د.أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء يتميز بالوسطية والاعتدال في آرائه وأحكامه انطلاقا من منهج الأزهر الدعوي الذي يرفض التشدد والتطرف بجميع أشكالهما ودائما ما يحمل هموم الأمة في قلبه خاصة فيما يتعلق بالسنة النبوية والهجوم المستمر عليها بحكم تخصصه كأستاذ متخصص في علوم الحديث الشريف. استعرضنا مع الدكتور هاشم العديد من القضايا في مقدمتها ما آلت إليه أحوال الأمتين العربية والإسلامية ودور هيئة كبار العلماء وغيرها من القضايا التي تشغل بال كل مسلم.. وهذا نص الحوار: * البعض يستغل دعوة تجديد الخطاب الديني لتشويه رموز الدين الإسلامي وعلماء السلف الصالح بحجة أن آراءهم عفا عليها الزمن.. فكيف ترد عليهم؟ ** ما يحدث من تطاول علي الدين الإسلامي وتزييف لبعض الأمور الدينية أمر غير مقبول لابد من وقفة لإزالة الغبار عن التراث الإسلامي وإحياء علوم الدين من خلال تجديد الخطاب الديني. حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "إن الله يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها".. والذين نادوا بتجديد الخطاب الديني رأوا أن من واجبنا أن نجدد هذا الخطاب بلغة العصر عن طريق وسائل الإعلام السمعية والبصرية وكلما انحرف الكثير من الناس عن صحيح الدين الذي أكمله الله لعباده وأتم عليهم نعمته ورضيه لهم دينًا بعث إليهم عالمًا بصيرًا بالإسلام. وداعية رشيدًا. يبصر الناس بكتاب الله وسنة رسوله الثابتة ويجنبهم البدع ويحذرهم محدثات الأمور. يقول الرسول صلي الله عليه وسلم : "كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار". ومن بين العلماء المجددين للخطاب الديني علي مر العصور والأزمان الإمام محمد متولي الشعراوي وهو أشهر مفسري القرآن الكريم في العصر الحديث وعمل علي تفسير القرآن الكريم بطريقة مبسطة وعامية. مما سهل وصوله لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم. وكذا الإمام عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق والذي يعتبر من المجددين في هذه الأمة وله العديد من المؤلفات في الفكر والفلسفة. وهناك العديد من الأئمة الذين قدموا الكثير لخدمة الدين. * لكن بعض الناس أصابتهم الحيرة في زخم الجهود الرامية لتطوير الخطاب الديني.. فما هي الأسس التي يعرفون من خلالها أنهم علي الطريق الصحيح ؟ ** بتوخي الحذر فيما يسمعون ويقرأون. لأنه ليس كل ما يسمع ينقل أو يقال. تأكيداً لقول الله تعالي "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". مستقبل التعليم الإسلامي * قضيتم معظم عمركم داخل الجامعة الأزهرية طالبا ثم أستاذا ثم رئيسا للجامعة العريقة لفترة طويلة.. هل تغيرت أخلاقيات طلاب الجامعة الآن عن ذي قبل ؟ ** لم تتغير سلوكيات طلاب الأزهر فالمناهج الأزهرية تدعو للوسطية والاعتدال وتنبذ التطرف والتشدد وبالتالي فإن الكثير من طلاب الأزهر مازالوا يتميزون بالأخلاق السمحة وإذا كانت هناك قلة مازالت تعربد وتحاول إثارة الفوضي فهؤلاء مدسوسون علي الجامعة ومستحيل أن يكونوا من طلاب جامعة الأزهر. * كيف تنظرون إلي مستقبل التعليم الإسلامي بعد الاتهامات التي تلاحق الجامعات الاسلامية بأنها أصبحت بؤرا للتطرف والتشدد الديني؟ ** هذه الاتهامات باطلة فلا يمكن إطلاقا أن تكون الجامعات الإسلامية بؤرا للتطرف الإرهابي وإنما هناك قلة مدسوسة حاولت أن تتسلل إلي الجامعة قد يقع بعضهم و- "قد" هنا للتقليل - فريسة هذا الفكر المغشوش ولكن ليس هذه سمة بارزة ولا ظاهرة في جامعة الأزهر فلا أحد في الجامعة من العلماء الثقاة وأهل أعضاء هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث لا أحد من علماء الإثبات يقر الإرهاب أو القيام بأي أعمال تخريبية. حال الأمة العربية * كيف تري حال الأمة العربية الآن ؟ ** الأمة العربية متفرقة ومفككة وفي حاجة ماسة للوحدة والتكاتف وجمع الكلمة وتوحيد الصف.. فالتحديات كثيرة وعلي جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والسياسية وحتي الفكرية والحضارية لذلك يجب أن تتعاون الدول الإسلامية فيما بينها للخروج من الأزمة التي تعيش فيها الأمة وتعمل كذلك علي تحقيق التقدم والتوازن علي المستوي المحلي فتعمل علي زيادة الإنتاج وتكثيف العمل من أجل الارتقاء بمستواها الاقتصادي ومواجهة جميع التحديات التي تواجهها. * كيف نحمي المجتمعات العربية من موجات فكر التشدد والغلو التي نشطت في السنوات الأخيرة وألقت بظلال قاتمة علي الصورة العامة للإسلام؟ ** أقترح أن يكون هناك مؤتمر دولي لمقاومة الإرهاب هذا المؤتمر تشترك فيه جميع الدول التي تريد أن تقاوم الإرهاب وليس الدول التي تضامنت ودلست والتي كانت عميلة لأمريكا واليهود وتخابرت معهم بل الدول الأمينة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت والبحرين وكل الدول التي مدت يدها لمصر يجب أن تقيم مؤتمرا دوليا لمقاومة الإرهاب وتكون هناك استراتيجية في جميع الدول العربية وفي جميع مؤسساتها وجامعاتها لأن الإرهاب ظاهرة عدوانية أخطر ما فيها أن الإرهابي يستحل ما حرم الله ومن استحل ما حرم الله خرج من دينه. * يتدخل الغرب في شئون الدول العربية والإسلامية بحجة إقرار الديمقراطية فيها.. فمن وجهة نظركم هل يريد الغرب الخير لأمتنا ؟ ** الغرب لم يكن يريد لنا الخير في يوم من الأيام بل علي العكس هو يريد ألا تقوم لنا قائمة ويسعي ويتمني أن تنقسم البلاد الإسلامية علي أنفسها حتي يسهل عليهم التدخل فيها والاستيلاء علي خيراتها بما يحقق مصالحهم الشخصية وهذا واضح في أكثر من تصريح لمسئولين أمريكان وغيرهم بأنهم ساهموا في قلب أنظمة الحكم في البلاد العربية فهم لا يريدون لمجتمعاتنا الاستقرار والازدهار والتقدم بل يسعون لأن تكون دائما في حالة فوضي وتصارع.