سور مجري العيون.. أحد أهم الآثار الإسلامية في منطقة مصر القديمة.. وهو عبارة عن مجري مائي علوي ينقل المياه من نهر النيل إلي منطقة القلعة. هذا الأثر أصبح الآن مقلبا للقمامة وليست القمامة العادية فقط ولكن أيضا بات مقلبا لمخلفات المدابغ.. والمؤسف والمحزن انه أصبح "مأوي" للمجرمين والمدمنين مما جعله مرتعا للأوبئة والأمراض. تجولت "المساء" بسور مجري العيون الذي أصبح يبكي بالدموع من كثرة مشاكله من الداخل والخارج.. فالقمامة متراكمة وتسد بعض العيون الصغيرة للمجري.. و"الخيول" و"الحمير" تجمعت خارج المجري في شكل غير حضاري.. هذا بخلاف انتشار عربات الكارو المحملة بمخلفات البناء التي تقوم بإلقائها في المنطقة. أما المصيبة الكبري فتكمن خلف المجري حيث تنبعث الروائح الكريهة التي تصل للخارج وتعم المكان وأيضا تلال القمامة ومخلفات المدابغ من أصواف الخراف وغيرها تشوه المكان. أما عن مخلفات المدمنين فحدث ولا حرج.. فسرنجات "ماكس" وزجاجات "التسوفان" ملقاه في كل مكان وراء المجري.. ناهيك عن حالات الاختطاف والاعتداء التي تتم هناك حيث تمثل المنطقة فخا من قبل البلطجية لاصيطاد المارة وسحبهم إلي ما وراء المجري وتجريدهم من متعلقاتهم الشخصية والاعتداء عليهم مما يجعل السير في الأماكن المحيطة بالمجري خطرا داهما أثناء الليل. أما سكان المناطق القريبة من المجري فيعانون من مشكلات عديدة نتيجة تواجد المدابغ خلف سور المجري مشيرين إلي أن الأدخنة والمواد الكيميائية المنبعثة تسبب لهم مشاكل في الجهاز التنفسي. بالإضافة إلي تضررهم من مخلفات المدابغ التي تتسبب في انسداد شبكات الصرف الصحي في نشر الأوبئة.. بالإضافة إلي الروائح الكريهة التي تنطلق من جلود المواشي المتعفنة أثناء مراحل دبغها. وكل ذلك يحدث رغم تواجد مستشفي 57357 بالقرب من سور المجري مما يزيد من معاناة مرضاها مما يسترعي إيجاد حل جذري وفوري لمشكلات المنطقة. كان المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء قد زار منطقة مجري العيون السبت الماضي وحث الأهالي علي تنظيفها. منوها إلي أن الحكومة سوف تعمل علي تطوير صناعة دباغة الجلود التي تمثل المصدر الأول لرزق أصحابها مؤكدا ان المدابغ سوف يتم نقلها إلي منطقة الروبيكي بمدينة بدر علي طريق الإسماعيلية الصحراوي. "المساء" رصدت معاناة سكان المنطقة يقول شكا عبدالله سيد نحن نعاني من تراكم القمامة بصفة مستمرة حول المجري مؤكدا أن الحي يتولي إزالتها يوميا لكن سرعان ما يقوم "العربجية" بإلقاء المزيد منها ومن مخلفات البناء مرة أخري وبالتالي يجب أن يتم نشر أفراد أمن في المنطقة لحمايتها. أضاف ان المدابغ تمثل بؤرة لنشر الأوبئة بما تبعثه من أدخنة ومواد كيميائية مسرطنة وروائح كريهة في ظل قرب مستشفي "57357" مما يمثل كارثة حقيقية علي مرضاها. يقول محمد كرم إن منطقة ما وراء المجري تمثل خطرا داهما علي المارة حيث يختبئ فيها مدمنو المخدرات وتتم فيها عمليات الاختطاف والاعتداء والإجرام.. هذا بخلاف انتشار العشش العشوائية لتجار المخدرات والمسجلين خطر خلف سور المجري بمناطق "حوش الغجر" وعزبة "أبوقرن" وعزبة "هريدي" و"الجيارة". أضاف انه لابد من القضاء علي جميع ألوان الإجرام والأوبئة التي تهدد المكان وكذلك الحفاظ عليه وتطويره كأثر إسلامي رائع مع مراعاة إيجاد حلول موضوعية لمشكلات المدابغ وتطوير صناعاتها دون الدخول في مشاكل مع أصحابها لأنهم لن يوافقوا علي نقلهم. يقول محمد الشعار "تاجر جلود" ان تجارة الجلود وصناعة الدباغة تمثل المصدر الأساسي لرزقه ورزق الكثير من العمال الذين يعملون بها.. مؤكدا أن تجار الجلود علي أتم استعداد لتطوير سور مجري العيون بأنفسهم وعلي حسابهم وسوف يحولونها إلي بزارات سياحية لبيع منتجات الجلود من شنط وسجاجيد وغيرها ويتعهدون بإزالة القمامة والحفاظ علي حرمة المكان ومنع دخول المجرمين ومتعاطي المخدرات. طالب "الشعار" من الحكومة بالسماح لتجار الجلود بإقامة الأكشاك أو تأجيرها لهم بالأسعار التي تحددها بحيث يبيعون فيها منتجات الجلود في مظهر حضاري مشرف لمصر وتتحول المنطقة إلي مكان سياحي أثري. أما بالنسبة للروائح الكريهة والمشكلات التي تنجم عن المدابغ فقد أكد "الشعار" أن السبب الرئيسي لها كون المصانع والماكينات الخاصة بالدباغة بدائية وبالتالي لابد من العمل علي تحديثها أو استبدالها بأخري متطورة بدلا من نقل المدابغ لمدينة بدر لأنها بعيدة وسوف يصعب علي أصحاب المدابغ والعمال الانتقال إليها. أضاف أن صناعات الدباغة تجلب لمصر العملة الصعبة من خلال تصدير المنتجات الجلدية للخارج. وبالتالي يجب علي الحكومة الحرص علي تطوير هذه الصناعات بما لا يضر بمصالح العاملين بها. ذهبت "المساء" لماهر صبحي رئيس حي مصر القديمة وناقشته في المشكلات التي رصدتها فأكد أنه سيتم إنشاء نقطة أمنية بمنطقة سور مجري العيون قريبا وذلك لتحقيق الأمن والأمان للمواطنين ومنع الإجرام وتعاطي المخدرات التي يتم خلف السور. أضاف انه لم تصله أية معلومات تفصيلية عن نقل المدابغ من المنطقة إلي الروبيكي بمدينة بدر موضحا أن انسداد شبكات الصرف الصحي يرجع إلي إلقاء خلفات المدابغ فيها مشيرا إلي أن المدابغ تحتاج تطويرا.