لا أدري هل يجد الصحفيون وقتا لقراءة دراسة علمية تكشف عن قصور في تناول بعض الصحف اليومية لشئون الاقاليم وتركيزها علي العاصمة السياسية أكثر.. رغم أن المحافظات يمكنها أن تكون بابا واسعا لزيادة انتشار الصحف القاهرية اليومية المطبوعة في ظل المنافسة الشرسة من الإعلام الالكترونيي والفضائي. ركزت الدراسة وهي بالمناسبة أطروحة نالت بها الباحثة المتميزة سميرة محمد موسي المعيدة بقسم الاعلام بآداب كفر الشيخ درجة الماجستير بتقدير ممتاز. وأشرف عليها د. محمود علم الدين أستاذ الصحافة بإعلام القاهرة. ود. محمد عبدالفتاح عوض مدرس الصحافة بآداب الزقازيق- علي أطر معالجة شئون الاقاليم في الصحافة المصرية اليومية باستخدام نظرية "الأطر الخبرية" من خلال صحف ثلاث. مثلت الاتجاهات القومية والحزبية والخاصة. ليس من بينها جريدة المساء التي تفرد صفحتين يومياً لمعالجة قضايا وهموم الاقاليم. ولو قدر للباحثة اختيارها ضمن العينة لجاءت النتائج بشكل أكثر إيجابية وموضوعية نظراً لتميز المساء بتلك التغطية كما وكيفا وتفاعلا رغم ما تواجهه من صعوبات لا مجال هنا للخوض فيها. ما يهمنا هنا أن الدراسة جاءت مبشرة في جوانب. ناقدة لجوانب أخري وفي كل خير. عملا بمبدأ رحم الله امرءاً أهداني عيوبي.. أما عن البشريات فلا تزال الصحافة المصدر الرئيسي للأخبار المحلية التي يستقي منها الجمهور معلوماته عن عالمه ومجتمعه المحيط بحسبانها إحدي أهم أدوات التغيير والاصلاح المجتمعي رغم النمو المتسارع للإعلام الالكتروني. وزحف السوشيال ميديا علي حياتنا بشكل طاغ.. وجاءت الصحف القومية الاكثر تفضيلاً لدي جمهور الاقاليم رغم مآخذ الدراسة علي بعضها.. الأمر الذي يؤكد ضرورة المسارعة بحل مشاكلها وإطلاق يدها للمنافسة. كما سبق أن طالبنا في هذا المكان!! غلب الاتجاه السلبي علي معالجة الصحف اليومية الثلاث-عينة الدراسة- لشئون الاقاليم. وتضاءل الاتجاه المحايد. ولم تحقق أي صحيفة منها الافضلية المطلقة في تغطية المحافظات.. بينما تركت الملكية أثراً واضحاً في توجهات تلك الصحف وسياستها التحريرية. حيث أشادت "القومية" بإنجازات الحكومة. وبالغت "الحزبية" في إظهار سلبياتها. وتربعت قضايا الإدارة المحلية. مشاكلها وفسادها. والانتخابات علي اهتمامات تلك الصحف. بينما تراجع الاهتمام بالتعليم إلي المرتبة الخامسة "وهو ما قد يفسر سر تخلف المنظومة التعليمية وضعف المنتج العلمي عندنا".. وقبعت قضايا البينة والفساد وارتفاع الاسعار في قاع الاهتمامات.. بينما مثلت الخدمات والمرافق والتنمية والاضرابات والاحتجاجات واسطة العقد في اهتمامات الصحف اليومية موضع الدراسة. الدراسات التطبيقية خطوة مهمة لتقييم أداء الصحف. فهي تقدم تفسيراً منتظما لدورها في تشكيل الافكار والاتجاهات حيال القضايا البارزة وعلاقة ذلك باستجابات الجمهور المعرفية والوجدانية لتلك القضايا.. وهو ما حاولته الباحثة بجهد وموضوعية.. وكنا نأمل لو ازدادت العينة المفحوصة لتكتمل الصورة.. لكن ما لا يدرك كله لايترك كله.. ولله وحده الكمال.