من نعم الله علي عباده المسلمين أنه سبحانه وتعالي قد أتاح لهم الكثير من المناسبات التي يتفضل فيها بالخير الوفير من الحسنات وقبول الأعمال الصالحات وكل أنواع البر والصدقات ويجدر بالعبد المسلم أن يتأهب لاستقبال شهر رمضان المبارك الذي يحل أيامه بعد أيام.. نأمل أن يبلغنا ربنا هذه الأيام المباركة وفي مقدمة هذا التأهب التجرد من الأثام والتوبة إلي الله تعالي بعزيمة صادقة ونية مخلصة بعدم العودة إلي الذنوب "يا أيها الذين آمنوا توبوا إلي الله توبة نصوحا عسي ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعي بين أيديهم وبايمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك علي كل شيء قدير "8 التحريم" كما أن عليه الإقدام والتسابق في أن تكون التوبة صادقة وأن يدرك أن الحق تبارك وتعالي يراقب ويطلع "ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فانه كان للأوابين غفورا" "25 الإسراء". وأن يكون العفو عن المسيئين في صدارة الأولويات للمسلم في استقبال مناسبات ومواسم الخير في الشهر الكريم "وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين. والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون. أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين" "133- 136 آل عمران" وعلي المسلم أن يبادر بالتسامح والعفو عمن ناله بسوء فتلك الصفة من شيم الكرام وهذا الأسلوب ينشر الحب والمودة بين أبناء المجتمع ويؤدي إلي الترابط بين كل الطوائف والفئات وأن من عليه دين أو حقوق للآخرين يبادر بالوفاء أو يطلب التسامح والعفو من صاحب الحق ومن القصص التي ترقق القلوب وتتضمن فصولها الحث علي التسامح وقبول أعذار الآخرين وتتمثل القصة في أن رجلاً يتمتع بالثراء والجاه كان لديه خادم من العبيد في هذا الزمن البعيد وحين جاء وقت الصلاة أحضر الخادم الابريق وبه الماء كما وضع الاناء الذي يتوضأ فيه الرجل الثري ومالكه وبينما هو يصب عليه الماء سقط الابريق من يده في الاناء مما أدي إلي تطاير الرذاذ علي مالكه فنظر اليه والغيظ يبدو علي وجهه فقال له الخادم: والكاظمين الغيظ فقال الرجل كظمت غيظي. قال الخادم: والعافين عن الناس فقال الرجل: عفوت عنك. قال الخادم: والله يحب المحسنين فقال الرجل: اذهب فأنت حر لوجه الله. ولا شك ان المسلم يجب ان يبادر الي صلة الأرحام لأن الله تعهد بصلتها وصلة من يصلها كما ان الاحسان الي الجيران والمبادرة الي انهاء الخصام وعقد جلسات الصلح بين المتخاصمين وليدرك ان المؤمنين أخوة ويجدر بهم أن يمتثلوا لقول الله تعالي: "انما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون" وأن يبذل أقصي جهده لانهاء المنازعات ودعم التكافل الاجتماعي والبحث عن الفقراء وأسرهم وتزويدهم بما يحتاجون اليه وأن يبذل جهدا لفك كرب أي جار أو قريب لأن رسولنا الكريم يقول: "من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة" ومن جلائل الأعمال التي يستقبل المسلم بها الشهر الكريم اجتناب الفاحش من القول والايمان "الغموس" الكاذبة مع أنه يدرك انه كاذب وأن تكون الأخلاق والحكمة في التعامل والموعظة الحسنة هي التي يتحلي بها في تواصله مع الأهل والجيران وأن تكون قيم الاسلام السمحة هي التي تقوده للاحسان والود لغير المسلمين وان يواسيه وان كان محتاجا أن يؤازره فالمسلم كالشجرة المثمرة عطاؤها لكل من يأتي اليها حتي وان قذفها بحجر تقلي اليه بالتمر وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم حين وصف النخلة بالمسلم عطاؤها دائم ومستمر وكل أجزائها ينتفع بها.. أما أحلي المسلم أن يستقبل الشهر الكريم بتلك الصفات ويسأل القبول والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.