كنت أظن انه كلما تقدم بي العمر خفت المسئوليات واستراح البال تصورت ذلك بعد أن انتهيت بفضل الله من تعليم أبنائي الثمانية - خمس بنات وثلاثة أولاد - ومن زواجهم وصار لي من الأحفاد ما تقربه العين ويشرح الفؤاد.. لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. فمنذ عام ونصف تبدلت أحوالي رأسا علي عقب وأنا الشيخ الكبير - 77 سنة - فبعد أن كنت اعيش وزوجتي جنبا إلي جنب وتحت سقف واحد علي مدي نصف قرن من الزمان فرضت علينا الظروف ان نتباعد في الأماكن ونتزاور كالغرباء لأسباب أغرب من الخيال والتي قبل الدخول في تفاصيلها أعرفك سيدتي بأنني وزوجتي - وهي بورسعيدية الأصل - بذلنا جهدا أسطوريا من أجل توفير حياة كريمة لأبنائنا والوصول بهم إلي ما وصلوا إليه بحمد الله وفضله.. فكنت من جانبي أجمع بين وظيفتي بالبريد وبين أكثر من عمل في الفترة المسائية وكانت هي بحكمتها وذكائها وحسن تدبيرها تخفف عني الكثير من ضغوط الحياة حتي استطعنا معا ان نجعل من أبنائنا رجالا يعتمد عليهم حين شجعتهم منذ وقت مبكر علي الخروج للعمل إلي جانب دراستهم ولم يخذلونني.. مثلما لم يخذلوني حينما حان وقت زواج شقيقاتهم الخمس فساهم معي كل منهم في نفقات تجهيزهن عن طيب خاطر. أعود للمشكلة الأساسية التي دفعتني للكتابة لكم عنها وهي انني حين تزوجت أم أولادي منذ خمسين عاما أقمنا في البداية في منزل أسرتها ومع الوقت وقدوم الأبناء كان لابد من البحث عن شقة تسعنا خاصة بعد خروجي علي المعاش وحصولي علي مكافأة نهاية الخدمة وبالفعل نجحت في شراء الشقة 3 بالعمارة 64 بالسلام السريع وذلك عام 1997. و.. وبعد سعي دام ست سنوات حصلت علي خطاب رسمي من المحافظة يفيد بأنني المالك الأصلي لها وبأنه لم يسبق لي الحصول علي شقة باسمي من أي جهة حكومية أو أهلية بالمحافظة من قبل ولم يمض أربعة أعوام علي هذا الخطاب حتي تسلمت من حي المناخ وبالتحديد في 5/11/2008 قرارا يقضي بهدم العمارة 64 الكائنة بشقتي بعد أن اثبتت المعاينة خطورتها علي حياة السكان ووقتئذ طلبوا من كل الأسر البقاء في العقار حتي يتم بحث حالاتنا وتسكيننا في وحدات بديلة. وشاءت الظروف ان يأتي الباحث لنا في وقت كنت فيه وأسرتي خارج البيت وحينما علمت بحضوره في غيابنا أسرعت لادارة الإسكان وخدمة المواطنين لتحديد موقفنا وأمضيت دون مبالغة ست سنوات أتردد عليهم واطلب مقابلة المسئولين حتي احصل علي حقي في السكن البديل فلم أصل إلي نتيجة لتقع الكارثة باخراجي وزوجتي من الشقة لتنفيذ قرار هدم العمارة التي تم إزالتها بالفعل في 2/3/2014 وحينما صرخت فيهم قائلا: أين حقي؟!.. قالوا: أنت لست بورسعيديا؟! راجعتهم: إذن وعلي أي أساس وافقتم من قبل علي شراء شقة باسمي في السلام السريع وقبلتم مني الرسوم وباتت كل ايصالات الكهرباء والمياه والتليفون تصلني باسمي علي هذا العنوان!! راجعتهم فقالوا: أرسلنا إليك باحثا ولم نجدك في الشقة!! قلت لهم: زوجتي "بورسعيدية" فألايشفع ذلك في اعطائنا الشقة!! وحينما عجزوا عن الرد عليَّ عادوا ليلقوا باللوم عليَّ في عدم تواجدي في السكن حينما جاء الباحث لاستيفاء أسماء الأسر المستحقة للشقق البديلة!!.. هكذا وبمنتهي البساطة ضيعوا حقي وحرموني من حقي في الشقة الجديدة بعد محاصرتي بسلسلة من الأسباب الواهية تارة بقولهم أنت "قاهري" وتارة: الباحث حضر لم يجدكم أثناء معاينة العمارة لتحديد أسماء المستحقين!! انني أهيب عبر نفاذتكم بالسيد مجدي نصر الدين محافظ بورسعيد منحي حقي في السكن البديل.. شقة ترحمني من عذاب الإقامة بعيدا عن زوجتي داخل حجرة.. إنني فقط أريد الاستقرار في نهاية المشوار فهل هذا بكثير علينا؟! علي عبداللطيف علي - بورسعيد ** المحررة: تهت أيها الشيخ.. المسن في دهاليز الروتين وتاهت معك شريكة الدرب والكفاح لتصلا إلي نهاية غير متوقعة بعد جهد حقيقي أسطوري لمن لديه ثمانية من الأبناء وبدلا من أن تلقيا التكريم المناسب وأنتما من قدمتما للمجتمع رجالا ناجحين أوفياء ووجدتما من ينزع منكما أبسط حقوقكما في السكن البديل لتضيع مكافأة نهاية الخدمة في عمارة آيلة للسقوط.. وتتوه قضيتك بين الباحث الذي حضر ولم يجدك!! وبين أصل النشأة متناسين انه قبل كونك "قاهرياً" مواطن مصري له كل الحق في المأوي والاستقرار.. ومتناسين انهم سبق وان منحوك خطابا رسميا يفيد ملكيتك للشقة السابقة فلماذا في المرة الأولي لم يقفوا عند كلمة قاهري وبورسعيدي؟! وأنت المتزوج من بورسعيدية ولم تغادر أرضها منذ خمسين عاما؟! حقا يا لها من أسباب واهية عجيبة ويا له من وضع مأساوي ما أنت فيه وزوجتك الآن.. وضع لن يغير منه سوي قرار من السيد المحافظ يعيد إليك وزوجتك حقكما المهضوم فاستبشر خيرا ولن يطول بك المقام كثيرا بعيدا عن أم أولادك بإذن الله. كافة البيانات الخاصة بالشاكي لدي المحررة.