أخيراً انكشفت اللعبة وظهرت الحقيقة واضحة جلية.. وتبين للقاصي والداني أن رأس الأفعي التي تعبث بمقدرات اليمن الشقيق وتقاوم الشرعية الجديدة التي جاءت من رحم الثورة ليس الحوثي وجماعته كما كان يشاع وإنما هو الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الذي حكم اليمن ل33 عاماً وكان يجهز ابنه ليرث الحكم من بعده وقامت الثورة للإطاحة بالإثنين معاً كما حدث في دول الربيع العربي الأخري. وقد عز علي المخلوع هذا أن يترك اليمن للشرعية الجديدة لتقيم نظاماً ديمقراطياً حديثاً كما كان يحلم الثوار فتحالف مع الحوثيين - خصومه السابقين - وحرضهم وفتح لهم مخازن السلاح.. وألحق بهم عناصر الجيش التي تدين له بالولاء كي يحدث هذا الإنقلاب المسلح الذي شهدناه أملاً في أن يعود إلي السلطة أو يضمن فيها مكاناً لولده. وكان الاتفاق الذي بمقتضاه ترك علي عبدالله صالح منصبه الرئاسي تحت رعاية مجلس التعاون الخليجي قد وفر له خروجاً آمناً من السلطة وأتاح له البقاء في اليمن والاحتفاظ بثروته كما ضمن له حصانة ضد الملاحقة الأمنية والقضائية.. ولكن بعد ان ثبت تورطه والقوي الموالية له في الإنقلاب المسلح إلي جانب الحوثيين ضد شرعية الرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي أصدر مجلس الأمن عقوبات عليه وعلي قيادات الحوثيين. وطبقاً للتقارير التي أذاعتها مؤخراً قناة العربية فقد وصل أحمد علي عبدالله صالح نجل المخلوع ووريثه إلي العاصمة السعودية الرياض قبل ساعات قلائل من بدء عملية "عاصفة الحزم" وطلب لقاء القيادة السياسية لإدارة حوار ينهي الأزمة اليمنية سلمياً.. وكان في استقباله بالمطار نائب مدير المخابرات الذي اصطحبه إلي وزير الدفاع السعودي.. وفي هذا اللقاء عرض أحمد عبدالله صالح أن يتم رفع الحظر المفروض عليه وعلي والده.. وأن يتم تجديد الحصانة التي كانت تضمن عدم ملاحقتهما ووقف المعارك العسكرية.. وفي مقابل ذلك سوف يسحب أبوه قوات الحرس الجمهوري الموالية له وينقلب علي الحوثيين.. لكن المسئول السعودي رفض العرض مؤكداً ان بلاده لن تقبل بأقل من ان تنسحب قوي الإنقلاب من المدن وتسلم سلاحها وتعود الشرعية إلي مواقعها ومحاكمة كل من تورط في الإنقلاب دون أية التزامات في المقابل.. وبناء علي ذلك الرفض الصريح عاد أحمد عبدالله صالح إلي اليمن يجر أزيال الخيبة.. وبعد ساعات بدأت عاصفة الحزم. الشاهد في هذا أن علي عبدالله صالح أثبت بغبائه من خلال هذا العرض أنه جزء من المؤامرة علي الشرعية إلي جانب الحوثيين وإيران.. بل هو رأس المؤامرة.. وأنه مستعد للانقلاب علي حلفائه الحوثيين إذا ما ضمن له مكاناً في اليمن الجديد.. وهي نفس اللعبة التي لعبها المخلوعون في بلاد الربيع العربي الذين مازالت تراودهم أحلام العودة إلي السلطة بشكل أو بآخر.. حتي ولو كان الثمن تدمير الوطن وإزالة آثار الثورة. وقد كشف التسجيل المسرب الذي تداولته مواقع التواصل الاجتماعي تآمر علي عبدالله صالح وهو يعطي أوامره للحوثيين وقيادات الجيش الموالية له بتخريب اليمن وتدميره حيث قال: "الإخوة القادة.. سنواجه اليمنيين حتي آخر قطرة من دمائنا وبكل ما أوتينا من قوة.. كسروا كل شيء جميل في اليمن.. دمروا كل اليمن.. هذا شعب جبان يجب ان يخضع لنا". وهكذا أخذ علي عبدالله صالح بلاده إلي الفوضي والخراب مثل كل المخلوعين.. وبالتأكيد ستكون آثار عاصفة الحزم واضحة ومؤثرة علي وحدات الجيش وقواعده بأكثر ما ستكون علي الحوثيين الذين يختبئون في الجبال ووسط الأهالي.. وهو ما سيأخذ البلد إلي الخراب ويسحب من رصيده الحضاري.. كل ذلك بسبب جرائم رأس الأفعي الذي يخطط لاستنزاف اليمن حتي آخر قطرة في دم آخر مواطن.