يقول العقاد في كتابه "مطلع النور" إن النبي عند زواجه بالسيدة خديجة كان في نحو الخامسة والعشرين من عمره. أما السيدة خديجة فمن كتاب السيرة من يقول إنها كانت في الأربعين. أو في الخامسة والأربعين. وذهب ابن عباس إلي أنها لم تكن جاوزت الخامسة والعشرين. وأحري بهذه الرواية والقول للعقاد أن تكون أقرب الروايات إلي الصحة. لأن ابن عباس كان أولي الناس أن يعلم حقيقة عمرها. ولأن المرأة في بلاد كجزيرة العرب يبكر فيها النمو. ويبكر فيها الكبر. لا تتصدي للزواج بعد الأربعين. ولا يعهد في الأغلب الأعم أن تلد بعدها سبعة أولاد. وقد يرجح تقدير ابن عباس غير هذا. أن مثل خديجة تتزوج في نحو الخامسة عشرة أو قبلها لجمالها ومالها وعراقة بيتها وطمأنينة أهلها. فلا تتجاوز الخامسة والعشرين بعد زواجين لم يكتب لهما طول الأمد. وإن كنا لا نعرف علي التحقيق كم من السنين دام زواجها من أبي هالة. ومن عتيق بن عائذ. فمن الكلام عن ذريتها منهما يبدو أن أيامها معهما لم تزد علي بضعة أعوام". أراد السحار من هذا النص الذي نقله عن العقاد أن ينفي المتوارث عن سن السيدة خديجة عندما اقترنت بمحمد صلي الله عليه وسلم. وقد اختلف رواة السيرة والإخباريون في عدد الذكور من أبناء محمد. ففي كتاب السيرة لابن إسحاق أن أكبر بنيه القاسم. ثم الطيب. ثم الطاهر. أما القاسم والطيب والطاهر فماتوا في الجاهلية. وأما بناته فجميعهن أدركن الإسلام فأسلمن. وهاجرن معه. يذهب الطبري إلي أن السيدة خديجة ولدت للنبي الكريم ثمانية: القاسم والطيب والطاهر وعبدالله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة. وجاء في "الاستيعاب": وأجمعوا أنها ولدت له أربع بنات كلهن أدركن الإسلام وهاجرن. فهن زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم. وأجمعوا أنها ولدت له ابناً يسمي القاسم. وبه كان يكني. ويضيف مؤلف الاستيعاب "هذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم. وفي نسب قريش" فولد رسول الله صلي الله عليه وسلم القاسم. وهو أكبر ولده. ثم زينب ثم عبدالله. ثم أم كلثوم. وتري بنت الشاطيء أن التوفيق بين الروايات المختلفة ليس متعذراً. فيما يخص عدد أبناء محمد. فقد يقال إن اللقب التبس بالاسم. وجعل الطيب والطاهر ولدين مع القاسم فهم ثلاثة. أو مع القاسم وعبدالله فهم أربعة وما الطيب والطاهر غالباً سوي لقبين لعبدالله. وبذلك يكون للنبي من خديجة ولدان اثنان. وهذا هو المشهور عند جمهور المسلمين. وهو ما يمكن ترجيحه بعد مقابلة كل تلك الروايات. في تقدير عبدالحميد السحار أن زينب كانت أكبر أولاد الرسول. تلتها رقية التي يصعب القول إنها كانت أصغر أبنائه. لأنهما كانتا مخطوبتين لعُتبة ومعتب ابني أبي لهب قبل الرسالة. وقد فسخت الخطبة بعد أن نزل قول الله في قرآنه "تبت يدا أبي لهب وتب" فأصغر الأبناء كانت في سنتها الخامسة أو السادسة يوم مبعث الرسول. كانت فاطمة الزهراء هي أصغر أبناء النبي. فهي التي كانت من بناته في بيته وحدها بعد موت السيدة خديجة. حتي أطلق عليها "أم النبي" لتعهدها له بالرعاية والسهر. يصل الكاتب ختاماً إلي ترتيب أبناء محمد صلي الله عليه وسلم علي النحو التالي: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة الزهراء والقاسم وعبدالله. وكان موت القاسم إيذاناً بانتهاء عهد الاستقرار في حياة محمد صلي الله عليه وسلم وبدء عهد الشدة والصبر والكفاح والأحزان. فما كانت الأعمال الكبار تتحقق إلا بالجهد والألم وتحمل ألوان العذاب. وأن العمل الذي سيكلفه به ربه تنوء بحمله الجبال. لولا رحمة من الله. للكلام بقية