المستشفيات الجامعية تمثل طوق النجاة للمرضي غير القادرين.. صحيح أن الأداء الإداري والخدمي والتمريضي ومستوي العنابر كان مثاراً لانتقادات حادة.. لكن لا أحد ينكر أنها تقدم خدمة طبية برعاية كبار أساتذة كليات الطب.. والأهم أن هذه الخدمة مجانية. أو شبه مجانية.. فكان قصر العيني والدمرداش.. وهما الأكبر بين 88 مستشفي جامعياً. ملاذ المريض الفقير. خاصة في الأمراض الصعبة والجراحات المعقدة.. وكان المتردد عليها يري الوجوه المصرية الأصيلة من أعماق الريف ونجوع الصعيد. ما بين المرضي وزوارهم. هذه المستشفيات أيضاً ظلت قادرة علي إحداث التوازن المطلوب طبياً واجتماعياً مع المستشفيات الخاصة. فلكية الأسعار.. والحلقة الوسط المتمثلة في مستشفيات التأمين والمؤسسة العلاجية التابعين لوزارة الصحة.. إلي جانب الدور التعليمي والبحثي لتلك المستشفيات.. حيث الأساتذة وطلاب الطب وحديثو التخرج في بوتقة واحدة مع المرضي لخدمة الطب.. فكانت هذه المتسشفيات منظومة متكاملة غير متحققة في أي نوع آخر. لذلك عندما يتجه التفكير لإعادة تنظيم هذه المستشفيات من خلال قانون جديد لابد أن يراعي هذا القانون هذه القواعد الأساسية التي تقوم عليها فلسفة عمل ووجود هذه المستشفيات لا أن يهدمها!! فالمشروع الجديد الذي تتبناه الحكومة وتتولاه وزارة التعليم العالي.. أولاً ظهر فجأة لتعلن كل الأطراف أنه أعد بعيداً عنها. فكليات الطب ونقابة الأطباء. بل والمديرون القائمون علي عمل تلك المستشفيات لم يؤخذ رأيهم!! والجميع وجه انتقادات حادة للقانون. وبعضهم وصفه بالكارثة لأنه يفتح الباب أمام خصخصة الخدمة الطبية المقدمة من خلال تلك المستشفيات. فقد تجاهل القانون أي دور لموازنة الدولة في دعم المستشفيات الجامعية ونص علي الموارد الذاتية. ومنها أن الخدمة الطبية ستكون بأجر لكل المستويات.. كذلك فصل بين كليات الطب وتلك المستشفيات ليضرب تدريب الطلبة والأطباء ومعهم البحث العلمي في مقتل.. كما جعل التعاقد مع أساتذة الطب فيها انتقائياً من وزير التعليم العالي الذي وضع في يده أيضاً كل الصلاحيات والسلطات. فهو الذي يختار أعضاء المجلس الأعلي لتلك المستشفيات. ويختار المديرين التنفيذيين بها. هذه السلبيات الواضحة والمتعمدة في القانون. جعلت كليتي طب عين شمس والقاهرة والمستشفيات التابعة لهما. يرفضون القانون صراحة. ويشكلون لجنة لوضع مسودة قانون جديد.. المجلس الأعلي للجامعات منحهم شهراً لإنجاز هذه المهمة.. الأرقام تقول إن هذه المستشفيات تستقبل 16 مليون مريض سنوياً من خلال 29 ألف سرير. و3 آلاف سرير عناية مركزة.. ويعالج بها 70% من الحالات الحرجة والمعقدة.. لذلك أحسنوا الخدمة. لكن اتركوا تلك المستشفيات ملاذاً لفقراء هذا البلد.