فيما يبدو انه تخل عن نبرة الغطرسة التي عرف بها دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأحزاب السياسية في بلاده إلي الاسراع بتشكيل حكومة جديدة لتلافي إجراء انتخابات مبكرة جديدة بعد ان فشل حزب الحرية والعدالة من تحقيق الأغلبية البرلمانية التي تكفل له تشكيل حكومة أغلبية منفرداً ودون الحاجة للأحزاب السياسية الأخري. حث الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الأحزاب السياسية في بلاده علي الاسراع بتشكيل حكومة جديدة داعيا قادتها إلي انكار ذواتهم وقال إن التاريخ سيحكم علي أي شخص يعرقل هذه المهمة. في أول ظهور علني له منذ أن فقد حزبه الحاكم أغلبيته البرلمانية في انتخابات يوم الاحد تبني اردوغان نهجا تصالحيا وقال إن دوره كأول رئيس منتخب لتركيا دقيق وسيمارسه وفق الصلاحيات التي كفلها له الدستور. تعرض اردوغان لانتقادات من جانب خصومه بتخطي صلاحياته والتدخل في عمل الحكومة والقيام بحملات انتخابية لصالح حزب العدالة والتنمية الذي ترك رئاسته رسميا بعد توليه الرئاسة في العام الماضي بغية الحصول علي صلاحيات تنفيذية واسعة. وقال اردوغان في كلمة ألقاها في الغرفة التجارية في أنقرة "علي الجميع انكار ذواتهم والعمل علي تشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن." وأضاف "هذه أعظم مسئولية تجاه 78 مليون نسمة هم شعبنا. لا يحق لأي سياسي ان يقول أنا. علينا جميعا أن نقول نحن." ويشعر حلف شمال الأطلسي بالقلق من حدوث أي اضطرابات في تركيا التي يعتبرها منطقة عازلة في مواجهة حالة متزايدة من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. كما يتمركز مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية علي حدود تركيا مع سوريا في حين تزداد المخاوف من عودة العنف إلي جنوب شرق البلاد ذي الأغلبية الكردية في حال تعثر محادثات السلام بفعل صراعات تشكيل الحكومة الائتلافية. وانهت انتخابات يوم الأحد أكثر من عقد من الحكم المنفرد لحزب العدالة والتنمية في تركيا الطامحة للحصول علي عضوية الاتحاد الأوروبي مما وجه ضربة لطموحات أردوغان للعب دور تنفيذي أقوي. ويري بعض المحللين أن نتائج هذه الانتخابات تمثل نقطة تحول للرئيس ولتركيا. وقال اردوغان إن "مسئوليتي دقيقة كأول رئيس منتخب وانا أدرك ذلك." أضاف "ان من يبقون تركيا بدون حكومة لن يكون بمقدورهم الاعتداد بأنفسهم أمام التاريخ وأمام الشعب. أدعو كل الأحزاب السياسية للتحلي بالهدوء والمسئولية لضمان مضي هذه العملية قدما بدون أضرار بقدر الامكان." من جانبه قال رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو ان حزب العدالة والتنمية يمكن أن يتحلي بالمرونة. قال داود اوغلو خلال اجتماع لمسئولين من الحزب في أنقرة "استخدمنا فترات الحكومات الائتلافية في السبعينات والتسعينيات كنموذج للتدليل علي أن الائتلافات ليست مناسبة لتركيا ومازلنا نتمسك بهذا الموقف." وتابع "لكن وسط المشهد السياسي الحالي ... نحن منفتحون علي أي احتمال." قوضت الائتلافات الهشة في التسعينيات الاقتصاد ودفعت تركيا إلي الاستعانة بسلسلة من برامج المساعدات المالية من صندوق النقد الدولي. وانهارت الأحزاب العلمانية التقليدية أمام صعود حزب العدالة والتنمية إلي السلطة عام 2002. وقال أوغلو في مقابلة علي التليفزيون الرسمي إن الانتخابات المبكرة ستكون الملاذ الأخير. واشار إلي أن اردوغان -الذي يحظر عليه التدخل في السياسات الحزبية- لن يشارك مباشرة في جهود تشكيل حكومة ائتلافية. وتشكل تصريحات داود اوغلو بحد ذاتها مؤشرا علي تغير الوضع في حزب العدالة والتنمية حيث كان مجرد انتقاد مؤسسه اردوغان حتي وقت قريب ولو ضمنا أمرا لا يخطر علي بال أحد. كما أصبح توجيه الانتقادات في وسائل الاعلام أمرا ينطوي علي مخاطرة بعد سجن أو طرد العديد من الصحفيين.