في نهاية الستينيات حققت لي مصر للطيران أمنية غالية حيث أتاحت لي السفر إلي الجزيرة الساحرة هونج كونج.. سافرت إليها بعد الحصول علي تأشيرة دخول من القنصلية البريطانية في القاهرة لسبب بسيط وهي أنها لم تكن في واقع الأمر حرة.. بل كانت أرضا صينية ومؤجرة لبريطانيا بموجب معاهدة تم توقيعها عام 1894 في أعقاب الحرب الصينيةاليابانية والتي وافقت بمقتضاها الصين علي تأجير الجزء الشمالي من جزيرة جير لونج التي تقع في نطاقها هونج كونج وتقضي المعاهدة بأن يبدأ التنفيذ عام 1898 ولمدة 99 عاماً.. وفعلا أعادت بريطانيا الجزيرة إلي حضن الأم الصين في 30 يونيه من .1997 وكان خط مصر للطيران يسير مرتين أو ثلاثاً كل أسبوع ويقلع من القاهرة إلي الكويت ثم بومباي "الهند" وبانجكوك "تايلاند" ومانيلا "الفلبين" ثم هونج كونج وأخيراً مطار تارتيا بطوكيو "اليابان".. ولأسباب اقتصادية ألغت مصر للطيران الهبوط في هونج كونج وأجرت تعديلات في خط السير. تذكرت هونج كونج عندما استمعت إلي الرئيس عبدالفتاح السيسي حيث أعلن في بكين عن رغبته في دراسة العائد الاقتصادي لإعادة تشغيل الخط المباشر إلي هونج كونج. وبمناسبة الحديث عن الصين فقد شاءت الظروف أن أسافر إلي تايبيه عاصمة تايوان والتي كان يطلق عليها الصين الوطنية.. أو فرموزا. ومضت بعد ذلك رحلاتي إلي الصين فسافرت إلي بكين عدة مرات.. وفي كل مرة كنت أسافر إليها أجد فيها شيئاً مختلفاً.. في البداية ربما كان ذلك في نهاية السبعينيات أو الثمانينيات.. حيث كانت الصناعة فيها متواضعة.. وأسعارها رخيصة جداً وكانت هناك محلات شعبية بأسعار أيضا شعبية بالاضافة إلي محلات أو أكشاك الباعة الجائلين لبيع بعض الصناعات التقليدية والحرير الصيني الطبيعي في الوقت نفسه كانت هناك سوق حرة لبيع البضائع الأجنبية الصنع وأطلق عليها "فريندز" أي الأصدقاء والبيع فيها بالعملات الأجنبية.. وبصراحة أقول لم يكن الشعب يعرف أي لون من ألوان الرفاهية وكانت وسيلة المواصلات الرئيسية في الصين هي الدراجات أما السيارات فكانت نادرة.. وكان عدد الفنادق فيها قليلاً.. لأن السياحة إليها من مختلف بلاد العالم ضعيفة. ولكن بقاء الحال علي ما هو لم يستمر طويلاً فقد شاهدت بعد عدة أعوام.. طريقاً رائعاً يصل بين مطار بكين ووسط المدينة ويبلغ طوله نحو 33 كيلو متراً علي ما أتذكر ويومها قال لي السفير المصري تصور هذا الطريق تم تمهيده وتعبيده في ثلاثة أشهر فقط.. وكان هذا مؤشر خطط التطوير التي أرستها الحكومة الصينية لاقتصادها.. وأتذكر أيضا أنني زرت مرة أحد المصانع الذي قام علي أبحاث واختراعات قامت بها إحدي الجامعات وعرفت أن مثل هذه المصانع.. لم تعد قاصرة علي جامعة واحدة بل إن كل جامعة صينية لديها مركز أبحاث ومصنع يقوم بالإنتاج علي هذه الأبحاث. إنهم لا يعرفون غير العمل.. أما كثرة الإنجاب فهذا ممنوع.. ولكل أسرة الحق في إنجاب طفل واحد ومعني ذلك أنه خلال فترة بسيطة لن يكون هناك في الصين عم أو خال.. وستصبح الدولة هي العم والخال لكل الصينيين.