من أمام قريتنا يمر السباق.. إنه سباق دولي... كماراثون... حوالي 45 كيلو متراً.. يجريها المتسابقون حتي يصلوا إلي خط النهاية.. الطريق تم إخلاؤه تماماً. لكن قلنا نستغل هذا السيرك المنصوب.. نعم إنه سيرك فمظعم المتسابقين من السياح. والسياح كما تعرفون أيديهم سخية.. يدفعون بالراحة. ولا يقولون لا. فرشنا بضاعتنا علي جانب الطريق من فواكه ومرطبات ومسليات. وكله فايدة. وأكرمنا المولي آخر كرم. والعملية مشيت آخر حلاوة لكن فجأة ظهر ما يعكِّر الدنيا. فالحزينة لا تلحق أن تفرح.. الولية أم صابر كانت تعبانة جامد. ووجدنا صابر يسندها ويقف بها علي الطريق ليذهب بها إلي الدكتور في الأقصر والطريق طبعاً معطل من أجل الماراثون ولا توجد عربات إلا أن صابر قد راح يشير لعربات السباق التي تمشي خلف المتسابقين وأمامهم. ربما كان يظنها عربات أجرة فكان سائقوها يضحكون. وراح له بعض المسئولين عن السباق وحذروه وطلبوا منه أن يبتعد فقال لهم صابر إن أمه مريضة ولابد أن يذهب بها إلي الدكتور في الأقصر. وقالوا إن هذا ليس شغلهم فهذا سباق دولي يشترك فيه متسابقون من كل أنحاء العالم. صابر يكرر "أمي ستموت". وهم يقولون "ابتعد لا تعطل السباق". وتركوه.. لكن صابر أصر علي موقفه فراح يقف أمام العربات والموتوسيكلات وعطَّل المسيرة. فجاء له المسئولون وصرخوا في وجهه وأحضروا له الأمن فجروه بعيداً. وكانت أمه علي جانب الطريق في دنيا غير الدنيا بكي صابر وقال أمي ستموت والطريق معطل. وقالوا له وماذا نفعل يا حيوان هل نعطل لسيادتك سيارة من سيارات السباق. هل إنه معتوه؟. قال لست معتوهاً بل أنتم بلا قلوب. تركوه علي جانب الطريق ومعه رجل من الأمن يحرسه حتي لا يعطل الماراثون. مر وقت وأم صابر راحت في غيبوبة تامة. وأخذ صابر يبكي ويلطم ويشق هدومه بينما رجل الأمن واقف كالصنم. ولمح المشهد شاب أجنبي ربما يكون ألمانياً. كان يركب موتوسيكلاً غريباً ويمشي أمام السباق. توقف عندهم. تكلم بالألماني. فتح صابر حنكه. بينما اقترب منه الصنم. تحدث مع الشاب الألماني وبعد مداولات أشار إليه الألماني بأنه من الممكن أن يحمل أم صابر خلفه علي الموتوسيكل. ويذهب بها إلي الطبيب في الأقصر. ولكن رجل الأمن سأله: "وهذا الشحط ماذا يركب؟" قال له الشاب الألماني يجري في الماراثون فالسباق حر ومفتوح! وبالفعل أخذ الألماني أم صابر علي الموتوسيكل بينما راح صابر يجري مع المتسابقين في الماراثون. حزم جلبابه حول وسطه. وكأنه سيبدر شيكارة كيماوي. وراح يجري بكل قوته. سبق الجميع. سبق العربات والموتوسيكلات. بما فيهم موتوسيكل الألماني الغريب الذي يحمل أمه لقد تخطي الأقصر.. نسي أمه والطبيب. كان يجري بغل. كانت دماغه فقط في الماراثون. لم يشعر بنفسه إلا وهو عند خط النهاية. وجدهم وقد قابلوه بالأعلام والهتافات "صابر.. صابر" وحملوه علي الأكتاف اكتشف ساعتها بأنه قد فاز بسباق الماراثون!!