"هو إحنا في سوق عكاظ" بهذه العبارة سجل المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء ملاحظاته علي ما شاهده من إهمال في معهد القلب بإمبابة.. وليس معهد القلب وحده ياسيادة رئيس الوزراء.. وإنما كل المستشفيات الحكومية علي نفس الشاكلة!! وكنت أتمني أن تزور مستشفي الهلال الأحمر بشارع رمسيس وهو ليس بعيداً عن مجلس الوزراء لتري بنفسك أنه "سوق عكاظ".. وتري الناس حياري يتكدسون في مكان محدد لا يعرفون ماذا يفعلون وكيف يتصرفون؟! لست أعلم إذا كان الدكتور محمود الشناوي مدير المستشفي قد أخذ بملاحظاتي التي سبق أن أبديتها في صحيفة "الجمهورية" وأمر بالاهتمام بمستوي نظافة دورات المياه أم لا؟.. ولست أدري أيضاً إذا كان قد أمر قسم المشتريات بشراء مواد قاتلة للصراصير التي تمرح في أرجاء المستشفي أم لا؟! لعله يكون قد أخذ بملاحظاتي ليصلح ما أفسده الدهر في هذا المستشفي الذي يتوسط منتصف العاصمة ويعود كما كان عليه الحال بأيام الدكتور العظيم مديره الأسبق الدكتور محمد رمزي الرجل الذي لن تجود الأيام بمثله أبداً. ولست أدري أيضاً إذا كان الدكتور محمود الشناوي هو الذي اختار نائبه الذي يستقبل المرضي أم أن الأمر مفروض عليه.. فهذا النائب خلق ليكون مصدر "عكننة" ليس للمرضي فقط ولكن أيضاً لكل العاملين في المستشفي.. وقد سبق أن حذرني أحدهم بألا أدخل عليه حتي لا ينالني من سوء المعاملة ما ينال الآخرون.. ولكن آثرت أن أجرب بنفسي فما كان منه إلا أن طردني من مكتبه بقسوة وغلظة شديدة. بالرغم من أنني لم أتوجه إليه بأية كلمة!! قلت له ياأخي: أنا جارك في دار الجمهورية للصحافة.. فرد قائلاً: اخرج عندي شغل!! واستعان بأحد رجال الأمن ليخرجني من مكتبه!! لو قارنت يا سيادة رئيس الوزراء بين النائب المختص في "العكننة" علي المرضي وبين المدير نفسه الدكتور محمود الشناوي لعلمت أن هناك فرقاً شاسعاً بينهما.. فالمدير رجل خلوق يرحب بمن يطرق بابه.. بينما الآخر علي العكس تماماً رغم أن اختصاصه الأول استقبال المرضي.. ولو علم أي منهم بسوء المعاملة التي سيستقبله بها هذا النائب لفضل أن يبقي مريضاً في بيته حتي الموت بدلاً من مقابلته!! علمت أن نائب المدير هذا ذهب إلي قسم الأزبكية وكتب محضراً ضدي. فهو كمن ينطبق عليه المثل "ضربني وبكي وسبقني واشتكي" وليت مكتبه الذي يجلس فيه يليق باستقبال أحد.. فما بالك لو كان ملائماً فربما يغلقه علي نفسه وينعزل عن المرضي تماماً!! بقي أن نعرف ماذا قال المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء عند زيارته لمعهد القلب ومعهد تيودور بلهارس للأبحاث بالوراق. شكت له مريضة مسنة بمعهد القلب من الطوابير والبهدلة وقالت إن المرضي تعبانين. وما يحدث في العيادات الخارجية مهزلة "وهو نفس الوصف الذي ذكرته عن مستشفي الهلال سابقاً" فقال لها رئيس الوزراء: أنا لدي تقارير عن كل شيء بداية من فساد الدعامات. وتكدس المرضي في العيادات الخارجية ومروراً بتقصير بعض الأطباء واهتمامهم بعياداتهم الخاصة وجئت لأسمعكم وكله هيتحاسب. قال رئيس الوزراء أيضاً: 4 سنوات مرت بعد الثورة وقلنا هنتغير لكن إحنا مبنتغيرش لأن مفيش ضمير.. الناس تعبانة وطلعان عنيها.. وطلب من وزير الصحة إعفاء المسئولين المقصرين من مناصبهم.. الناس عاوزة كده!! وعندما توجه رئيس الوزراء إلي معهد تيودور بلهارس سأل عن مدير المعهد فأكدوا له أنه في إجازة.. فكلف الدكتور شريف حماد وزير البحث العلمي بإعفاء مدير المعهد من منصبه. وهكذا.. يا سيادة رئيس الوزراء ليس هذان المعهدان اللذان زرتهما هما الوحيدان في الفوضي والإهمال.. ولكن كل المستشفيات الحكومية علي نفس المستوي من اللامبالاة وعدم الاهتمام.. والثورة لن تغير ما أفسده الدهر بين يوم وليلة.. وإنما الأمر يحتاج أولاً إلي تقويم النفس وتربيتها قبل تقويمها علمياً.