غابت عني أخبارها في غمار المشكلات التي تصل إلي الباب وما كان ليمضي الشهر الكريم دون السؤال عنها تري هل لا تزال تقطع عشرات الكيلو مترات هنا وهناك لتخدم في البيوت وتأتي بما يعينها علي مصاريف صغيريها ويزحزح ولو قليلاً من جبل الديون الجاثم فوق صدرها؟! تري هل تسلمت شقة المحافظة التي طال انتظارها لها لترحمها من نار "الايجار" الجديد أم لا تزال في دوامة الارجاء والتأجيل؟!.. وهل وجدت الأسرة التي قبلت بأن تخدم لديها مصطحبة صغيرتها معها أثناء العمل!! اسئلة لم يكن ليجيب عليها سواها.. هي المعذبة ن.ف.م التي تناولت قصتها في 26 مايو الماضي تحت عنوان "أحلام شغالة مثقفة" وحين اتصلت بها استقبلت مكالمتي بدهشة قالت: ما كنت أظن وسط انشغالكم بهموم العديد من قرائكم ان احظي باتصال منكم للاطمئنان عليّ وحسبت انني مجرد قصة من عشرات القصص التي ترد إلي النافذة وتنال حظها من النشر والتعاطف ثم يطويها النسيان بمرور الوقت. واصلت ن: أنا بخير وأسعد خبر يمكنك ان تعرفيه عني أنني تسلمت أخيراً شقة المحافظة التي من أجل الحصول عليها وسداد المقدم المستحق عنها تداينت لطوب الأرض. أما ثاني أخباري أنني واصلت دراستي للحصول علي "دبلومة" في التربية لعلها تزيد من فرص قبولي في العمل بالتدريس الذي حُرمت منه بسبب تقديري الضعيف فقد حصلت علي ليسانس اللغة الانجليزية بتقدير "مقبول".. لكن رغم كل شيء لا استطيع ان أخفي عليك مدي فرحتي باستلامي الشقة الجديدة إلا أنها جاءت بأعبائها فأنا مطالبة بتدبير 1700 جنيه علي الأقل مقابل تركيب الغاز وبتوفير 300 جنيه كل أول شهر للوفاء بقيمة الأقساط المستحقة عن الشقة حيث لم أتمكن كما أشرت لك في الرسالة الأولي - إلا من سداد المقدم أما مسألة خدمتي في البيوت فقد قررت الاحجام عنها ولن أعود إليها أبداً فما تعرضت له من إهانات وسخافات لم تعد نفسي قادرة علي تحمله في ظل معاناة الصغيرين معي وعدم استطاعة أمي وهي السيدة المسنة الاستمرار في رعايتهما طوال فترة غيابي عنهما ووجودي في العمل!! سيدتي.. لقد ضاقت بي سبل العيش لدرجة انني لجأت إلي حيلة غريبة مع مطلقي عسي أن يرق لحالي ويوافق علي زيادة نفقة لطفلين فامتنعت عن إرسال الولد له دون البنت لمدة ثلاثة أشهر لكنني فشلت فطليقي رغم انه مقتدر ولديه أملاك يبخل بشدة علي صغيريه ويكفي أن تعرفي أنه حينما طالبته باقراضي مبلغاً من المال أواجه به احتياجات الشقة الجديدة من غاز وقسط شهري وخلافه لم يجبني سوي بكلمتين: "أجيب منين"؟! ضاقت بي خاصة ان الكل يرفض اقراضي ظناً منهم ان طليقي لا يبخل علي ولديه بشيء وللأسف "الناس ما لهاش غير الظاهر"!!.. و.. ورغم كل ما أكابده فإني علي يقين بأن الله لن يتخلي عني وسأجد في هذا الشهر الكريم من يخفف عني أعباء المعيشة ويساندني حتي انتهي من "الدبلومة" وأجد طريقي للتدريس بما يليق وشهاداتي العلمية انني استطيع العيش في حدود نفقة الطفلين رغم انها نفقة هزيلة في حال ما انتهيت من سداد أقساط الشقة دفعة واحدة دون الجور علي مستحقات البنت والولد فهل أجد من يعينني علي تحقيق هذا الحلم أم أكون بذلك قد تجاوزت حقوقي؟!.. انتهت المكالمة. المحررة : من المؤكد ان القراء سيسعدون مثلي بهذه الأخبار عنك. تسلمت الشقة الجديدة.. استأنفت دراستك.. توقفت عن الخدمة في البيوت يا صاحبة المؤهل العالي!! .. ولأن لكل خبر عادة تفاصيله نجد أنه بالنسبة للشقة لن تستطيعين الإقامة فيها دون غاز. ودبلومة التربوي التي تعلقين عليها الآمال في تحسين وضعك المادي والأدبي لن تنتهي منها في يوم وليلة. وتوقفك عن الخدمة في البيوت قرار جاء تحت وطأة المعاملة السيئة التي تتعرضين لها والتي لا أدري كيف صبرت عليها؟! أتفهم تماماً الأسباب التي دعتك للضغط علي مطلقك عسي ان يشتاق لرؤية ولده ويوافق علي زيادة النفقة لكن كان عليك ان تتوقعي عدم انصياعه له ولا مبالاته برؤية ابنه علي مدار ثلاثة أشهر.. لأن البخيل لا يقتصر بخله علي المال بل علي المشاعر أيضاً وعلاقاته بكل الناس سواء أبناؤه أو أهله أو الأصدقاء وقلما تجدين له صديقاً!! وفي كل الأحوال أري - رغم شح الدخل - ان ظروفك تمضي للأفضل وما عليك سوي تعاطي "الصبر" كعادتك فلن يتخلي الله عنك وعن صغيريك وستجدين عن قريب من يعينك علي غلق ملف أقساط الشقة وسدادها دفعة واحدة حتي تظل النفقة لاحتياجات الطفلين فقط خاصة أنكم لا تملكون غيرها ومعاش الشئون الذي تقرر لك مؤخراً لا يسمن ولا يغني من جوع. استبشري فالغد أفضل لك ولصغيريك بإذن الله.. ولمن يريد معرفة مزيد التفاصيل عن أحوال هذه السيدة ومساندتها الرجوع إلي أرشيف المساء علي موقعها الالكتروني عدد الاثنين 26/5/2015 باب "وتستمر الحياة" قصة أحلام شغالة مثقفة.