي مشروعات بحثية جادة كان بإمكانها أن تأتي بنتائج مبهرة مثل مشروع الدكتورة زينب الديب لاستزراع القمح في البيئات الجافة أو شبه الجافة وغيره لضمان استمرار الاستيراد وتدمير قدراتنا علي الاكتفاء الذاتي من الغذاء.
إذا كان ذلك هو الإيجاز فسوف نحتاج صفحات الجريدة بكاملها. المهم ماذا عن بقية القطاعات؟
* سأحاول الاختصار بقدر الامكان فبالنسبة لقطاع الصناعة كانت الخطة التآمرية لضرب الصناعات الوطنية أكثر وضوحا وقد مرت بثلاث مراحل.
تمثلت المرحلة الأولي في الاتجاه رسميا لزيادة نصيب القطاع الخاص في الانتاج الصناعي من 25% عام 1979 إلي حوالي 70% عام 2009/2010 وبصرف النظر عن مضمون هذه الصناعة وفاعليته في بناء اقتصاد بالمعني الحقيقي فتحت خزائن البنوك والجهاز المصرفي علي مصراعيها لهذا القطاع فزادت القروض الممنوحة له من 23 مليون جنيه عام 1970 إلي 978 عام 79 ثم إلي 470 مليار جنيه عام 2010 أي حوالي 75% من إجمالي الائتمان الممنوح من البنوك في مصر ذهب أغلبها للسياحة والتجارة والخدمات. أما المرحلة الثانية فقد تم فيها خنق شركات القطاع العام وما اسمي فيما بعد شركات قطاع الأعمال العام والصناعي منها وغير الصناعي لتبرير بيعها فيما بعد بحجة انها شركات خاسرة أو في طريقها للخسارة حيث امتنعت البنوك تقريبا عن إقراضها!!
وجاءت المرحلة الثالثة مرحلة البيع والخصخصة التي شملت الشركات الصناعية وغير الصناعية والبنوك وشركات التأمين وشركات التجارة والخدمات في أكبر عملية لتقليل قدرات الدولة المصرية بيعت هذه الشركات برخص التراب للعصابة الحاكمة وحلفائها مما أضاع علي مصر نحو 450 مليار جنيه.
وبالنسبة لقطاع الكهرباء والطاقة؟
* اعتمدت العصابة التي حكمت البلاد خلال هذه الفترة وبالأخص منذ عام 1991 اسلوبين الأول نظام ال "B.o.o.t" أي البناء والتمليك والتشغيل والإعادة مما أعاد نظام الامتيازات الأجنبية لمصر وامتد هذا الاسلوب ليشمل الطرق. محطات الصرف الصحي. المطارات. الموانئ ومحطات الكهرباء سيدي كرير والكريمات وصيغت العقود بحيث يتم إهدار المال العام ويتحمل المستهلك عبء الأرباح المرجوة والاسلوب الثاني ادخال وسيط أو سمسار بين هيئة البترول المصرية والمستوردين للنفط أو الغاز كما يحدث في شركة شرق المتوسط للغاز لصاحبها رجل الأعمال الهارب حسين سالم صديق حسني مبارك أو الستار الذي اختبأ خلفه آل مبارك لتخسر مصر يوميا حوالي 13 مليون دولار في عقد تصدير الغاز لاسرائيل وحدها أي ما يعادل نحو 5 مليارات دولار في السنة منذ عام 2001 وحتي الآن.
وفيما يتعلق بقطاع التشييد والبناء؟
* انفق حسني مبارك علي هذا القطاع لإقامة بنية تحتية منذ عام 1982 حتي تاريخ خلعه حوالي 400 مليار جنيه يضاف اليه نحو 100 مليار أخري أنفقها القطاع الخاص وتقدر العمولات والرشاوي التي صاحبت عملية التوسع في هذا القطاع لصالح رجال الحكم والمال والأعمال بحوالي 40 مليار جنيه والنتيجة ان لدينا آلاف الفيلات والقصور والشقق الفاخرة المغلقة لارتفاع سعرها بينما الشعب يعاني من أزمة مساكن حتي سكن قطاع كبير منه المقابر والمخيمات كاللاجئين.
هذا كله في المحور الأول فماذا عن الثاني؟
* ترتب علي السياسات المالية والنقدية وطريقة إدارة سوق المال والبورصة خلال هذه الفترة اضرار كبيرة للاقتصاد المصري تلبية لمصالح الدائرة الضيقة التي حكم مصر وحلفائها. فقد كان يتم التلاعب في أسعار الصرف ونظم الاقتراض المصرفي وتغييرات سعر الفائدة ونظم الاستيراد والتمويل والاقتراض بدون ضمانات.. وغير ذلك كثير وبالنسبة للخدمات المالية غير المصرفية فيكفي الإشارة إلي القضاء علي الجهات الرقابية المستقلة التي كان معمولا بها في مصر وتوحيدها في هيئة رقابية واحدة يمكن السيطرة عليها وتوجيهها. ومن أبرز الملاحظات علي مؤشرات الاستثمار والنشاط المالي غير المصرفي تواضع معدلات النمو رغم التركيز علي ذلك في معزل عن سياسات ناجحة لتوزيع الدخل وعائدات النمو مما انتج زيادة في معدلات البطالة والتضخم وتفاوت الدخول.
كيف يمكننا الخروج من هذا المأزق؟
* يجب اتباع مجموعة من السياسات بعضها علي المدي القصير "من الآن ولمدة 3 سنوات" وبعضها علي المدي المتوسط "من 3 سنوات إلي 7" ثم علي المدي الطويل "من 7 سنوات إلي 15سنة".
بالنسبة للمدي القصير؟
* تتلخص هذه السياسات في شيئين:
1- تعظيم حصيلة الايرادات الحكومية.
2- تخفيض الهدر والفاقد في الموارد إلي درجة صفر.
كيف نحقق ذلك؟
* باتخاذ الإجراءات التالية:
1- إعادة النظر في كل عقود تصدير الغاز الطبيعي والنفط الخام المصري سواء لدول الاستيراد النهائي "ايطاليا اسبانيا فرنسا اسرائيل الأردن سوريا النمسا" أو في طريقة إدارة مزادات النفط المصري للتجار المحليين والدوليين وهذا من شأنه توفير إيرادات اضافية سنوية تتراوح بين 5 مليارات دولار إلي 8 مليارات دولار "أي بمتوسط 38 إلي 45 مليار جنيه مصري".
2- إعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة خاصة بندي "الاحتياطيات العامة" أو ما كان يسمي "بند الاعتماد الاجمالي" وبنود الدعاية والإعلان والاستقبالات وكذلك بند المكافآت وعقود المستشارين الذين جري تعيينهم في كافة المصالح الحكومية مجاملة لأعضاء عصابة "لجنة السياسات" واقربائهم وهذه البنود من شأنها توفير ما بين 10 إلي 15 مليار جنيه من نفقات الموازنة العامة.
3- ضم كل الحسابات الخاصة والصناديق التي يزيد عددها علي اثني عشر ألف صندوق الي حسابات الخزانة العامة في المرحلة الأولي وحظر الانفاق منها الا بعد مراجعة مراقب حسابات وزارة المالية ومفتشي الجهاز المركز للمحاسبات تمهيدا لالغاء هذه الحسابات والصناديق بعد اتمام السيطرة عليها ومراجعتها بصورة شاملة ومن شأن هذا الاجراء ان يوفر للموازنة العامة حوالي 200 مليار إلي 500 مليار جنيه في السنوات الثلاث القادمة.
4- إصدار مرسوم بقانون بإلغاء المادة "20" من قانون الموازنة العامة للدولة رقم "53 لسنة 1973 وتعديلاته" التي كانت تسمح لرئيس الجمهورية بإنشاء هذه الصناديق والمواد المماثلة لها في قوانين الإدارة المحلية "43 لسنة 1979" والجامعات رقم "49 لسنة 1972 وتعديلاته".
5- إعادة هيكلة البيان الوزاري لحكومة د. عصام شرف بحيث يعاد الاعتبار والانسجام إلي المجموعة الوزارية الاقتصادية لتشمل: وزارة المالية ووزارة التموين والتجارة الداخلية ووزارة الصناعة ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ووزارة التخطيط ووزارة الشئون الاجتماعية "دعوة صناديق التأمينات الاجتماعية لها" ووزارة البترول ووزارة الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة وأن يكون وزراء هذه المجموعة متجانسين فكريا وشخصيا بحيث يجري الاندفاع في إعادة التوازن لعجلة الانتاج والإدارة الاقتصادية والمالية.
6- إعادة هيكلة الإدارة المصرفية ككل وفي الصدارة منها البنك المركزي المصري وإلغاء المادة "132" من قانون البنك المركزي المصري رقم "88 لسنة 2003" التي تفتح بابا "مقننا" لفساد محافظ البنك المركزي وكذلك المواد المشابهة في قانون الضرائب علي الدخل رقم "95 لسنة 2006" خاصة المواد 128 وكذلك الغاء قانون مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية رقم "67 لسنة 2010" لما يمثله من فساد مقنن.
7- ضبط الواردات المصرية وضغطها علي الضروريات في المرحلة القادمة مع دعم مصادر الانتاج التصديري الحقيقي والغاء نظام توكيل المستوردين من القطاع الخاص في استيراد السلع الاستراتيجية وخصوصا القمح واسناد هذه المهمة إلي هيئة السلع التموينية وحدها.
8- الانطلاق ودون ابطاء في إعادة هيكلة قطاع الزراعة والانتاج الغذائي والحيواني من خلال:
* إعادة النظر في التركيب المحصولي الراقي لصالح التوسع في زراعة المحاصيل الاستراتيجية الأساسية وفي الصدارة القمح والقطن والأرز مع إعادة الاعتبار لتجارب والمشروع الخاص بالقمح في المناطق الجافة للدكتورة زينب الديب.
* منح أصحاب مشروعات الاستصلاح الزراعي الجادة حق التملك فورا مع شرط الرجوع في حال الخروج عن الانتاج الزراعي خاصة في مناطق الصعيد "سنيور بني سويف المنيا.. الخ".
* انتزاع ملكية الأراضي التي جري التحايل فيها علي طريق القاهرة الاسكندرية الصحراوي وطريق القاهرة الاسماعيلية الصحراوي وتحويلها من أراض زراعية لإنقاذ مصر وشعبها إلي منتجعات سياحية وترفيهية مع حفظ حقوق ملاك الوحدات الذين لم يكونوا مسئولين عن ارتكاب هذه الجريمة مع محاكمة المسئولين الحكوميين الذين قبلوا أو صمتوا أو تواطأوا مع هؤلاء الملاك الكبار لهذه المنتجعات واسترداد ما حصلوا عليه من رشاوي وعمولات.
في مجال أسواق المال
9- من أكثر المجالات التي تمثل ثغرة في بنائنا الاقتصادي والوطني أسواق المال "البورصة وسوق الأوراق المالية" لقد تحولت أسواق المال. خاصة البورصة المصرية إلي ما يشبه مائدة قمار كبري يتلاعب بها كبار رجال المال والأعمال وهو ما يتطلب عودتها إلي أصل عملها كأداة لضخ الفوائض والمدخرات المالية للأفراد والمؤسسات للشركات الراغبة في التوسع الاستثماري وإعادة ضبط قانون البورصة وإجراءات التداول.
10- إلغاء دمج هيئات الرقابة علي قطاع الخدمات المالية غير المصرفية وإعادة كل من الهيئة العامة للرقابة علي التأمين. الهيئة العامة لسوق المال وهيئة التمويل العقاري للوجود.
11- مراجعة كافة التشريعات المنظمة لأسواق المال والتأمين والتمويل العقاري خاصة ما استحدث فيها من تعديلات منذ عام 2004 نظرا لوجود شبهة تفصيل التشريعات لتناسب أشخاص وشركات بعينها.
12- استحداث منتجات وأدوات مالية جديدة بالبورصة تهدف فعلا إلي تمويل الاستثمارات وخلق فرص العمل لا المضاربة والمراجحة وحسب.
13- جعل منصب رئيس البورصة المصرية بالانتخاب وانهاء احتكار البورصة المصرية لهذه الصناعة بتفعيل النصوص القانونية التي تسمح بإنشاء بورصات خاصة وذلك بهدف زيادة الكفاءة من خلال المنافسة بما يسمح بدخول تلك البورصات لاحقا في اندماجات عالمية كالتي غزت كافة أسواق العالم مثل "نيويورك يورونكست" و"ناسداك أومكس".. الخ.
14- تشكيل لجنة عليا لإدارة مخاطر أسواق الخدمات المالية المصرفية وغير المصرفية.
15- إعادة حصر وتصنيف أصول الدولة واتباع برامج لإدارة الأصول تراعي عدم التفريط في الأصول الثابتة وخصخصة الإدارة عوضا عن الملكية.
16- تحسين شروط اقتسام العائد مع المستثمر الأجنبي في المشروعات المشتركة الناجحة نسبيا مثل مشروعي ميناء السخنة وميناء شرق التفريعة للحاويات. مع التوسع في هذا النوع من المشروعات ذات العائد المستمر.
وماذا عن الأجور والمرتبات؟
* لم يعد من المتصور استمرار سير الأجور والمرتبات الأهمية ومطلوب فورا تشكيل "لجنة قومية" يشارك فيها المتخصصون ممثلو كافة القيادات السياسية لوضع نظام عادل ومتوازن للأجور يقوم علي عدة أسس هي وضع حد أدني للأجور العاملين بالقطاع الحكومي. ووضع حد أقصي للأجور والدخول للعاملين بالقطاع الحكومي. ووضع حد أدني للأجور للعاملين بالقطاع الخاص المنظم وغير منظم.
وبرغم صعوبات هذه المهمة فإنها قد باتت حيوية لا يمكن تجاوزها أو التغاضي عن أدائها فورا ودون تأخير.
وماذا بالنسبة للمدي المتوسط؟
* لعل من أهم أهداف هذه المرحلة هي إعادة التوازنات الكلية في الاقتصاد المصري من حيث التوازن بين قطاعات الانتاج السلعي وقطاعات التجارة والخدمات المالية والاجتماعية والتوازن بين الاقتصاد العيني والاقتصاد المالي والتوازن بين أسواق العمل وأسواق رأس المال والسلع والخدمات والتوازن في تعاملات مصر الاقتصادية الدولية بين الأقاليم والمناطق المختلفة والتخلص من الطابع الاحتكاري في الاقتصاد المصري وتعزيز التنافس في مجالات الانتاج والتوزيع والتجارة.
وبخصوص المدي الطويل؟
ہ تستهدف السياسات طويلة الأجل إلي إعادة توزيع الأدوات الاقتصادية والتنموية في البلاد من عدة نواح:
1- في الأوزان النسبية بين القطاعات الاجتماعية للانتاج أي بين القطاع العام والحكومي من جهة ثانية والقطاع الخاص والأجنبي من جهة والقطاع التعاوني والأهلي من جهة ثالثة. بما يؤدي إلي خلق بيئة تنافسية حقيقية تنعكس ايجابا علي مستوي معيشة ورفاهية المواطنين.
2- تغيير الأوزان النسبية في قطاعات الانتاج الاقتصادية لصالح قطاعات الانتاج السلعي.
3- تغيير خريطة التوزيع الاقليمي لتجارتنا الخارجية لصالح تعزيز التجارة البينية بين البلدان والشعوب العربية عبر سياسات صبورة ومثابرة لخلق فرص تكامل اقتصادي عربي علي غرار الاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوروبي.
4- تعزيز الصناعات ذات الأبعاد الاستراتيجية لأمننا القومي وتطورنا العلمي.
5- تنفيذ استراتيجية البحث العلمي التي عرضها عدد من العلماء والخبراء والتي أبرز ملامحها إعادة هيكلة قطاع البحث العلمي في مصر وتأهيله.
6- إعادة هيكلة قطاعات المال والتمويل والقطاع المصرفي بما يسمح بتمويل الأنشطة الانتاجية والسلعية علي حساب قطاعات الخدمات والتجارة والتمويل العقاري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.