اتفاق "لوزان" حول برنامج إيران النووي أضاف مزيداً من التعقيد علي المشهد السياسي الدولي. وفي تصوري أن هذا الاتفاق لم يكن مصادفة. إنما كان اتفاقا سابق التجهيز ونتاج سنوات من "الشد والجذب" وانتهي الغرب إلي الخيار السلمي الاستراتيجي بهذا النموذج العصري للتعاون بين إيران والغرب علي ملعب العرب وعلي حساب "صاحب المحل"!! ومن القراءة الفاحصة للمشهد السياسي العربي يمكن القول ان ارهاصات هذا التعاون كانت له شواهد كثيرة تجلت في دور إيران المشبوه في تأجيج الصراعات في بلدان العرب. وكان المؤجل فقط توقيت الإعلان عن الاتفاق. والمؤشرات واضحة لكل ذي قلب يعي. فقد تم السماح لطهران بالتمدد في العراق وسوريا ولبنان واليمن. بعيدا عن أكذوبة تنظيم الدولة "الأمريكي" المسمي بداعش! وقد يراه البعض ردا علي التوحد العربي ومساعيهم لتكوين كيان موحد وتشكيل قوة عربية عسكرية مشتركة. وأراه صفقة سياسية دهرية حيكت باتقان. تم التخطيط لها منذ أمد بعيد بحيث تصبح إيران مؤقتا وحتي إشعار آخر شرطي المنطقة الجديد والحارس الأمين. الذي يدين بالولاء ويحقق مصالح واشنطن اللامحدودة. بعيدا عن المفاوضات والصفقات بين معشري الفرس والروم وحدود وتفاصيل الاتفاق حول حاضر ومستقبل البرنامج النووي الإيراني وبدون تعليق حول فرحة الإيرانيين بما حققوه فإن ما يهمنا في الاساس هو موقع العرب في المعادلة الجديدة التي سمح بالتواجد فيها لاسرائيل وطهران فقط. أين العرب. بعد أن اصبحوا بين شقي الرحي. هل يكتفون بالفرجة فقط. بعد تعطيل البرنامج النووي المصري بفعل فاعل. ووأد آمالهم من قبل حين دمرت إسرائيل المفاعل النووي بالعراق عام 1981 وتم التخلص تدريجيا من علماء الذرة العرب النابهين أمثال يحيي المشد وسميرة موسي وغيرهما. واشنطن صاحبة المعايير المزدوجة التي ترتدي وجوها عديدة. تلقي الآن بورقة جديدة في الصراع "الشرق أوسطي" بعد فشل مخططاتها لتدمير ما بقي من مقدرات للامة العربية. وبعد أكذوبة تجريم السلاح النووي أصبحت إيران هي الخطر القادم. ولابد أن يفكر العرب جدياً في البرنامج النووي للأغراض السلمية ولغير ذلك إن لزم الأمر!!