لم يعرف التاريخ الإسلامي منذ ظهور الإسلام ماهية الدولة الدينية "الثيوقراطية" فبعد الخلفاء الراشدين تعاقبت علي المنطقة العربية أنواع من الحكم الوراثي الذي اعتمد علي مبدأ التوريث ولم نر أبدا في التاريخ الإسلامي دولة دينية لدين واحد أو لا تقبل الآخر أو يسيطر عليها رجال الدين بتفويض إلهي بل كانت حقيقة الدولة الإسلامية دولة مدنية لا يحكمها رجال الدين بل إن الفقه الإسلامي نفسه كان في كثير من أحكامه فقها وضعيا اعتمد علي الاجتهاد فآصبح قريبا للقانون يتغير بتغير الحالات.. وقد ظهر مفهوم الدولة الدينية في أوروبا بدايات القرون الوسطي والتي سميت بالعصور المظلمة حين علا دور الكنيسة وادعت لنفسها سلطة دينية في الأرض وتمادي رجال الدين في الطغيان وأحرقوا وقتلوا كل من يخالفهم واتهموا العلماء بالمهرطقين الكافرين وأحرقوهم وجمعوا الأموال وألغوا العديد من العلوم حتي غرقت أوروبا في الجهل والتخلف والانحطاط فانتشرت الخرافات والاعتقاد في المعجزات في نفس الوقت الذي علت فيه الدولة الإسلامية بعلومها وفنونها فتطورت الصناعة والعلوم كالطب والرياضيات والفلسفة. أما بالنسبة لمصطلح العلمانية فدائما ما كان مثار جدل شديد بين مويد ومعارض حتي وصل بعض الغلاة لتكفير العلمانيين والخلط بينهم وبين الملحدين ولكن ما هو تعريف العلمانية؟! العلمانية هي ترجمة خاطئة للكلمة الإنجليزية secularism حيث تعني تلك الكلمة في اللغة الإنجليزية الشعب وصارت بعد ذلك تدل علي القضايا الشعبية وقد برز ذلك المصطلح في أوروبا كرد فعل علي تعصب الكنيسة وسيطرتها ليعني فصل الدين والمعتقدت الدينية عن السياسة وحكم الدولة.. وفي تعريف آخر للعلمانية: هي استخدام أساليب المنهج العلمي في إدارة جميع شئون الحياة بعيدا عن أي معتقدات دينية.. وفي الحالة المصرية فما ينادي به البعض من علمانية الدولة ليس كفرا فالدولة المدنية هي الأصل في الإسلام فلم تكن دولة العباسيين أو الأمويين أو حتي العثمانيين دولة دينية يحكمها رجال الدين وإذا تخيلنا الأمر في مصر واتبعنا رأي المنادين بدولة دينية فالسؤال الذي يتبادر لذهني كيف سيكون الجدل والخلاف. والصراع في تلك الحالة هو هل هي دولة دينية بمفهوم الأزهر أم تنظيم الإخوان العالمي أم السلفيين أم التبليغ والدعوة أم الصوفيين أم الجهاد الإسلامي أم.. أم.. أم ولتوضيح الأمر هنا فجميع هؤلاء خلافاتهم السلفية متعددة تصل في الكثير من الأحيان لحد تكفير أو رفض الآخر فلا ننكر أن تعدد المذاهب والتيارات الإسلامية يحيرنا إذا ما أقدمنا علي الخطوة الإيرانية.. وأنادي هنا بعودتنا لمصريتنا كمصريين همنا الأول بناء مصر ونهضتها وجعلها بلدا متحضرا وينعم فيه الجميع بالحرية والعدالة والأمل في مستقبل أفضل.