يسأل: علي عبدالسلام عرفان من شبرا مصر ما معني قوله تعالي "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا منها اربعة حرم" وهل الآية تعطي خصوصية لبعض الأوقاف دون بعض؟ ** يجيب الشيخ اسماعيل نور الدين من علماءالازهر: اجمع المفسرون علي ان هذه الآية تشير إلي ثلاثة منها متتابعة وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد فرد وهو رجب ومعني الحرم ان المعصية فيها أشد عقابا والطاعة فيها اكثر ثوابا: والعرب كانوا يعظمونها حتي لو لقي قاتل ابيه لن يتعرض له. وتفضيل هذه الاشهر الحرم من غيرها كان في الشرائع السابقة وهو معني قوله تعالي: "ذلك" وليس هذا بمستبعد فإن الله تعالي ميز بعض البلدان علي الاخري فقد ميز البلد الحرام "مكة" عن سائر البلاد بميزة الحرمة وميز يوم الجمعة عن سائر الايام الاسبوع بميزة الحرمة وميز يوم عرفة عن سائر الايام بتلك العبادة المخصوصة وميز شهر رمضان عن سائر الشهور بمزيه حرمة وهو وجوب شهر الصوم فيه: وميز بعض ساعات اليوم بوجوب الصلاة فيها وميز بعض الليالي عن سائرها وهي ليلة القدر وميز بعض الاشخاص عن سائر الناس بإعطاء الرسالة وبهذا لايستبعد في تخصص بعض الاشهر بميزة الحرمة وان الله سبحانه وتعالي بين ان وقوع الطاعة في هذه الاوقات اكثر تأثيرا في طهارة النفس ووقوع المعاصي فيها اقوي تأثيرا في خبث النفس وهذا غير مستبعد عند الحكماء واهل العلم. وقد اشارت بعض الآثار التي تبين فضل الطاعة في هذه الاشهر الحرم وفي هذا ان ترك القبائح في تلك الاوقات امر مطلوب وان الانسان اذا اتي بالطاعات في تلك الاوقاف واعرض عن المعاصي فيها يمكن ان يكون ذلك سببا في اجتنابه كل المعاصي وهذه هي الحكمة في تخصيص بعض الاوقات وبعض البقاع بمزيد من التعظيم والاحترام. * يسأل توكل رمضان صيام صاحب معرض للتصوير ببلطيم: ما قولكم فيما يفعله كثير من الناس في بلادنا بعد الانتهاء من دفن الميت يقف اهل الميت صفاً ويمر الحاضرون عليهم يعزونهم فهل هذه الطريقة مشروعة. أفيدونا؟ ** يجيب: المعلوم ان تعزية اهل الميت من السنة فقد وردت فيها احاديث منها ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: "ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة" رواه ابن ماجة والبيهقي بإسناد حسن. وليس للتعزية لفظ معين وانما يعزي اهل الميت بما يظن انه يسليهم ويخفف عنهم مصابهم ويحثهم علي الرضا بما قدر الله ويحثهم علي الصبر. فألفاظ التعزية بابها واسع فتجوز بكل لفظ يدعو إلي الصبر ما لم يتضمن مخالفة للشرع قال الامام الشافعي "وليس في التعزية شيء مؤقت يقال لايعدي إلي غيره" وقال الامام النووي: "واما لفظ التعزية فلا حجر فيه فبأي لفظ عزاه حصل واحسن ما يعزي به ما جاء في صحيح البخاري ومسلم عن اسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: ارسلت احدي بنات النبي صلي الله عليه وسلم اليه تدعوه وتخبره ان صبياً لها او ابناً في الموت فقال للرسول: ارجع اليها فأخبرها ان لله تعالي ما اخذ وله ما اعطي وكل شيء عنده بأجل مسمي فمرها فلتصبر وتحتسب.." اذا تقرر هذا فإن وقوف اهل الميت بعد الدفن صفاً واحداً ومرور المعزين عليهم لابأس فيه ولاحرج فيه ان شاء الله تعالي لانه وسيلة من وسائل التعزية.