المدينة المنورة حفلت بالكثير من المواقف المشرفة لأبناء قبيلتي الأوس والخزرج.. فقد بايعوا سيدنا محمد - صلي الله عليه وسلم - علي السمع والطاعة وأن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم. وتقديراً لهذه الإيجابية من هؤلاء الرجال قال: لو سلك الأنصار شعباً - طريق - لسلكت شعب الأنصار. واختار ديارهم مقراً لإقامته وهناك مواقف تشهد لهؤلاء الذين استقر نور الإيمان في قلوبهم والتفوا حول سيد الخلق يغترفون من القيم التي ينشرها والسلوكيات الكريمة والأخلاق التي تميز بها وامتدحه الله بها "وإنك لعلي خلق عظيم" القلم .4 وهذا واحد من أهل المدينةالمنورة إنه أبي بن كعب بن قيس الأنصاري الخزرجي. وله كنيتان. أبوالمنذر كناه بها النبي - صلي الله عليه وسلم - وأبوالطفيل كناه بها عمر بن الخطاب لأن له والداً اسمه الطفل. وقد شهد العقبة وبدراً. وكان عمر بن الخطاب يقول: "أبي سيد المسلمين" وهذه الشهادة الصادرة من عمر تؤكد مدي مكانة هذا الأنصاري لأن عمر شخصية قل الزمان أن يجود بمثلها وحينما يصدر هذه الشهادة فإنما يعبر عن حقيقة وصفات لأبي جعلته سيداً للمسلمين.. وقد روي الأحاديث عن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقد روي عنه عبادة بن الصامت وابن عباس وعبدالله بن خباب وابنه الطفيل. ومما يضفي علي مسيرة أبي الكثير من الأضواء أن الإمام الترمذي قال: محمد ابن بشار.. عن أنس مالك أن قال لأبي بن كعب: إن الله أمرني أن أقرأ عليك "لم يكن الذين كفروا" سورة البينة. وهنا قال أبي: الله سماني لك. قال الرسول: نعم مما جعل أبي بن كعب يبكي. من شدة فرحته لأنه شرف لا يدانيه. ويقول عبدالرحمن ابن أبي بن كعب: قلت لأبي: وفرحت بذلك. قال: وما يمنعني وأخذ يقول: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون" 58 يونس. تتوالي الشهادة لتزكية أبي بن كعب وتضيف أضواء أخري علي مسيرته المشرفة في ظلال الإسلام فها هو رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول: أرحم أمتي بامتي أبوبكر. وأشدهم في دين الله وأصدقهم حياء عثمان. وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل. وأقرضهم زيد بن ثابت وأقرؤهم أبي بن كعب. ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبوعبيدة بن الجراح وفي رواية أخري واقضاهم علي. ووسط هذه الصفات وتلك الشهادات فقد جاء في الأثر أنه روي عن زر بن حبيش أنه لزم أبي بن كعب وكانت فيه شراسة. فقلت له: اخفض لي جناحك يرحمك. ومما يروي أن أبي بن كعب سمع الرسول الكريم - صلي الله عليه وسلم - يقرأ: وألزمهم كلمة التقوي. فقال: "شهادة أن لا إله إلا الله" تلك صور مضيئة نقلتها عنه كتب السيرة والتراجم. كما أن أبي بن كعب فيما رواه الحسن بن صالح عن مجموعة من الرواه عن مسروق: قال: كان أصحاب القضاء من أصحاب رسول الله سنة. عمرو علي . وعبدالله . وأبي. وزيد. وأبوموسي.ليس هذا فحسب وانما يضاف إلي كل ذلك أن أبي كان أول كتب لرسول الله - صلي الله عليه وسلم - عند قدومه للمدينة المنورة. أبي بن كعب نموذج وقدوة في الإخلاص والوفاء والعمل الجاد ويكفيه شرفاً أن الله سماه لرسول الله - صلي الله عليه وسلم - وطلب منه أن يقرأ عليه سورة البينة. تلك هي أنوار الإسلام قد أضاءت مسيرة أبي بن كعب وينطبق في حقه قول الله تعالي: "ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به" الحديد. إنها وسطية الإسلام واعتداله التي تتجلي في مسيرة أصحاب الرسول - صلي الله عليه وسلم - والخلف الصالح من بعدهم. إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد".