ذات يوم. أعلنت هولندا الحرب علي بريطانيا استدعت الملكة الإنجليزية أليصابات "أليزابيث" رئيس مجلس وزرائها ناقشته في بواعث الخلاف. وأنصتت إلي وجهه نظره. ولأن اليصابات كانت تحكم بلداً لا تغيب عنه الشمس. فقد طالبت رئيس الوزراء أن يعرض عليها خريطة العالم.. وبسط الرجل الخريطة أمامها سألته الملكة: أين موقع هولندا؟ أشار إلي موقع الدولة التي تنتزع أراضيها من البحر جرت الملكة بالقلم علي الموقع. وقالت: هولندا بلد غير موجود! ذكرني بتلك الواقعة القديمة قول وزير الخارجية السوري وليد المعلم وهو يتحدث عن رفض أوروبا ممارسات النظام السوري ضد شعبه. والاجراءات التي اتخذتها دول أوروبية لإرغام حكام سوريا علي إيقاف ممارساتها القاسية. قال المعلم إنه قرر أن يعتبر أوروبا غير موجودة. وانه سينصح رئيس بلاده بالاتجاه إلي مناطق أخري في العالم. كانت أليصابات ملكة للدولة الاستعمارية الأولي في العالم حتي نهايات الحرب العالمية الثانية. أما المعلم فهو وزير خارجية قطر عربي شقيق. له مشكلاته التي يعد أخطرها رفض اسرائيل الانسحاب من هضبة الجولان المحتلة بالاضافة إلي مشكلات داخلية أخري باعثها قيادة الحزب الواحد ما يقرب من خمسين عاماً. وغياب الديمقراطية. المثل يعيب علي النعامة فرارها من الأحداث بإخفاء رأسها في الرمال- ثبت- علميا- خطأ هذا التصور. لكن المعلم قرر فيما يبدو أن يقدم علي ما لا تفعله النعامة فأزال أوروبا من خياله! كنت أرجو أن يعيد وليد المعلم مراجعة التطورات في بلده. وفي المنطقة بعامة. ويتأمل ما انتهت اليه مصائر حكام حرصوا أن تكون الديكتاتورية هي الفعل أو رد الفعل الوحيد في قيادة شعوبهم. لقد تعدد ظهور الطغاة في تاريخ الشعوب. وكانت نهاياتهم متشابهة. وقاسية. هتلر في ألمانيا. موسوليني في إيطاليا. شاوشيسكو في رومانيا. وغيرهم.. وضعوا العلاقة بين الشعب والحاكم في غير اطارها الصحيح. وعندما ثارت الشعوب عجزوا عن مواجهتها. ودفعوا حياتهم ثمناً للاصرار علي السير في طريق الديكتاتورية إلي نهايته. تجاهل غضب الشعوب ليس حلا. انه يزيد النيران اشتعالا. ويقرب الكارثة التي قد تؤذي تأثيراتها الجميع. حكاما ومواطنين. الحل الذي يتجاوز الاخطار المحدقة. هو محاولة الفهم. ودراسة المشكلات. وتبين أوجه القصور. ومحاولة التغلب عليها بالقوانين والقرارات والاجراءات التي تجعل لمطالب الشعب أهمية مطلقة.