قدمت فرقة أوبرا القاهرة "أكسير الحب" والتي تعد واحدة من أهم الاوبرات في رصيدها الفني الكبير ليس لانها من عيون التراث الاوبرالي العالمي فقط ولكن لانها انتاج مصري خالص لايتم فيها الاستعانة بالمغنيين الاجانب مما يؤكد أنه أصبح لدينا أصوات قادرة. وهذا يبشر بالخير والمستقبل لهذه الفرقة العريقة.. وفرقة أوبرا القاهرة تأسست عام 1956 وأعيد بناؤها في عام 1990 عندما انتقلت لمبني الاوبرا الجديد وقد أشرف عليها التينور حسن كامي الذي له الفضل في تكوينها لهذا الرصيد الفني الكبير وتشرف عليها حالياً السبرانود. إيمان مصطفي و "أكسير الحب" قدمت علي المسرح الكبير بدار الاوبرا بمصاحبة أوركسترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترودافيد كرشنري ومن إخراج المخرج الاوبرالي عبدالله سعد. الاوبرا من مؤلفات جيتانو دونتزيتي "01797 1848" الذي يعد من أعظم مؤلفي القرن التاسع عشر الايطاليين وتعد "اكسير الحب" من أوبراته الكوميدية وقد أنجزها في ستة أشهر وتتكون من فصلين كتب نصها الايطالي فليتشي روماني والذي إقتبسها من قصة اوجيني سكريب "الفلتر" وعرضت لاول مرة عام 1832 في تايترو كانوبيانا بميلانو وحققت نجاحا كبيرا علي مستوي النقاد والجماهير وقد لازمتها النجاح طوال السنوات حتي أصبحت في ريبرتوار معظم دور الابرا العالمية. انتاج مصري "اكسير الحب" انتجتها الاوبرا المصرية عام 2000 ومنذ ذلك الحين يعاد تقديمها وتحظي بإقبال جماهيري كبير.. وتدور قصتها في قرية ايطالية صغيرة خلال القرن التاسع عشروتحكي عن "أدينا" الفتاة الجميلة الثرية التي تخبر صديقاتها عن اكسير له مفعول سحري في تآلف القلوب وزرع الحب بها ويسمع عاشقها "نيمورينو" الرواية فيحاول الحصول علي الاكسير. "أكسير الحب" كوميديا رومانتيكية تهتم بتصوير أرق المشاعر بشكل خفيف وساخر وقد أبدع دونيزتي في رسم شخصياتها موسيقيا من خلال ألحانه لكل. وبالنسبة لأدوار البطولة لعبها كعادة هذه الفرقة أكثر من طاقم فكان التينور هشام الجندي والبريتون إلهامي أمين وأمينة خيرت مع كل من السبرانو رشا طلعت وداليا فاروق ولكن اري ان هذا التقسيم جاء جيدا حيث هناك النجم الذي يلعب الدور لاول مرة مع ذوي الخبرة الذي سبق له أداء الدور اكثر من مرة وصار من ريبرتواره فحدث اتزان في العروض عاد بالفائدة علي الفرقة والجمهور.. وهنا اقتصر في الحديث علي طاقم الليلة الثانية الذي أتيح لي مشاهدته والذي أمتاز بالاداء الجيد والواعي بالعمل فكانت السبرانو مني رفلة كعادتها بارعة في الغناء والتمثيل وادي دور نيمورينو والذي نجح ايضا في التمثيل والغناء وخاصة آرية "الدمعة المختلسة" التي يغنيها في ختام الفصل الثاني والتي تعد اختبارا قويا له أجتازه بنجاح استحق التصفيق الذي حاز به خاصة انها من اشهر آريات التينور ويتم اداؤها بطريقة استعراضية صعبة مع تعبير قوي عن المشاعر ايضا عزت غانم في دور الضابط بلكوري جاء متميزا رغم انه دائما يغلب عليه التمثيل علي الغناء ولكن في هذه الليلة اري انه استطاع إلي حد ما أن يحدث التوازن مع أنني كنت افضل لهذا الدور باريتون فقط وليس باص باريتون كما ان نورسيتا المرغني التي لعبت دور "جيانيتا" فكانت جيدة أما رضا الوكيل "باص" والذي لعب دور دولكامارا الدجال بائع اكسير الحب واداه في جميع ليالي العرض دون بديل اؤكد انني اشعر بالفخر كلما استمع اليه لان اداءه علي مستوي عالمي بل يتفوق فيه علي بعض نجوم العالم حيث نجد فهماً كبيراً للشخصية وتمثيلاً جيداً ومن الناحية الغنائية دقة في اداء النوتة ووضوح الالفاظ ومحافظة شديدة علي اللحن مع جمال في الصوت ونضج وخبرة واضحة في كل حركة علي المسرح بالاضافة محافظته علي الجانب الكوميدي الذي يميز هذه الشخصية.. وبالنسبة للكورال جاء أداؤه متفوقا وجميلا وافضل في هذا يعود لقائده الدومنياتو ودعونا لاننسي عازف البيانوجريج مارتن مدرب السوليست. العمل أمتاز بثراء بصري علي المسرح حيث نجح مخرجنا عبدالله سعد في استثمار المشاهد الجماعية التي جاءت جميلة ومبهجة وبها كثرة عددية تم تحريكها بدقة وتميز أيضا الحركة المسرحية للمغنيين كانت جيدة بما يتناسب مع هذا اللون من الاوبرات ايضا ساهم في جمال الصورة رقصات الباليه التي صممها مجدي صابر وأداها أعضاء فرقة باليه أوبرا القاهرة وقد ساعد علي نجاح العرض بقية العناصر المسرحية من ديكور محمد الغرباوي وإضاءة رضا ابراهيم وصوت خالد درويش والملابس والاكسسوار والماكياج والتي كانت جميعها بأيدي مصرية.