سوف يتوقف التاريخ كثيراً أمام زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للصين ونتائجها المبهرة وفي مقدمتها توقيعه وثيقة "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" بين البلدين مع الرئيس الصيني "شي شين بينج". الزيارة في حد ذاتها تخلق توازناً إقليمياً.. فهي رسالة واضحة لكل ذي عينين أن مصر ليست حكراً علي الغرب عامة وأمريكا خاصة.. بل هي منفتحة علي الجميع في إطار المصالح المشتركة واحترام الخصوصيات. أما النتائج فهي مهولة.. فلا أحد يمكن أن يقلل من أهمية الاتفاقيات التي وقعت باستثمارات مباشرة في مختلف المجالات.. أو من فتح أسواق الصين أمام المنتجات المصرية لعلاج الميزان التجاري.. أو من دعوة المستثمرين الصينيين للمساهمة في مشروع قناة السويس الجديدة.. أو من الاتفاق علي استثمار الصين في أكبر مجمع اقتصادي بالمركز اللوجيستي ومدينة التجارة.. أو من بناء الصين للقمر الصناعي "مصر سات 2".. أو من تأييد مصر لإحياء طريق الحرير.. أو من دعوة الرئيس للصين لحضور القمة الاقتصادية وإعلانه أن مصر أجلتها إلي مارس القادم حتي لا تتعارض مع الأعياد الصينية.. أو من اقتراح إقامة جامعة تكنولوجية بالإسماعيلية الجديدة.. أو من مشاركة بكين في استصلاح 4 ملايين فدان.. فكلها خبطات مدوية. أما توقيع وثيقة "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" فإنها الضربة القاضية التي ستفقد الغرب وأمريكا الوعي لعقود قادمة خاصة أن هذا النوع من الوثائق حصرته الصين في عدد محدود جداً من دول العالم. لم يكن تحقيق هذه النتائج الضخمة ضربة حظ.. بل استند إلي اسم مصر ومكانتها وموقعها وريادتها ورغبتها الصادقة في رفع مستوي العلاقات بين البلدين.. كما استند إلي "الكاريزما" التي يتحلي بها الرئيسان السيسي وبينج واتفاق الرؤي تماماً بينهما.. وإلي العمل الدءوب والصادق من الرئيس منذ وطأت قدماه بكين وهو ما دعا الرئيس الصيني إلي أن يقول للرئيس السيسي: "زيارتك نجحت".. إنها شهادة حق بمليون شهادة. بالمناسبة.. لقد أجري الرئيس السيسي حواراً مع الوفد الإعلامي المرافق له.. وقد استوقفتني عدة عبارات للرئيس في مقدمتها: أنه كان يدرك حجم التحديات منذ 2011 وأن رؤيته تجاهها لم تتغير.. وأن الدول التي تريد النيل من مصر لا تستسلم ولديها مخططات بديلة لإضعاف مصر والمنطقة ومن الضروري مواجهة هذه المخططات بقوة.. ونسعي خلال عامين لإنجاز مشروعات كبري في أسرع وقت كي يستطيع البلد التحمل بعد خراب دام 30 سنة.. وأن الجهاز الإداري للدولة لا يمكن إصلاحه بصورة شاملة في شهور أو أعوام قليلة ولكنه يحتاج ما بين 15 إلي 20 سنة نظراً لضرورة مراعاة الجانب الاجتماعي للعاملين ولكننا نسعي للتطوير والتدريب للحد من الآثار السلبية وتحسين الأداء والحد من الفساد.. وأنه يجب الحفاظ علي مؤسسات الدولة حتي رغم عدم الرضا عن أدائها وهو هدف استراتيجي.. وعندما يري المواطن أنه تم الانتهاء من حفر قناة السويس الجديدة في عام بدلاً من خمسة أعوام ومن مشروع إقامة مركز الحبوب والغلال العالمي في عامين بدلاً من خمسة فإنه سيشعر بما يتحقق بالفعل علي أرض الواقع. من المؤكد أن الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل قد تابع هذه التصريحات وأيقن أن دعواته التدميرية ومزاعمه قد ذهبت أدراج الرياح.. وتعالوا أذكِّركم وأذكِّر نفسي بما زعمه الأستاذ ودعا إليه: * الرئيس السيسي كان لديه تصور للمشكلات ولكنه وجد أكثر مما يتوقعه وأن الحقيقة أعمق من الأرقام التي يحفظها..!! آنستنا يا أستاذ..!! * علي الرئيس السيسي أن يثور علي نظامه..!! شرفتنا يا أستاذ..!! * لا يمكن ن يُبني مستقبل علي مصنع وطريق وقناة..!! لا فُض فوك يا أستاذ..!! ليتك يا أستاذ توفِّر نصائحك وتنظيراتك ورسائلك لأصدقائك فيما وراء الأطلنطي. وترجع بألف سلامة سيادة الرئيس.