حين نستعيد أهم انتصارات التاريخ العربي. فإن في مقدمة ما نتذكره هزيمة صلاح الدين الأيوبي للصليبيين. لا نتذكر صلاح الدين بالقلعة التي شيدت باسمه في قلب القاهرة. بقدر ما نتذكر حروبه ضد الصليبيين. وانتصاره عليهم في معارك حاسمة. مثلت نبعاً للساسة والمؤرخين وكتاب الدراما. ولعلنا نذكر الفيلم العربي الذي حاول فنيوه وفنانوه أن يجسدوا تلك الشخصية التاريخية المهمة. من خلال مواقفها السياسية والعسكرية والميدانية. بل والانسانية. وابرزها- فيما روت كتب المؤرخين الاجانب- إيفاد صلاح الدين طبيبه الخاص إلي عدوه الملك الصليبي ريتشارد لتولي علاجه. كان صلاح الدين كردياً. لكن مواقفه عكست إيمانه المطلق بالعروبة. وأنها هي الوعاء الذي يضم أبناء الوطن العربي باختلاف اعراقهم ودياناتهم ومذاهبهم الدينية. نحن نتذكر صلاح الدين في المواقف التي تحتاج إلي توحيد الصفوف لمواجهة الخطر القادم من وراء الحدود. إنه المثل للقيادة التي تدرك مسئولياتها. وتضع الخطط التي تكفل تحقيق الانتصار. لعل السيد مسعود البرزاني هو المثل المقابل لصلاح الدين الأيوبي إنه كردي الاصل. لكنه فردي الميول. شوفيني النزعة. يشغله- وسط الصراع العربي ضد قوي الاستعمار- أن تكون له دولته المستقلة. التي تضمن الحياة والاستمرار- في تصوره- من التحالف مع الولاياتالمتحدة. والعلاقات الوثيقة باسرائيل. تناسي الرجل ما انتهي إليه حكام باعوا شعوبهم لقاء مكاسب عرقية أو طائفية أو شخصية. اقتصرت نظرة العدو لهم علي العمالة. أبرئ البرزاني من العمالة. وإن كنت أذكره بالزعيم الذي ناصر حملة نابليون بونابرت إلي الوطن العربي. مد الرجل يده ليصافحه. فاعتذر بونابرت بأنه لايصافح العملاء! من المستحيل ان أضع البرزاني في موضع العمالة. للرجل تاريخه النضالي ضد نظام صدام حسين. وهو تاريخ شارك فيه قيادات رائعة من أطياف الشعب العراقي. واجهوا الاغتيال وعمليات الاعدام والاعتقال والتعذيب. لكنهم ظلوا علي إيمانهم بوحدة العراق. وأنه قطر من أقطار الوطن العربي. الانباء التي سبقت زيارة البرزاني إلي واشنطن. أكدت انه سيعرض علي الرئيس الامريكي ضرورة فصل إقليم كردستان عن الوطن الأم. لو أن الرجل نظر إلي الاخطار التي تحيق بالوطن العربي. فلعله يعيد تقدير الامور بما يقضي علي المؤامرات التي تستهدف تفتيت الاقطار العربية. تمهيداً لتصفيتها. والقضاء عليها. لاقيمة لكيانات هزيلة. ولا ملوك طوائف أمام تحديات هائلة. يفرضها الكيان الذي يستوطن قلب الوطن العربي. ويمارس الارهاب والتآمر ومحاولات الابتلاع. من حق البرزاني أن يرأس إقليماً متمتعاً بالحكم الذاتي. المثل قائم حتي في الولاياتالمتحدة التي يسعي لعرض المطالبة بالانفصال عن العراق علي رئيسها. فصل العضو عن الجسد- في غير أوقات تعافيه- له تسميته التي أبرئ البرزاني- بكل صدق- منها!