بعد أن رفض المجلس الأعلي للقوات المسلحة التصديق علي الموازنة الجديدة للعام المالي 2011/2012 اعتراضا علي مبدأ الاقتراض من الخارج والشروط المجحفة المصاحبة معه حفاظا علي الاجيال القادمة وعدم توريطهم في ديون إضافية مما يتسبب في شل حركة التنمية وعدم تحقيق طموحات المصريين في غد افضل خاصة بعد ثورة 25 يناير نتيجة العجز الكبير بالموازنة العامة والذي يقدر ب 10% الماضي.. كيف نسد هذا العجز دون الاقتراض من الخارج؟ طرحت "المساء" السؤال علي عدد من خبراء الاقتصاد والتنمية. أكدت د.غادة بشر خبيرة الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية علي أهمية الاعتماد علي تقليل العجز ذاتياً استنادا إلي مبدأ التكافل الاجتماعي مشيرة إلي ضرورة انشاء ما اسمته "صندوق المصريين" لسد حاجة الانفاق الداخلي للدولة.. بحيث يتم جمع موارد الصندوق من خلال تبرعات الشرائح الغنية وذوي الدخول المرتفعة حتي ولو بواقع 10 جنيهات شهرياً عن الفرد الواحد. تري بشر سرعة الإعلان عن الصندوق واعتباره مشروعاً قوميا لصياغة مستقبل مصر والأجيال القادمة.. ومن ثم تخصيص رقم حساب له في احد البنوك الوطنية مع ضرورة اطلاع المواطنين بشكل دوري عن خطة عمل الصندوق واستراتيجية واوجه النشاط التي سيتم انفاق أمواله فيها. اقترح د.محمد سمير مصطفي استاذ تخطيط التنمية بمعهد التخطيط القومي أن يتم العمل علي تنشيط دور الصندوق الاجتماعي للتنمية لمواجهة احتياجات الخريجين الجدد وتنشيط الصناعات الصغيرة والمتوسطة والتي اعتبرها عصب النهضة الاقتصادية في الدول الكبري. أشار مصطفي إلي ضرورة زيادة طاقة المنتجات الغذائية المحلية واحداث تقدم في الثقافة الصناعية عن طريق التقييم الجيد والتدريب المهني والمناقشة والاستفادة من التجربة الصينية في استخدام التقنيات الموفرة للطاقة ومن ثم تخفيض أسعار السلع المنتجة .. وقال: يجب ان تتجه مصر خلال المرحلة القادمة إلي الاهتمام بالصناعات التكميلية التي تتجاهلها كثير من بلدان العالم علي الرغم من جدواها الاقتصادية مثل صناعة التغليف والتعبئة وغيرهما. دعا الحكومة إلي ضرورة وضع خطة تنمية مستقلة مستقبلية للاستغناء عن فكرة الاقتراض في إطار الحرص علي مبدأ المكاشفة والاستفادة من الفوائض الموجودة لدي عدد من المؤسسات في سداد احتياجاتها. من جانبها طالبت د. عنايات النجار في أسواق المال بضرورة تخفيض الانفاق الحكومي .. مضيفة ان الصناديق الخاصة تمثل مورداً هائلاً للسيولة لتمويل العجز للحكومة وهي بديل جيد عن الاقتراض الخارجي ومن ثم فإن هناك حاجة لإدخال أموال هذه الصناديق في الموازنة العامة. أشارت النجار إلي أن عودة الأمن للشارع وتوقف الحركات الاحتجاجية والمطالب الفئوية هو المفتاح السحري لعودة الاستثمارات الأجنبية وتنشيط الانتاج المحلي وهو ما سيؤدي بدوره إلي تراجع عجز الموازنة. أما الدكتور أسامة عبدالخالق خبير الاقتصاد بجامعة الدول العربية فيري ان الدين المحلي والخارجي لمصر أصبح يعادل الناتج المحلي الاجمالي مسجلاً نحو 2.1 تريليون جنيه ومن ثم فإن الخروج من الركود الاقتصادي يتطلب تنمية الموارد المحلية من ناحية والاستعانة بالقروض الخارجية في أضيق الحدود وللأغراض الإنتاجية فقط وذلك خلال العامين القادمين علي أقل تقدير .. مؤكداً ان تنمية الموارد تتم من خلال جذب الاستثمار الخارجي مع الاقتصار علي الاستثمارات "الجادة".. موضحاً ان تهيئة هذا المناخ يتطلب سرعة معالجة الانفلات الأمني والقضاء علي البلطجة وسرعة مراجعة التشريعات المالية والضريبية لتنقيتها مما أصابها من فساد في المرحلة السابقة. لفت عبدالخالق إلي ضرورة مراجعة اتفاقيات البحث والتنقيب عن البترول بما في ذلك اتفاقيات تصدير الغاز لإسرائيل لتعظيم الاستفادة منها بعد ان حققت مصر خسائر كبيرة من وراء الأسعار الحالية. ركز اهتمامه علي القطاع السياحي باعتباره أقصر مجالات الاستثمار عائداً علي حد قوله موضحاً ان عوائد هذا القطاع تبلغ أكثر من أربع أضعاف ما ينفق عليه .. بالإضافة إلي عوائد كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية المرتبطة بالسياحة.. مؤكداً ان هذا القطاع قد يكون المصدر الوحيد للدخل لبعض المحافظات مثل سيناء بشقيها الجنوي والشمالي والأقصر وأسوان. توقع أن تساهم السياحة في سد العجز والموازنة في حال الاهتمام بها بما يوازي ثلاثة أضعاف الإيرادات الحالية أي ما يقارب 50 مليار دولار تقريباً.